وطنا اليوم:كشف تقرير وقوع انتهاكات عمالية عديدة في الاردن تمارسها “شركات وسيطة” تندرج تحت وصف “المساندة” أو “تطوير الأعمال” بهدف خفض نفقات عدد من الشركات الكبرى وزيادة أرباحها.
وأظهر التقرير، الذي أصدره “المرصد العمالي الأردني”، وجود فجوة أجور كبيرة بين العاملين في نفس الوظيفة والمهام في الشركات المساندة والشركات الكبرى، بالرغم من عملهم بذات المهام وفي ذات المنشأة، إضافة إلى حرمانهم من الحقوق والمنافع التي يتمتع بها زملاؤهم الذين يقومون بذات المهمات وفي ذات المنشآت.
ويرتكز التقرير، الذي أصدره المرصد العمالي التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بالتعاون مع مؤسسة فردريش إيبرت الألمانية، تحت عنوان ” الشركات المساندة.. طريق المنشآت الكبرى لتخفيض النفقات على حساب العاملين”، إلى قصص رواها عدد من العاملين في هذه الشركات، أكدوا فيها أنّ مبدأ الشركات المساندة يقوم على تشغيل موظفي ميدانِ لحساب الشركات الكبرى بأجور منخفضة بشكل كبير عن أجور زملائهم في الشركات.
ومن أمثلة ذلك، فجوة الأجور بين الفنيين في واحدة من أكبر الشركات في الأردن ونظرائهم في الشركة المساندة التي تُراوح بين 500 دينار و1000 دينار، بالرغم من أنهم يؤدون ذات الوظيفة والمهمة وفي المناطق الجغرافية ذاتها.
وبحسب التقرير، يُحرم العاملون في الشركات المساندة (التي تقدم خدمات خارجية) من حوافز رواتب الثالث عشر والرابع عشر، التي يتقاضاها زملاؤهم الفنيون المثبّتون، فضلاً عن فرق علاوة الخطورة التي يتقاضاها موظفو هذه الشركة، التي تُراوح بين 70 – 100 دينار، في وقت تكتفي “المساندة” بدفع 15 ديناراً فقط لعامليها.
ويتوسع عمل الشركات المساندة وتطوير الأعمال في الشركات الكبرى، وينضوي بعضها تحت اسم متعهد محدد يشغّل عدداً من الأشخاص لتعويض نقص العمالة في الشركة الكبرى.
كما لا يتمتع العاملون ببعض الشركات المساندة بتأمين صحي جيد مثل الذي يتمتع به زملاؤهم في الشركات الكبرى الذين يعملون معهم، حيث شكا بعض العاملين من أنّ تأمينهم الصحي لا يعالجهم من الإنفلونزا العادية، فضلا عن ضعف جودة خدمات المؤسسات الصحية المقدمة للخدمة المشمولة في هذه التأمينات، في وقت يتمتع فيه موظفو الشركات الكبرى التي يعملون لصالحها بتأمينات صحية عالية الجودة.
ولفت التقرير إلى غياب الاستقرار الوظيفي عن بيئة العمل في الشركات المساندة، حيث أنّ عمالها عرضة للفصل والعقوبة في أي وقت بدون وجود أنظمة داخلية يعتمد عليها، فضلاً عن الصلاحيات المعطاة لموظفي الشركات الكبرى ضد هؤلاء، حيث أكدّ عمال أن “عاملا في الشركة الكبرى قادر على إنهاء خدمات أو إيقاف فنيّ من ذوي الخبرة في الشركة المساندة”.
ويرى المرصد في تقريره أنّ اعتماد خطة خفض النفقات من خلال خفض أجور العاملين، لن ينتج عنه إلّا عمال فقراء، وأن ذلك بالضرورة سيزيد نسب الفقر والفجوة الاقتصادية بين فئات العاملين في ذات الوظيفة والمهمة.
ويعزو التقرير إمعان الشركات المساندة في ممارسة هذه الانتهاكات جميعا إلى غياب المظلات النقابية التي ترعى حقوق العمال وتدافع عنهم، أو تؤدي دور المفاوضة الجماعية وإدارة الاحتجاجات السلمية للعمال. وهو ما دفع العاملين في “مساندة” إحدى الشركات الكبرى أخيرا إلى الاحتجاج والإضراب وإعلان مطلبهم على الملأ بضرورة ضمهم إلى نقابة العاملين في قطاعها.
وأوصى المرصد في تقريره بوقف اعتماد الشركات المساندة بهدف “تشغيل” الأيدي العاملة بأجور منخفضة وامتيازات متدنية أو شبه معدومة.
ودعا إلى تنظيم عمل هذه الشركات، في حال بقيت، من خلال إصدار نظام خاص يربط إبرام اتفاقيات المتعهدين باعتماد أجور وحمايات اجتماعية مماثلة لتلك التي يتمتع بها موظفو الشركة الأصلية، وتضمين العقود المبرمة شروطا وضمانات للمساواة بالأجور والامتيازات مع موظفي الشركات العامة الكبرى التي يعملون معها.
وشدد التقرير على ضرورة فتح باب التنظيم النقابي وعدم حصر النقابات العمالية بـ17 نقابة عامة فقط، جلّها ضعيفة في مسائل النزاع العمالي، والسماح بالتعددية النقابية لضمان وجود مظلات ونقابات عمالية لمختلف العاملين الراغبين بذلك، خصوصا وأنّ المفاوضات الجماعية محصورة بنقابات العمال رغم أنّ أكثر من 80% من القوى العاملة في الأردن غير منضوية تحت مظلة نقابات عمالية.
وطالب المرصد بممارسة الجهات الحكومية دورها الرقابي باعتبارها، أي الحكومة، مساهما كبيرا ومؤثرا في معظم الشركات الكبرى، وذلك من خلال جعل السياسات المتعلقة بسلامة العمال وأجورهم جزءا من إنجاز العمل