وطنا اليوم:أقر المهندس الأمريكي مارتن كوبر، الذي اخترع الهاتف الجوال قبل خمسين عاماً، بأن هذه الأجهزة التي ابتكرها باتت تطرح مشكلة تتمثل في أن الناس يمضون كثيراً من الوقت في استخدامها، وفق ما صرح به مخترع الهاتف المحمول لوكالة الأنباء الفرنسية الخميس 30 مارس/آذار 2023.
يقول مارتن كوبر إن القدرات الكامنة للهواتف المحمولة غير محدودة، ويمكن أن تساعد يوماً في القضاء على الأمراض، لكنه يرى أن الناس أصبحوا ربما مدمنين عليها نوعاً ما.
كما قال المخترع البالغ من العمر 94 عاماً، لوكالة فرانس برس، بمكتبه في ديل مار بولاية كاليفورنيا: “تصدمني رؤية الناس يعبرون الشارع وينظرون إلى هواتفهم المحمولة. لقد فقدوا عقولهم”. ويضيف مازحاً: “عندما تدهس السيارات بعض الأشخاص، سيفهمون ذلك”.
يضع كوبر مخترع الهاتف المحمول ساعة “آبل” المتصلة بالإنترنت على معصمه، ويحمل أحدث أجهزة “آيفون”، وهو يشتري موديلات الهواتف الجديدة ويتعمق في اختبار قدراتها.
لكنه يعترف بأن ملايين التطبيقات المتاحة تجعل المرء يشعر بالدوار. ويقول: “لن أتمكن أبداً من معرفة كيفية استخدام الهاتف المحمول بالطريقة التي يستخدمه بها أحفادي وأبناء أحفادي”.
أول مكالمة أجراها مخترع الهاتف المحمول
الهاتف الخليوي الذي يحمله مارتن كوبر ويستخدمه بالدرجة الأولى لإجراء المكالمات، لا يمتّ بِصلة إلى تلك الكتلة الثقيلة من الأسلاك والدوائر الإلكترونية التي استخدمها لإجراء أول مكالمة من هاتف جوّال بالتاريخ في 3 أبريل/نيسان 1973.
كان مخترع الهاتف المحمول يومها يرأس فريقاً من المصممين والمهندسين من شركة “موتورولا” التي استثمرت ملايين الدولارات لمحاولة التقدّم على شركة “بل سيستم” الأمريكية العملاقة للاتصالات في تصميم أول نظام هاتف محمول.
كما أشارت “بل سيستم” إلى هذه الفكرة في نهاية الحرب العالمية الثانية، لكنها لم تتوصل إلا إلى ابتكار هواتف للسيارات منذ نهاية الستينيات؛ نظراً إلى أن بطارياتها كانت ضخمة. لكنّ هذا الأمر لم يكن يوفر حركية فعلية في نظر مارتن كوبر.
بعد ثلاثة أشهر من العمل المتواصل، تمكن فريقه أخيراً من ابتكار الهاتف الجوّال DynaTAC (داينا تاك). ويذكّر بأن “وزن هذا الهاتف كان يزيد على كيلوغرام (…)، وكانت بطاريته تتيح إجراء محادثة لمدة 25 دقيقة”.
يعلّق قائلاً إن ذلك “لم يكن مشكلة”، إذ إن الجهاز “كان ثقيلاً جداً بحيث لا يمكن حمله 25 دقيقة”. والمكالمة الأولى التي أجراها مارتن كوبر من الهاتف المحمول كانت مع منافسه في “بل سيستم” الدكتور جويل إنجل.
كما يروي مخترع الهاتف المحمول: “قلت له: جويل، أنا مارتن كوبر (…). أتحدث إليك بواسطة هاتف جوّال. لكنه هاتف جوّال حقيقي وشخصي ومحمول ويمكن إمساكه باليد”. ويضيف أن “صمتاً ساد على الطرف الآخر من الخط. أعتقد أن جويل إنجل كان يصرّ على أسنانه”.
ثورة في مجال الصحة والتعليم
لم تكن هذه الهواتف المحمولة الأولى زهيدة الثمن، إذ كان سعر الجهاز الواحد يبلغ نحو خمسة آلاف دولار.
حيث كان الوسطاء العقاريون أول من اعتمد هذه الهواتف، بحسب مخترعها. فالهاتف المحمول كان يمكّنهم من الردّ على الزبائن الجدد فيما هم يرافقون زبوناً آخر للاطلاع على منزل. ويلاحظ أن هذه الأجهزة ساهمت في “تعزيز إنتاجيتهم”.
فيما يلاحظ مارتن كوبر أن “الهاتف المحمول أصبح اليوم امتداداً للشخص، ويمكنه تنفيذ مهام أكثر بكثير”، ويتوقع أن يكون هذا الواقع “مجرد بداية”، إذ إن قدرات الهاتف المحمول بدأت للتو تُعرَف.
يتوقع مخترع الهاتف المحمول “أن يُحدث الهاتف المحمول في المستقبل ثورة بمجالَي التعليم والصحة”، ويضيف: “أعلم أنني قد أبدو كأنني أبالغ، ولكن (…) خلال جيل أو جيلين سنهزم المرض”.
بالطريقة نفسها التي تراقب بها ساعته نبضه عندما يسبح، على ما يقول، سيتم توصيل الهواتف يوماً ما بأجهزة استشعار بدنية سترصد الأمراض قبل حدوثها.
عرف المهندس السابق أن الهواتف المحمولة ستغير العالم ذات يوم، مع أنه لم يكن يتخيل كل شيء يمكنها فعله. ويقول: “كنا نعلم أن الجميع سيمتلكون يوماً ما هاتفاً محمولاً. ها قد بلغنا هذه الدرجة تقريباً”.
أما إدمان البعض استخدام هواتفهم، فواقع سيتغير، بحسب كوبر. فهو يتوقع أن “يكون كل جيل أكثر ذكاءً من الذي سبقه، وسيتعلم الناس استخدام الهواتف الذكية بكفاءة أكبر”. فالبشر، في رأيه، “يحققون دائماً تقدماً في نهاية المطاف، عاجلاً أم آجلاً”