فيروز و الرحباني والاردن … ذاكرة وطن وشرفة عتيقة

18 أكتوبر 2022
فيروز و الرحباني والاردن … ذاكرة وطن وشرفة عتيقة

 

 

وطنا اليوم –  نبيل عماري –  شكلت فيروز بالنسبة للجمهور الأردني ذاكرة ووطنا وشرفة عتيقة مطلة على العمر، كانت تطل علينا قبل نشرة الأخبار تعطيك حنيناً وزهواِ وجمال كلمات رائعة كتبها سعيد عقل. لم تغب فيروز يوماً عن الأردن ففي العام 1963 حضرت فيروز إلى الأردن وغنت في عمان والقدس أوباريت بعنوان «حكاية الأردن.. حصاد ورماح». من كلمات وألحان الأخوين رحباني:

قصّتنا الحصاد والسهر والقمح والرياح والرماح
فساعد ٌ يستنبت الثمر وساعدٌ يشرِّع السلاح
قصّتنا الأبطال والزيتون وقرية تضحك للسماء
تحرس خطّ الشوك والفداء
أطفالها في الشمس يلعبون
في المجد يلعبون للحبّ كالجنون
أغنيتي إليك أغنية الطريق في المغيب،
يا فرح الحصاد يا حبيبي،
عتِبْتُ من تلهّفٍ عليك
أغنيتي إليك أشرعةٌ بيضاء كالطفولة
حاملةً قصائدي الخجولة،
تبحر من قلبي إلى عينيك
سألتَ عن حبيبي رأيتُ وجهه
يأتي من الغبار كالريح كالإعصار
سمعتُه حبيبي ينشد في العراء،
لتنضج الكروم ليُخصب العطاء
لمحتُه حبيبي عند شريط الشوك والفداء،
مهلّلاً في ساعة الفداء أغنيتي إليك،
على ذرى القدس أنا أصلّي
يا ربّي تذكر وطني وأهلي، وأدمعي تذْكرني لديك
الغناء ملء الليالي والرجاء ملء الصدور
والطريق نحو المعالي كم يطيب فيه العبور
ونحن بالبنيان ننهر من عجلون
ننهر من شيحان من جبل الزيتون
والقدس ومن عمّان في جبهة الشمس لنا مكان
والأردن يسير على المدى يسير
ولمَوْرِهِ ينتسب الهدير والدهور
يسير يروي السهل والحنايا، يغسل أجيالاً من الخطايا
وفي قرار الماء وجوه أنبياء ينحتها الحنين للسماء
والأردن (*) يسير على المدى
يسير وضفّتاه تُـعليان المجد والعمران
ونحن كالنسور فوق المرتجى نطير نطير في الزمان
جناح عنفوان، ففي رؤى الشمس لنا مكان
ومازال أرشيف فيروز والرحابنة فيه حب كبير للأردن وعمان؛ فقد قدم سعيد عقل أغنية «أردن أرض العزم» ومن الحان محمد عبدالوهاب والتي صارت على كل لسان وفي قلب وضمير كل أردني يعشق وطنه وجمال وطنه والذي هو في حجم بعض الورد.

أردن أرض العزم أغنية الظبى نبت السيوف وحد سيفك ما نبا
في حجم بعض الورد إلا إنه لك شوكة ردت إلى الشرق الصـبا
فرضت على الدنيا البطولة مشتهى وعليك ديناً لا يخان و مذهبا
في حجم بعض الورد إلا إنه لك شوكة ردت إلى الشرق الصـبا
وفدت تطالبني بشـــــــعر لدنة ســـمراء لوحّها الملام وذوّبا
من أي أهل أنت قالت من الألى رفضوا ولم تغمد بكفّهم الشـــبا
فعرفتها و عرفت نشأة أمة ضربت على شرف فطابت مضربا
غنيّتها كل الطــيور لها ضحىً ويكون ليل فالطــيور إلى الخبا
الاك أنت فلا صباح و لا مســــا إلا في يدك الســـلاح له نبا
شـــــيم أقول نسيم أرز هزّني وأشــــد كالدنيــا إلى تلك الربى

فيروز جارة القمر أضاءة ليل عمان برائعتها «عمان بالقلب أنتِ الجمر والجاه» وكذلك بعد نصر معركة الكرامة قدمت رائعتها «القصة الأخيرة» وكلمات الأغنية كانت بالتعاون بين صلاح أبو زيد والأخوين رحباني، وهي أيضا من ألحانهم، وتقول كلمات أغنية فيروز «القصة الأخيرة»:

والقصة الأخيرة، قصتنا الكبيرة، نكتبها جميعاً بالأحرف الكبيرة
تاريخنا الكتاب، وكلنا الحروف والسطور والكتّاب
العامل الصغير يكتب كل يوم، حرفاً من التاريخ قبل النوم
والولد الصغير في غرفة في البيت، يكتب أقماراً تضيء البيت
والزارعون يكتبون السطر في التراب، ويتركون اسمهمُ يسقط في التراب
وجيشنا يكتب تاريخا لنا بالدم بالرصاص والحراب
والقصة الأخيرة قصتنا الكبيرة نكتبها جميعاً بالأحرف الكبيرة
ويكتب الأردن، بذهب الكرامة، بالعز بالشهامة، تاريخاً كبيراً، يكتبه الأردن
وينشد الأردن، أغنية بهية، حسناء كالحرية، أغنية قدسية، ينشدها الأردن
وإنني نذرت يا بلادي، صوتي لأجل الحق والجهادِ
لقصةٍ من شرقنا جميلة، للحب ، للعزة للبطولة
والقصة الأخيرة، قصتنا الكبيرة نكتبها جميعاً بالأحرف الكبيرة.
وكذلك رائعة سعيد عقل
عمان أو هذا الضحى
هذا الضحى العمر انتشى و صحا كالحب طاب الحب ذات ضحى
سألنني فيه صفيه لنا سمي رفضت السر مفتضحا
الله في فرح نعانقه ليلاً و بعد نعيشه صبحا
غنت به الورقاء تعطفه و سما به النسر الذي جمحا
و تمر عمانية فمها من أقحوان أو ندى و ضحا
ترمي إلي سؤالها أترى تدرين من حبي و من جرحا
لقياه لي كانت على طلل صخر به من أهلي الصرحا
و شعاف عمان تطالعنا قلت البطولة وهجها لفحا
و تزيد سمح هوى حبيبي ما استعلى و لكن إن أثير محا
و له شهامات الكرام فما خان العلى أو بدد النصحا
و تقول إما ضمني فهوا الصحراء جمع و الندى اجترحا
و تروح عمانيتي و سنى العينين يزرع دربها فرحا
أواه يا أردن أنت لها مصراع باب الشمس و انفتحا

وعندما وصل خبر استشهاد الشهيد وصفي التل لم يجد مذيع الأخبار في الإذاعة الأردنية سوى أغنية فيروز أن يذيعها قبل اعلان خبر الاستشهاد وهي «موطن المجد سر إلى الأمام» والتي كان يعشقها وصفي لتلك. فيروز ما زالت أغانيها لحنا يتسلل إلى نافذة كل محب لوطنه وكل مغترب تغرب، فتعود فيروز لتذكره بالوطن وبأردن أرض العزم و.مَوطنَ المجدِ سِرْ إلى الأمامْ

فوقَ مَسْراكَ يخفُقُ السلامْ
يا رفيعَ البُنودِ .. يا عرينَ الأُسودِ
يَفْتدِيكَ الشبابُ للدوامْ
مَوطنَ المجدِ كلُّنا فِداكْ
في الـقـلوبِ مُزَهِّرٌ هَـــواكْ
نحن منكَ الرجاءُ .. نحن منكَ الوفاءُ
سدَّدَ الله للمدى خُطاكْ
يا مَوطِني يا قِصّةَ الجَمالْ
ولحنَ شعبٍ رائِعِ النضالْ
يا مَوطِني يا ملعبَ الإباءْ
ورايةً تَموجُ في السماءْ
في حِماكَ خيرٌ وَفِيرْ
وثَرَاكَ دَوْماً نَضيرْ
والهُتافُ يَعلو حَبيباً
والطريقُ رَحْبٌ مُنيرْ