وطنا اليوم:أثار تجسيد ممثلة ذات بشرة سمراء لشخصية الملكة كليوباترا في وثائقي جديد يرتقب أن تبثه “نيتفلكس” جدلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث أعادت طرح نقاش “الأفروسنتريزم” وتاريخ مصر القديم مع اتهامات للمنصة بـ “تزوير المعطيات التاريخية الثابتة”.
ورافق الإعلان الترويجي الذي أصدرته المنصة على “يوتيوب” لسلسلتها الوثائقية الجديدة حول حياة الملكة الفرعونية، عشرات التعليقات الرافضة لشكل وملامح “كليوباترا” التي تجسد شخصيتها الفنانة الأميركية أديل جيمس.
وقالت المنصة إن السلسلة الوثائقية التي تعرض يوم 10 ماي المقبل، تأتي لاستكشاف حياة الملكات الأفريقيات البارزات والمبدعات، حيث ستخصص الموسم الأول لكليوباترا التي عدتها أشهر امرأة في العالم وأكثرها قوة، لافتة إلى أنه “أسيء فهمها، حيث طغت شهرتها كملكة جريئة وجميلة ورومانسية على معدنها الحقيقي، المتمثل في ذكائها”.
واعتبر النص التقديمي لإعلان الفيلم الذي أنتجه جادا نينكيت سميث، زوجة النجم الأميركي الشهير ويل سميث، أن تراث “كليوباترا كان موضوع الكثير من الجدل الأكاديمي، والذي غالبا ما تم تجاهله من قبل هوليوود”، مضيفا أن السلسلة ستعيد “الآن تقييم هذا الجزء الرائع من قصتها”.
وانتقدت التعليقات المرافقة للفيديو ومنشورات على منصات التواصل الاجتماعي، تجسيد الممثلة ذات الملامح الأفريقية لدور الملكة ذات الأصول اليونانية والمقدونية، معتبرين أن الفيلم “يزيف وقائع تاريخية ثابتة”.
وتشير المصادر التاريخية إلى أن الملكة كليوباترا السابعة والمعروفة باسم كليوباترا هي آخر ملوك الأسرة المقدونية، التي حكمت مصر منذ وفاة الإسكندر الأكبر في عام 323 قبل الميلاد، وحتى احتلال مصر من طرف روما عام 30 قبل الميلاد.
وعلق زاهي حواس وزير الآثار الأسبق وعالم الآثار، على الفيلم قائلًا: «ذلك تزييف تمامًا، كليوباترا كانت يونانية، بمعنى أنها كانت شقراء وليست سوداء»، واعتبر أن الفيلم «تزييف للحقائق ومحاولة جذب أسماء تاريخية لامعة مثل الملكة كليوباترا، بهدف الترويج أن الحضارة المصرية سوداء».
وأشار حواس إلى أن هناك توجهًا في العالم خلال السنوات الأخيرة يتزعمه السود الأمريكان والسود في أمريكا الجنوبية، لزعم أن الحضارة المصرية أصلها سوداء، مؤكدًا أن «هذا الكلام ليس له أي أساس من الصحة إطلاقًا».
كما هاجم مجموعة من المعلقين منصة نتفلكس، واتهموها بـ”التحيز العرقي”، في هذا الجانب كتب أحد المعلقين: “المؤرخين اختلفوا في كل شيء واتفقوا أن كليوباترا كانت يونانية مقدونية من عشيرة يوليوس قيصر ولدت في الإسكندرية، لكن نيتفلكس تدعم مشروع أن السبب في الحضارة المصرية القديمة ليس المصريين”.
وكتبت مغردة أخرى في تفاعلها مع إعلان الفيلم: “لم تكن كليوباترا سوداء، فهذا غير دقيق تاريخيا. هذا ليس فيلما من إنتاج ديزني عن حورية البحر الخيالية أو الجنية، فهذه سلسلة وثائقية يجب على الأقل تصحيح عرق الشخصيات”.
فيما ربط عدد من المعلقين الآخرين الموضوع بحركة المركزية الأفريقية “الآفروسنتريزم”، التي تعد تيارا ثقافيا وسياسيا، يسعى إلى “إبراز الهوية والمساهمات الثقافية الأفريقية في تاريخ العالم”، وتروج لمجموعة من النظريات عما تعتبره “التاريخ الحقيقي للعالم”.
وقال أحد المغردين في تغريدة مرفوقة بالمنشور الرسمي للفيلم “هذا اسمه تخريف ورسميا كده نيتفلكس بتدعم الافروسنتريك، كليوباترا إغريقية والإغريق مش سمر”.
وكتبت مغردة أخرى: “فيلم كامل بيتكلم عن مصر وكيلوباتيرا، الفيلم يروج للافروسنتريك، بمعنى أن مصر أصلها افارقة سود واحنا عرب محتلين والتاريخ بيعيد نفسه”.
الناقدة الفنية، ماجدة خير الدين، اعتبرت أن هذا العمل يمثل “اعتداء على التاريخ وتحريفا فنيا ضد المنطق والواقع”، مضيفة أن “كليوباترا كانت من أسرة البطالمة وكانت لها مواصفات شكلية متوسطية، ولم تكن أفريقية نهائيا”.
واعتبرت الناقدة المصرية في تصريح، أن “محاولات تزوير التاريخ تكررت في الفترة الأخيرة، معتبرة أن مثل هذه الأعمال عبارة عن “محاولة لسرقة الحضارة الفرعونية، وتكرس مساعي فصل الحضارة الفرعونية عن مصر”.
وتساءلت المتحدثة ذاته، عن مصلحة شركات الإنتاج الكبرى من تصوير تصوير الشخصية التاريخية بمواصفات نعلم جميعا أنها غير حقيقية، بحسب المعطيات التاريخية”، مشددة على ضرورة “حماية كل حضارة من التزوير والبعث المتعمد لخلط الأنساب التاريخية”.
وتعتبر خير الله، أن جزءا كبيرا من الدول الغربية تعاني من “عقدة الذنب بسبب تاريخها الاستعماري والعنصري” وتحاول اليوم تصحيح أخطائها بارتكاب أخطاء جديدة ضد حضارات وثقافات أخرى.
وتشير المتحدثة ذاتها إلى أن تاريخ الدول الأفريقية مليء بقصص وأساطير وشخصيات ذات بشرة سمراء وملامح أفريقية تستحق تسليط الضوء عليها، عوض تلوين شخصيات أخرى بما وصفته “اللون الأفريقي”
جدير بالذكر أن فبراير الماضي قد شهد إلغاء حفل للكوميديان الأميركي كيفن هارت، بعد حملة على وسائل التواصل الاجتماعي بسبب تصريحات منسوبة إليه بشأن “الأفروسنتريزم”