التحديث السياسي أمام تحدي الكسوف أو التحوّل المجتمعي !

3 يوليو 2022
التحديث السياسي أمام تحدي الكسوف أو التحوّل المجتمعي !

أحمد الشناق

نعيش اليوم مرحلة جديدة في تاريخ المجتمعات ومستقبل الدولة ودورها . فنحن امام مرحلة ما بعد الحداثة والمفهوم التقليدي للدولة المدنية الذي ساد لقرون مضت. نحن امام حالة حضارية لنظام عالمي جديد يُطلق عليها ( التململ الحضاري ) وهذا ما نشهده من تغيرات في الحضارة الغربية وانعكاسه على تيارات جديدة تسعى للتغير في اليات الحكم ودور الدولة نحو المجتمع والنظرة العالمية للقضايا .
نحن نعيش مرحلة تاريخية بتحولاتها العميقة على بنيوية الدولة ودورها نحو مفهوم الدولة الحديثة، ليصبح تعريفها الجديد ” الدولة الحديثة ” وهي دولة في طور التشكّل الدائم من ناحية آليات الحُكم، ويجب أن لا يُحركها التاريخ كقدر خارجي، بل تُحركها فعالية المجتمع الذي يؤثر في حركتها وتطوّرها، ولا يعني ذلك ان تكون الدولة بمعزل عن الحركة العامة للتاريخ، وبهذا المفهوم الجديد للدولة الحديثة تكون الدولة عنصر حي تتنفس بصيرورة مجتمعية ذاتية وليس مؤسسة جامدة أو مفهوم أجوف .
فالدولة الحديثة أصبحت بحاجة إلى مشروعية وتوجهات محددة، وإلى تصورات الناس التي ينشأ عنها الخضوع الحر . وهي بحاجة الى رابطة جامعة للمجتمع، هذة الرابطة تُستقى من مصادر متعددة، اجتماعية واقتصادية وثقافية عقلية ودينية، وهذه مجتمعة شرط لتماسك المجتمع وصلابته في بُنية الدولة .
فالدولة في عالم اليوم تشهد تحولات عميقة وأمام تحدي الكسوف أو التحوّل في آليات إدارة السلطة والموارد بتشاركية مع المجتمع .
ولتحقيق ذلك لا بد من تبني ( النظرية النقاشية ) وديمقراطية المداولة وصولاً لبناء الدولة الحديثة القابلة للبقاء والإستمرار .
وعلى مستوى الأردن ، جاءت مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، لإحداث نقلة نوعية في الحياة السياسية والبرلمانية، وصولاً لدولة وطنية ديمقراطية حديثة، وإعتماد الحزبية كنمط في إدارة شؤون الدولة، وتم إقرار تشريعات على قانون الأحزاب والإنتخاب وتعديلات دستورية، لتحقيق هدف وطني كبير لمستقبل الأردن السياسي، نحو دولة وطنية ديمقراطية حديثة، أخذا بالتدريج الذي لا يطول لتحقيق الأهداف المرجوة. وللأسف لم تؤطر هذه المخرجات بتشريعاتها النافذة في حوار مجتمعي اردني على مستوى الدولة والمجتمع او على مستوى المكونات المجتمعية لتأخذ مساراً نحو التحوّل في أليات إدارة السلطة لمفهوم الدولة الأردنية الحديثة. فلا زال الإصرار قائماً على معادلات التقليد القديمة ولا زالت ( النحن الخاصة ) غالبة على ( النحن الجامعة ) وكل ذلك على حساب الجامع الكبير { الوطن }
ونطرح تساؤل بعمق التحولات المنشودة، والتي جاءت من إرادة سياسية للملك لتلتقي مع إرادة الأردنيين، كنمودج اردني متجدد نابع من الذات الوطنية الأردنية. هل هذه المخرجات للمنظومه السياسية ستقف عند حاجز التدوير للأشخاص تحت مسمى أحزاب، أم سنذهب لإعادة إنتاج الدولة بقيادات جديدة لجيل حاضر وأجيال مستقبلية ؟
إنه تحدي كبير ما بين الكسوف للمشروع الوطني الملكي الإصلاحي، أو التحول المجتمعي بالإستحابة للمشروع الملكي وفق آليات (الحزبية البرامجية) لمجتمع ينتمي إلى دولته الوطنية الديمقراطية الحديثة لتحقق الرفاه وتصون الكرامة وهي غاية أي نظام حكم في التحولات العالمية على أشكال الدول وواجباتها
منظومة التحديث السياسي
أحمد الشناق