الدكتور يحيا سلامة خريسات
تتطور الدنيا ويتغير الزمن، تتبدل المصطلحات وتتغير النظريات والمسلمات، فما كان يصلح قبل أعوام لم يعد يصلح اليوم، وما كان يدرس في الكتب بخمسينات وستينات القرن الماضي لا يصلح أن ندرسه لأبنائنا عام ٢٠٢١.
ويبقى البعض يحمل أفكاره البالية والنظريات التي أبطلتها التجربة والتي أثبتت التجارب فشلها الذريع، يصر أن يحملها معه ليعبر بها من قرن لقرن متحديا الحداثة بتنظيره بأفكار بالية مهترئة، وليكون كمن يعبر على دراجة هوائية في سباق الفورمولا ويتوقع ان ينتصر.
ولأن التعليم العالي والبحث العلمي غير قابل للجمود فقد كان هذا العام استثنائيا بكل ما فيه، فقد تحولنا للتعليم عن بعد ولم نكن قد استعدنا له بعد، تحولنا بسرعة البرق دون سابق إنذار وبدلا من التنظير فالأجدر بنا كأكاديميين وباحثين أن نتبنى افكارا بناءة وخطط منيرة لتطوير هذه المنظومة ففايروس كوفيد 19 هو أول الامتحانات التي مرت بنا ولكنه لن يكون آخرها.
وللأمانة فقد تغيرت التعليمات التي تحكم التعليم العالي والبحث العلمي بسرعة تتناسب والجائحة، تغيرت بشكل يناسب تاريخنا التعليمي وسمعتنا التي اكتسبناها في المحيط والعالم، قد لا يصدق البعض أن جامعاتنا أصبحت تنافس على مستوى العالم، قد لا يؤمن البعض أن باحثينا صفوة في العالم، قد لا يثق البعض بأبحاث متميزة تبنتها كبريات الجامعات واستشهد بها اكبر علماء الأرض، وقد لا يثق آخرون بمستوى طلابنا ويطلق الأقاويل حولهم وكأنهم لم ينهلوا العلم من مدارسنا وجامعاتنا.
إنها رؤية جديدة للتعليم العالي يقدمها وزير التعليم العالي والبحث العلمي ومجلس التعليم العالي، لتحريك كل المياه الراكدة والقضاء على كل القواعد البالية، فلا تصريحات صباح مساء، ولا قرارات ارتجالية، ولا بحثا عن شعبويات، ولا ظهور صباحا ومساءا على القنوات التلفزيونية، أعادت البوصلة للطريق السليم وإنما جاء الرد من خلال العمل.
قصة نجاح لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي وللجامعات الوطنية جعلت من الطلبة الأردنيين مقصد كل باحث عن العمل.
واليوم تتوجه الوزارة للتعليم المدمج لعدد من المساقات بعد أن كان التعليم التقليدي والكتاب والمقاعد هي المتعارف عليها لعقود طويلة، لكنها مرحلة ولت الى غير رجعة مهما أصر المتحاذقين على الاحتفاظ بها.