بقلم : مروان العمد
خلال المؤية الاولى من عمر الدولة الاردنية الهاشمية ، تعاقبت عليها العشرات من الحكومات . وقد اتخذت هذه الحكومات الكثير من القرارات الصائبة والكثير من القرارات الخاطئة والكثير من القرارات غير المبررة او غير المنطقية . ولكني لم اجد قراراً لهذه الحكومات غير صحيح وغير منطقي وغير مبرر ، مثل قرار حكومتنا الرشيدة باعتبار التوقيت الصيفي هو التوقيت الرسمي على مدار العام .
ولعلم حكومتنا الرشيدة ان لم تكن تعلم ، فأن التوقيت الاصلي في الاردن وحسب خطوط العرض والطول هو التوقيت الشتوي . ولكن وفي مرحلة لاحقة قررت احدى الحكومات العمل بالتوقيت الصيفي اثناء فصل الصيف للاستفادة من شروق الشمس مبكراً بتأخير الوقت لمدة ساعة . للاستفادة من ضوء النهار ، وبهدف التقليل من استخدام الكهرباء في ساعات المساء ، وبالتالي تحقيق توفير في استهلاك الطاقة الكهربائية ، والاستفادة من طول النهار لانجاز المزيد من العمل ، الامر الذي لم يحقق الغاية منه وخاصة مع تكاثر وسائل التسلية وانتشار التلفزيونات وزيادة ساعات السهر . وان كان لابد من الغاء احدهما فكان يجب الغاء التوقيت الصيفي والعودة للتوقيت الشتوي المعتاد . الا ان حكومتنا الموقرة ومنذ اقتراب فصل الشتاء الحالي ،اعلنت عن عزمها بجعل التوقيت الصيفي هو التوقيت المعتمد طوال العام . وهذا يعني انه في فصل الشتاء فأن على المواطنين الاستيقاظ مبكرين ، وقبل شروق الشمس بساعتين على الاقل ، مما يلزم معه استعمال الإضاءة ووسائل التدفئة ، ومما سوف يترتب عليه زيادة في استهلاك الكهرباء . بالإضافة الى تعرض المواطنين للبرد الشديد في الصباح الباكر والمطر والثلج ، ولخطر حالات الانزلاق نتيجة تجمد المياه
على الطرقات . وما قد يمثله ذلك من خطر عليهم ، وخاصة على الاطفال . وخطر تعرض الفتيات للتحرش في عتمة الليل . وقد تعرض هذا الامر الى الرفض والاحتجاج من قبل المواطنين . وازاء هذه المعارضة اعلنت الحكومة انها لم تقرر بعد فيما اذا كانت ستعتمد التوقيت الصيفي بشكل دائم ، او انها ستعود للتوقيت الشتوي في فصل الشتاء . وانها تجري المزيد من الدراسات والمباحثات والاستشارات للوصول الى الحل المناسب . وفي الامس اعلنت الحكومة اعتمادها للتوقيت الصيفي مدى العام ، كما طلعت علينا بفكرة اعتقدت انها تحل عيوب هذا التوقيت في فصل الشتاء ، وهو تأخير بداية الدوام طوال العام الى الثامنة والنصف حتى لا يخرج الطلبة والموظفين بالعتمة في الشتاء . مع ان هذا الاقتراح سوف يؤخر خروجهم من البيت الى ما بعد شروق الشمس بساعات في فصل الصيف الاطول .مما يعني ضياع الكثير من ساعات النهار سدى . علماً ان دولة الرئيس كان وقبل عدة اشهر وخلال لقاء له على اثير اذاعة المملكة . وبعد ان اعلن عن تقديم التوقيت الصيفي عن موعده شهر وتأخير نهايته شهر آخر ، قد اسر للمذيع على مسمعنا جميعاً ،بأن حكومته سوف تلغي التوقيت الشتوي من اساسه وتعتمد التوقيت الصيفي على مدار العام ، اسوة بالكثير من الدول ، ومنها اميركا التي سوف تعتمد ذلك قريباً حسب قوله
اي انه وبعد كل هذه الدراسات والمشاورات والمناقشات والاستشارات اتخذت الحكومة القرار الذي كانت قد اتخذته قبل ذلك بعدة اشهر .
دولة الرئيس اذا كنتم ترغبون في توحيد التوقيت ، لماذا لم تعتمدوا توقيتنا الاصلي وهو التوقيت الشتوي ؟ ثم ما الذي يضر لو بقي التوقيتين كما هما ما دام المواطنين قد اعتادوا عليهما وارتضوا بهما ؟ وهل هذا امر بهذه الاهمية والخطورة لنجعل منه موضوعاً لمناقشاتنا واختلافاتنا على مدى اشهر ؟ و هل الهدف ان يسجل هذا القرار كانجاز للحكومة بعد ان انهت كل الانجازات ولم يعد لديها غيره لتقوم به قبل ان تودع الدوار الرابع ؟
