سميح المعايطة
الدول التي تضررت من سياسة ترامب تجاه القضية الفلسطينية وعلى رأسها الأردن كانت ترى في عودة ترامب قوة دفع جديدة لبرنامجه الذي حمل اسم صفقة القرن التي تعني على الأرض دعما لسياسة نتنياهو في قتل اي عملية تفاوض تعطي للفلسطينيين حقوقهم. نجحت إدارة ترامب في انها أوجدت شبكة علاقات عربية وإسلامية مع إسرائيل خارج إطار الملف الفلسطيني، ولو عاد ترامب واستمر في مساره لزادت قوة نتنياهو وتعنته وكان على الاردن أن يذهب إلى خيارات صعبة فإما العودة إلى علاقات ساخنة مع إسرائيل تحت ضغط عوامل عديدة أو الاستمرار في علاقاته السيئة سياسيا مع الاحتلال ولكل خيار ثمن كبير.
في الواقع ان رحيل ترامب لايعني تحول الأمريكان إلى حلفاء للعرب بل يعني غياب خطة ترامب وفرملة اندفاع نتنياهو، وهذا سيؤكد أن إدارة بايدن أقرب إلى فكرة التفاوض على أسس أخرى غير صفقة القرن،ما يشكل دعما للموقف الأردني المؤمن بعملية السلام لكنه يريدها سلاما يخدم الحق الفلسطيني وليس علاقات ثنائية.
السلطة الفلسطينية من جانبها، سارعت إلى التحلل من موقفها المتشدد نظريا تجاه أمريكا وإسرائيل، فاعادت التنسيق الأمني والتواصل السياسي مع إسرائيل، ورممت علاقاتها مع الإمارات والبحرين بعد تدهور إثر تطبيع البلدين مع إسرائيل. اما الاردن فلايمكنه الا التعامل إيجابيا مع أي مسار تفاوضي جديد تقوده الولايات المتحدة، لكن يبقى لديه مشكلة كبرى مع نتنياهو الشخص والسياسة. تتجسد المشكلة في ان نتنياهو ورغم كل مايلاقيه من معارضة داخل كيان الاحتلال فانه مازال في موقعه، ويدير لعبة الانتخابات المبكرة مرة بعد أخرى بمهارة تجعله يعود بعد كل انتخابات بما فيها الانتخابات المتوقعه قريبا.
من هذا المنطلق، فان الأردن واستباقا لقدوم إدارة بايدن فتح الأبواب مرة أخرى مع إسرائيل، لكنه تجنب نتنياهو وذهب إلى من هم ابعد عن سياستة، فكان اللقاء الذي تأجل كثيرا بين وزيري خارجية البلدين وكان على الحدود البرية فلم يكن يراد استقبال الضيف الإسرائيلي ولا أن يذهب وزير الخارجية الأردني إلى كيان الاحتلال. الأردن يعلن عن الموقف ذاته حيال دعم السلام والتفاوض المنتج للفلسطينيين، وهو لايريد أن يجد نفسه بعيدا بعدما سارعت السلطة إلى التقارب مع إسرائيل ومع الدول العربية التي أقامت علاقات معها، ويريد أن يستقبل إدارة بايدن بإيجابية كان الممكن منها لقاء وزيري الخارجية على الحد الفاصل وربما تكون هناك لقاءات أخرى لكن المشكلة تبقى مع نتنياهو وسياسته التي حتى لو غاب ترامب فإنها لن تتغير إيجابيا، فنتنياهو موجود في الحكم منذ سنوات طويلة دون أن يقدم شيئا للفلسطينيين.
الجديد بين الأردن وإسرائيل أن هناك محاولة أخرى لعملية تفاوض تخدم الفلسطينيين لكن وجود نتنياهو يبقي التشاؤم بالنجاح كبيرا، لكن عمّان لاتملك الا ان تحاول، مع امل بموقف عربي يخدم المحاولة وبخاصة الدول التي أقامت علاقات ثنائية مع إسرائيل أو التي تتعرض للضغط لاقامتها. اما البرود السياسي الذي مازال موجودا مع نتنياهو فليس متوقعا زواله بسرعه الا اذا حدثت طفرة في عملية السلام أو رحل نتنياهو عن الحكم