وطنا اليوم – خاص – في رسالة وصلت وطنا اليوم من مدير تربية تواصل معه في وقت سابق الطالب #راشد_صبح الذي اثار جدل الشارع الاردني بعد الرسالة التي ارسلها ليختفي بعدها باحثاً عن عمل .
راشد وزميله #ايهم_العمري تم العثور عليهم يوم الجمعة في منطقة بيادر وادي السير بعد جدل طويل اثاره اختفاء العمري وسالته التي حملت عبارات قوية اعتبرها البعض من المستحيل ان تصدر عن طالب في الصف التاسع ، الا ان مدير تربية فضل عدم ذكر اسمه بعث برسالة لوطنا اليوم كانت عبارة عن مراسلات بينه وبين راشد ، التي فاجات الجميع ووصفها بعض الكتاب بان راشد يكتب في ادب الرحلات بطريقة مذهلة ، حيث كتب مدير التربية في رسالته :
معرفتي بالطالب ( راشد الصبح ) الذي كان متغيّباً عن منزل ذويه هو و صديقه ( أيهم العمري ) أربعة أيام بعد قراءتهما كتاب ( الاب الغني و الأب الفقير ) ، و ما أرسله لي هذا الطالب النجيب من #نص_مذكراته_الاربدية ، حيث كانت معرفتي بهذا الطالب من خلال ندوة شاركتُ فيها العام الماضي في ذكرى اغتيال الشهيد وصفي التل بقاعة المؤتمرات في بلدية اربد ، فقام راشد بتصوير فيديو كلمتي التي ألقيتُها و أرسلها لي عبر المسنجر و عقبَ على الفيديو بعبارة ( جزاك الله عن اربد خير الجزاء ، نفتخر بأمثالك ) – و لم أكن أعرفه على أرض الواقع قبل ذلك – ، فشكرتهُ على ذلك ، ثم ردّ عليّ بجملة الشهيد وصفي التل ( إذا مات منا سيدٌ قام سيدُ ) .
و بتاريخ ( ١ / ١ / ٢٠٢٣ م ) أرسلَ لي عبر المسنجر نص متواضع كتبته في مذكراته لصديقه الغائب عن رحلته التي تضمنت زيارة تل اربد ، و طلبَ مني رأيه في نصه ، و كان نصه الجميل كالآتي :-
( عاودتُ الكتابة من جديد ، بعد أن ظننت أن صفحاتي خلت و حبري جف ، لحى الله الفراق ولا رعاه يا صديقي .
يوم منصرم قد مر ولم أرك فيه أو أتكلم معك ، ولا أدري كم سيمر أيضاً من الأيام على شاكلته ، في كل يوم تزداد قناعتي بأنه لا يستطيع أحد أن يحل مكانك أو يعوض غيابك أو يسد الفراغ الذي تركه بعدك ، و كأنك عندما رحلت أقفلتك حجرتك الخاصة في قلبي ، بل قصرك … بل كل قلبي ، وقطعت الطريقة المؤدية إليه على المارة والقاصدين بلافتة كتبت عليها “ممنوع المرور” لكن … ليس باليد الحيلة ، مالي سوى حبري وصفحاتي أشكو إليها بعدك ، وتضرع إلى الله وبعض الدموع أوقات التأزم … لم تتأزم إلى الآن ، لأن أملي بالله كبير وثقتي بمحاولاتك الجادة لعودة الوصال كبيرة.
سأحدثك عن رحلة أمس … لو أنك كنت برفقتنا لجزمت بأنها من أفضل الرحلات في حياتي وأكثرها راحة ، انطلقنا من المدرسة أنا وأيهم مرورا بحارتي وصولا إلى التل حيث تنفست الصعداء وشعرت براحة لا توصف وأنا أتجول في أروقته ، بدأنا بحي المسيحيين حيث مدرسة الراهبات والأسقفية والأدفنتست مرورا بمخبز سركيس أقدم مخبز في إربد ، تنقلنا بين المساجد والكنائس التي تعانق بعضها ثم ذهبنا إلى البيت النابلسي وتجولنا في أروقته وصعدنا إلى طابقه العلوي ، ثم مضينا نحو المقصد الأكبر “بيت عرار” ، استقبلتنا شجرة التوت المتلوية من أثر الزمان في مقدمته ، دخلت وألقيت السلام على عرار وقرأت الفاتحة على قبره وسط إعجاب كبير بدا على قسمات وجه أيهم في فن العمارة وجمال المكان ، تجولنا في المكان وقرأ أيهم الكثير من جدارياته ، وقفت أمام صورة سيدي وصفي وألقيت عليه السلام وتحدثت إليه بكل ما يدور في عقلي وجددت العهد بأننا على دربه ماضون ثم أشعرت فيه شعرا طويلا حتى ظن أيهم أني لن أنتهي ، شعرت براحة كبيرة وأنا أخاطبه ، وأنا أطمئنه أن أحفاده على نهجه ماضون ، أكدت له صدق ما قاله منذ نصف قرن “إذا مات منا سيد قام سيد”.
ذهبنا إلى سور إربد و متحف السرايا والدرج الأثري غرب البلدية ومدرسة حسن كامل الصباح ومدرسة وصفي التل الصناعية وثانوية وصفي التل ثم إلى ميدان الساعة مرورا بسوق الذهب والتقطنا الصور التذكارية في كل مكان ، انطلقنا من وسط البلد قاصدين شارع الجامعة مع ذلك السائق اللعين الذي أمضى طريقه وهو يتفوه بأقذر الشتائم وسب الذات الإلهية ، لم نتحمل ما كان عليه ذلك القذر وتوقفنا بمنتصف الطريق وأكملناها سيرا على الأقدام ، تناولنا الطعام في “شاورمجي” ثم ذهبنا إلى “جم البايض” حيث عبدالرحمن وعبدالحميد وحسام وعمروا ، ثم انطلقنا جميعا إلى “كارفور” لنلتقي هناك بال(ليدرز تو) والكثير من طلاب التميز ، أمضينا وقتا جميلا لا يسعني أن أذكر تفاصيله في صفحاتي ثم غادر ايهم وجاء أبي لاصطحابي للبيت ، زيارتي لسيدي وصفي تركت في نفسي الأثر الكبير وربما طرحت تغييرا جذريا في نمط تفكيري ، شعرت أنه يرجو مني أفضل من ذلك وأكثر مما أنا عليه وكأنه يقول لي : “مَن يريد أن يفتخر بوصفي يجب عليه أن يكون مثالا تجسيدياً له على أرض الواقع”.
عاتبتُ نفسي على كثير من الأمور و شعرت براحة و خيّم الهدوء على حركاتي و سكناتي … أسأل الله العلي العظيم أن يثبتني في أيامي المقبلة وأن يعيد وصالنا يا شقيق الروح ونور العين ، وأن لا أمسي غدا إلا ورسالة منك قد زينت شاشة هاتفي.
لحى الله الفراق ولا رعاه …
إلى لقاء قريب … ) .
صبح_27 .
يذكر ان الطالبان راشد صبح وايهم العمري تم العثور عليهم من قبل الاجهزة الامنية صباح الجمعة في منطقة بيادر وادي السير بعد ان اثار موضوع اختفائهم الشارع الاردني بسبب جزالة الرسالة التي بعثها الطالبان فيما شكك البعض ان تكون هذه الرسالة مكتوبة من قبلهما.
