امام مجلس الامن القومي (قنبلة الفساد)

27 فبراير 2023
امام مجلس الامن القومي (قنبلة الفساد)

العميد المتقاعد
زهدي جانبك
بناء على مؤشر البنك الدولي للفساد والذي يرصد مدى ممارسة السلطة العامة لتحقيق مكاسب خاصة ، بما في ذلك أشكال الفساد الصغيرة والكبيرة ، فضلاً عن سيطرة النخب والمصالح الخاصة على الدولة. ووفقا لبيانات الأردن من عام 1996 إلى 2021. كان متوسط التقييم للأردن خلال تلك الفترة 0.16 نقطة من 2.5 نقطة. وكان اسوأ تقييم للفساد في الاردن -0.06 نقطة عام 2002 وافضل تقييم حصل عليه الاردن 0.38 نقطة عام 2008. اما اخر تقييم فقد كان عام 2021 هي 0.05 نقطة.

1. على مؤشر الفساد والشفافية العالمي ، تراجع الاردن سنة 2022 من المركز 58 سنة 2021 بعد حصوله على 49 علامة من 100 الى المركز 61 سنة 2022 بعد حصوله على 47 علامة من 100. علما بان الاردن كان يحتل المركز 38 عام 2000 وانهار ترتيبه الى المركز 61 سنة 2022 (تراجع كبيرخلال عقدين).
وتجدر الاشارة الى ان الاردن كان قد حصل على 48 علامة من 100 سنة 2012، وبعد 10 سنوات من الحكومات الاصلاحية وعشرات اللجان الملكية والوزارية والامنية للاصلاح السياسي والاقتصادي والاداري…. تمكنت هذه الحكومات من تحقيق 47 علامة من 100 بتراجع علامة عن ما كنا عليه سنة 2012 … اي ان كل هذه الحكومات تمكنت من تحقيق فساد اكثر على هذا المؤشر. وهذا يعني:
– إما ان سياسات مكافحة الفساد فاشلة والمنفذين جيدين ، فيجب تغيير السياسات.
– وإما ان المنفذون فاشلون والسياسات جيدة ، فيجب تغيير المنفذين.
– وإما ان السياسات والمنفذين فاشلون ويجب تغيير كليهما ، وهذا هو الارجح عندي نظرا للنتائج السيئة.

وكانت اسوأ علامة حصل عليها الاردن 45 من 100 سنة 2013 وافضل علامة 54 من 100 سنة 2015….

2. خلال السنوات القليلة الماضية، تم ولأول مرة ذكر اسم جلالة الملك والملكة وبعض الامراء ورؤساء وزارات ووزراء ومدراء مخابرات ومئات الشخصيات الاردنية في تسريبات مالية عالمية بقصد الاساءة لسمعة الاردن مثل وثائق باندورا وتسريبات بنك كريديت السويسري، وقد اصدر الديوان الملكي الاردني بيانين على الاقل حول هذه التسريبات ولم يتم اتخاذ اي اجراء قانوني ضد من سرب المعلومات ان كانت معلوماته مغلوطة او ضد الشخصيات الاردنية التي وردت اسماؤهم في التسريبات (ويستثنى من هذا الملك) من الناحية الضريبية ومن ناحية تطبيق قانون (من اين لك هذا) او خليفته قانون (الكسب غير المشروع) الذان يهدفان إلى الحد من الكسب غير المشروع للمسؤولين الأردنيين، واكتفينا ببعض الاجابات السخيفة مثل ان هذه الاموال تعود لزوجتي او مصدرها زوجتي او اعطيتها لزوجتي دون اي متابعة قانونية من اي حكومة أو هيئة مكافحة فساد.

3. بتاريخ 15/5/2013 اقر مجلس النواب الاردني قانون (من اين لك هذا؟) واختفى في ادراج مجلس الاعيان وما زلنا بانتظار اقرار القانون الى اليوم، على الرغم من خروج رئيس مجلس النواب الاسبق عبدالمنعم العودات بتصريح بان قانون الكسب غير المشروع هو نفسه قانون من اين لك هذا باسم جديد “وحلة جديدة”. وبتاريخ 1/6/2014 صدر قانون الكسب غير المشروع قانون رقم 21 لسنة 2014 الذي نص على الغاء قانون إشهار الذمة المالية رقم (54) لسنة 2006 والصادر بتاريخ 1/11/2006 وكان الهدف منه ضبط الكسب غير المشروع للمسؤولين الاردنيين.

4. من حيث التنفيذ، لم يتم متابعة المذكورين بالفقرة 6 ادناه لالزامهم ومتابعة تقديمهم وثائق اشهار ذممهم المالية منذ تاريخ نفاذ القانون سنة 2014 ولم يتم الاعلان عن محاسبة اي مسؤول منهم وفقا لقانون الكسب غير المشروع (باستثناء قضية عوني مطيع وشركاه).

5. حوالي 679 مواطنا اردنيا اكثريتهم من المذكورين بالفقرة 6 ادناه وردت اسماؤهم بتسريبات بنك سويس كريدت السويسري، مجموع حساباتهم بلغت 738 حساب مجموع المبالغ فيها مليار دولار تقريبا (في بنك واحد فقط في سويسرا فقط). واكثر من 36 شركة افشور تعامل معها عشرات الشخصيات الاردنية الذين وردت اسماؤهم في وثائق باندورا ووثائق بنما … جميع هذه الاسماء والحسابات تخضع لقانون الكسب غير المشروع ، ولم يتم فتح ملف تحقيق واحد استنادا الى هذه البيانات المسربة من الملاذات الضريبية وحسابات بنك سويسرا.

6. للعلم:

يخضع لأحكام قانون الكسب غير المشروع رئيس الوزراء والوزراء، رئيس وأعضاء مجلس الأعيان، رئيس وأعضاء مجلس النواب، رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية، القضاة، محافظ البنك المركزي ونوابه، رئيس الديوان الملكي والأمين العام ووزير البلاط ومستشاري جلالة الملك والمستشارين في الديوان الملكي، رؤساء الهيئات المستقلة والسلطات وأعضاء مجالسها، رؤساء مجالس المفوضين وأعضائها، رؤساء المؤسسات الرسمية العامة والمؤسسات العامة المدنية والعسكرية والأمنية ومديريها وأعضاء مجالس إداراتها إن وجدت، رؤساء الجامعات الرسمية، السفراء وموظفي الفئة العليا ومن يماثلهم في الرتبة و/أو الراتب في الدوائر الحكومية والمؤسسات الرسمية العامة والمؤسسات العامة ، وأمين عمان وأعضاء مجلس أمانة عمان الكبرى وأعضاء المجالس المحلية المنتخبة ورؤساء وأعضاء المجالس البلدية من بلديات الفئتين الاولى والثانية ورؤساء وأعضاء لجان تلك البلديات او اللجان المؤقتة على مستوى منطقة البلدية ورؤساء البلديات أو لجانها من الفئة الثالثة والمدير التنفيذي للبلدية ورؤساء وأعضاء مجالس المحافظات المشكلة وفقاً للتشريعات النافذة، ورؤساء لجان العطاءات المركزية العامة والعطاءات الخاصة المدنية والعسكرية والأمنية ولجان العطاءات والمشتريات في الدوائر الحكومية والمؤسسات الرسمية العامة والمؤسسات العامة والبلديات وأعضاء أي منها، ممثلي الحكومة والضمان الإجتماعي في مجالس الإدارات وهيئات المديرين في الشركات التي تساهم فيها الحكومة والضمان الإجتماعيِ، رؤساء وأعضاء مجالس إدارات وهيئات المديرين أو أي مدير عام في الشركات والمؤسسات المملوكة بالكامل للحكومة أو الضمان الإجتماعي أو المؤسسات الرسمية العامة أو المؤسسات العامة وأعضاء مجالس النقابات المهنية والعمالية ورؤساء وأعضاء مجالس الاتحادات الرياضية والعمالية والخيرية والتعاونية ورؤساء الأحزاب وأمناؤها العامون ، والموظفين الرئيسيين في دائرة الجمارك العامة ودائرة ضريبة الدخل والمبيعات ودائرة الاراضي والمساحة وأمانة عمان الكبرى وشاغل أي وظيفة اخرى يقرر مجلس الوزراء اخضاعها لأحكام هذا القانون.

بموجب الدستور، مجلس الامن القومي هو المسؤول عن معالجة ما يهدد الامن القومي الاردني داخليا وخارجيا ولذلك سبق وان خاطبته اعلاميا لتحذيره من حساسية :
1. القنبلة الديموغرافية واثرها على الامن القومي الاردني مستقبلا بعد تطورها العجيب خلال العقدين الماضيين.
2. القنبلة الاقتصادية واثرها على الامن القومي الاردني بالمستقبل القريب بعد تطوراتها السلبية الكبيرة خلال العقدين الماضيين.
والهدف هو لفت الانتباه (لمن يهمه الامر) حول التدهور في هذه المجالات على الرغم من ما تحاول دائرة ضيقة من نشره حول عنق الزجاجة والقادم اجمل وكل مر سيمر، لأن كل هذه المحسنات اللقظية ما قيلت الا لذر الرماد في العيون قي ظل وضع اقتصادي من سيء الى اسوأ حسب التقارير الدولية والاردنية حول الفقر والبطالة والتضخم.

واليوم ارسل الى مجلس الامن القومي هذه البيانات لعله يتنبه الى خطورة هذه القنبلة الموقوتة التي تهدد الامن السلمي كما تهدد الامن الداخلي والخارجي للمملكة.

قبل ايام صرح الوزير السابق ورئيس مجلس النواب السابق الى وسائل الاعلام قائلا: ” في مجالس سابقة “اختُطف مجلس النواب لبعض النواب الذين مارسوا فسادا ومارسوا فسادا كبيرا وأخذوا عطاءات بمئات الملايين مش عشرات الملايين، هذا السبب جعل الناس تتكلم”. وأردف الدغمي: “الدولة تعلم وكل العالم تعلم أن بعض المجالس السابقة اختُطفت من قبل بعض الأشخاص بعينهم معروفين للدولة ويمكن تحوّلوا وتحاكموا”، “وكلنا عارفين بعضنا بالأردن”.

اذا كان هذا تصريح وزير سابق ورئيس مجلس النواب السابق… فلكم ان تتخيلوا وتتنبؤوا بمستوى خطورة الفساد في الاردن.

وفي مشادة كلامية بين احد النواب ووزير العدل تم تبادل اتهامات الفساد (الواسطة) وما لبث ان خرج علينا رئيس ديوان الخدمة المدنية بتبرير للواسطة والاستثناء كان اقبح من ذنب.
وفي مشادة كلامية اخرى بين وزير ونائب تم تبادل الاتهامات بالفساد فاتهم النائب الوزير بانه لا يتابع مشاريع الوزارة واتهم الوزير النائب بانه يتوسط لدى الوزير لتحقيق مصالحه الخاصة ونقل موظفين من ملاك الوزارة.
وقد تم معالجة هذه الوقائع ب بوس اللحى والاعتذار والصلحة.

هذا الوضع يهدد امن الاردن ويستدعي تدخل مجلس الامن القومي بشكل مباشر بعد ان اصبح المجلس بموجب الدستور هيئة تنفيذية.

واليوم نضع بين يدي المجلس مشكلة مزمنة في الاردن لم تمر حكومة خلال العقدين الماضيين الا ووعدت بحلها واجتثاثها من جذورها وهي مصيبة الفساد الذي استشرى ولم يعد له ضابط … وكلما شكونا من هذا الداء جاءتنا التصريحات والوعود بانهم (الحكومات) جاهزون لاتخاذ اشد الاجراءات بحق الفساد والفاسدين اذا قمنا نحن بتقديم الدليل على الفساد… ، وكأن هذا واجبنا ….وليس واجبكم.

يا سادة … الادلة المحلية والدولية وحسابات البنوك والشركات والاسماء بين ايديكم لو اردتم الإصلاح ومحاربة الفساد والقضاء عليه.

ملاحظة: المؤشرات المذكورة في المقال مصدرها منظمة الشفافية الدولية Transparency International التحالف العالمي ضد الفساد The Global Coalition Against Corruption. وموقع Trading Economics