وطنا اليوم:مع بدء روسيا اليوم تنفيذ تخفيض صادراتها من الغاز الى الخُمس عبر شريان الغاز الاوروبي الرئيسي نوردستريم 1، ارتفعت اسعار الغاز في اوروبا الى 224 يورو لكل ميغا وات ساعة ، وهو اعلى سعر مسجل منذ الارتفاع التاريخي في مارس الماضي، ما دفع ايضا الى قفزة كبيرة في سعر الكهرباء ، كما ارتفعت اسعار الغاز في اسيا الى اكثر من 40 دولارا لكل مليون وحدة حرارية ، وفي الولايات المتحدة ارتفع سعر الغاز الى ثاني مستوى تاريخي منذ العام 2008.
اسعار الفحم ايضا تشهد ارتفاعات تاريخية حيث تخطى سعر الفحم الاسترالي 400 دولارا للطن ، ونفذت اليابان بالفعل صفقة ب 385 دولارا للطن في واحدة من اعلى عقود شراء الفحم في تاريخها ، وياتي هذا الارتفاع مع قرب تنفيذ اوروبا لعقوبات حظر الفحم الروسي في اكتوبر ، وزيادة الطلب على الفحم لاستعماله كبديل عن الغاز المفقود.
ويسعى الاتحاد الاوروبي الى تخفيض 15% من استخدام الغاز بشكل طوعي قبل ان يصبح ملزماً مع قرب فصل الشتاء و امتلاء 67% من مخزوناتها دون اقل المطلوب عند 80% في بداية نوفمبر مما يعني خطورة في وصول مخزوناتها الى اقل من 20% في منتصف الشتاء القادم اذا كان شديد البرودة، ويتطلب هذا اعلان حالة الطوارئ القصوة .
هذه الاسعار المرتفعة تعزز معدلات التضخم الاوروبية والعالمية بينما ترفع التوقعات بقرب حدوث الركود الاقتصادي في اوروبا او في الولايات المتحدة او حتى في الصين والهند ،وبشكل اكثر قسوة في اقتصادات ناشئة اخرى مثل باكستان و دول نامية وفقيرة لن تستطيع دفع كلف فاتورة الطاقة، مع تزايد التوقعات بان تستمر الاسعار مرتفعة في الاشهر بل و في سنوات قادمة ، خاصة وان روسيا لن تستطيع تحويل ارساليات الغاز من اوروبا الى اسيا لضعف البنى التحتية ومخاوف استراتيجية صينية، مما يرسخ حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي.
من جهة اخرى الرابحون من هذه المعادلة هم المصدرين الكبار للغاز الطبيعي المسال ، الولايات المتحدة واستراليا وعلى رأسهم قطر التي تعزز هذه الاسعار قدرات اقتصادها وناتجها المحلي وتعظم من قيمة استثماراتها القادمة في حقل الشمال لرفع انتاجها 64% مع امتلاكها اكبر اسطول نقل غاز مسال في العالم، كما و تشجع هذه الاسعار واستدامتها استثمارات الغاز في السعودية والامارات وعُمان والجزائر و شرق المتوسط وتركيا والعراق وايران ومناطق اخرى من العالم .
عامر الشوبكي / باحث اقتصادي متخصص في شؤون النفط والطاقة