الهوية الجامعة مرة أخرى

13 يونيو 2022
الهوية الجامعة مرة أخرى

بقلم : سهل الزواهرة

سيقول قائل ما الذي يدفع هذا الرجل لإعادة إحياء الحديث مرة أخرى عن الهوية الجامعة و الجدل الذي تثيره مع أنها أصبحت مُصطلحًا واقعًا من مُصطلحات الغد المُشرق كما يُراد إيهامًا ترويجه ، حقيقةً هذا الموضوع لا ينبغي لنا أن نُميته أو نتصرف كأنه قدر مقدور و ذلك ببساطة أنه كلما ألقى الشيطان في روع أحدهم فكرة ما فيسطرها مقالًا أو حديثًا يستهدف مُكونات هذه الأرض و شكلها يعود هذا الأمر فارضًا نفسه فرضًا على عقولنا التي لم تستسغ كل المُبررات المُتداعية التي سِيقت لتبريره و تمريره.
هذه الأرض تحمل الصفة الجامعة و لكن لا تحتملها ليس لأنها لا تجمع بل لأنها حُكمًا تجمع أهلها على اختلاف نوابعهم، فهو أي الاردن جامع مجردًا و الإضافة انتقاص من تلك الصفة و إثارة للريبة التي بدأت تتأكد على صفحات الإعلام المشبوه بهيئة مقالات متسارعة تُنادي بوقاحة و صفق إلى التوطين الآثم و التهيئة للشعب الشريك و ما يتبع ذلك من تصفيات و دفن لكلمة اسمها فلسطين و بالمقابل تسمين لوطن اسمه الاردن تمهيدا لذبح هويته و وجوده و المخفي أعظم ، وربما يدخل في الحساب عناصر أخرى قاسمة و مقسومة .
لسنا عنصريين لكننا في ذات الوقت لا ندع حقنا بوطن يشبهنا و نشبهه و هو نحن و نحن هو و لا تحت أي اسم أو مظلة سواء عُروبة مُثقوبة أو وِحدة مزعومة ، كل تلك المعايير و غيرها أثبتت أنها ليست إلا طرائق قددا للاستحواذ و الإقصاء و التذويب و الضحك على الأذقان و التلاعب بالأذهان، و حتى نهج الإفقار المُطَّرِد لن يَكون بابًا آمنًا لتمرير الأحلام الحَرام التي بات الترويج لها وقحًا تارة باسم الانتقاص من العشائر و شيطنتها و ضرب أثرها و دورها و أخرى بالتبشير بمصطلحات التمييع و التضييع و التمدن، كل ذلك لن يفت من عضدنا و لا القوانين التي جاءت عَقارًا مُخدرًا للترغيب بالهوية الجامعة المَشبوهة سواء قانون الأحزاب الذي ما هو إلا إحلال و إعادة تدوير و تمهيد لمرحلة منتَظرة يُعززه قانون انتخاب يتدرج بقبح تدرجًا ستكون ثمرته قسمة ضيزى تُمهد للتوطين الرسمي و بتوقيع ديموقراطي مَرضي عنهُ و مَدعوم دوليًا بالمال و الغِطاء” السمن و العسل مُقابل التراب و الهوية”.
أن هذه الفترة التي نمر بها هي أكثر فترة حساسة يمر بها الوطن الاردني و ما الأحداث و الزلازل المتتابعة و توابعها و التعاطي معها و الفوضى المصطنعة إلا دلالة لا تقبل الشك على اقتراب ما كنا نُغمض أعيننا عنه ظنًا أننا في مأمن منه وعنه، حتى بَغَتنا و تَقونن لا بل أصبح عنوانًا للمرحلةِ القادمة تحت مُصطلح جديد” هوية جامعة” تجمع غير الأردنيين مع الأردنيين ثم عمل وسط حسابي للمجموع و تصديره للعالم في ظل السلام الدائم و التطبيع العربي و الدين المُشترك الجديد المُسمى زورًا بالإبراهيمي و حل أعقد قضايا الدُنيا على حساب أكثر من قدم في سبيلها من دماء بين المدن و الحارات و على الحدود و على أسوار زهرة المدائن ، و كأننا لسنا إلا سنمار يُبعث من جديد مثلًا في النُكران و الجُحود و الإسقاط.
واخيرا لن نكف عن التحذير من ذلك الطوفان القادم في كل مناسبة و لن تمل أيدينا من قرعِ أجراس الخطر خوفًا لا تخويفًا ، كل ذلك و الأمل يَحدونا أن ينهض من بين الركام خط وطني أُردني واعي كبير يجمع بين جنباته كل صوت وطني يرى الصورة المُكتملة و يكون صَمام أمان و دفع لكل شر متمثل بألف وجه و ألف ذراع يريد النيل من هذا الوطن و هويته و انسانه و بقاءه، فلقد وصلنا للأسف الى مرحلة إما صوت وطني مؤثر يخلط الأوراق أو وطن بلا صوت و لا أثر و بلا أوراق .