التحديث الاقتصادي.. العبرة في التطبيق

6 يونيو 2022
التحديث الاقتصادي.. العبرة في التطبيق

بقلم : محمود مشارقة

إطلاق رؤية التحديث الاقتصادي في الأردن للسنوات العشر المقبلة خطوة مهمة وإن كانت متأخرة للنهوض الاقتصادي، لكنها تحتاج إلى ترجمة حقيقية لمضامينها حتى تحدث التغير المطلوب ويلمس نتائجها المواطن الأردني.
عناوين براقة حملتها “الرؤية” تتضمن توفير مليون فرصة عمل خلال 10 سنوات وزيادة الدخل الفعلي للفرد 3% سنويا في المتوسط ورفع نسبة رضا المواطنين عن نوعية الحياة الى 80 % ، وهذه المستهدفات لا شك أنها ذات مساس مباشر بالمواطن وما يؤرقه ، فنسبة البطالة بين الشباب تصل الى 50% ونسبة الفقر بين السكان تصل إلى 15.7 % ، لذلك من الأهمية بمكان وضع رقابة مؤسسية مستقلة على تطبيق الرؤية حتى لا تتعطل في دواليب البيروقراطية الحكومية المعهودة.
ولأن القطاع الخاص هو عماد “الرؤية” والمواطن هو غايتها ، لا بد من إطلاق العنان لمبادرات رواد الاعمال التي توفر فرص وظيفية للشباب وعدم ترحيل الأزمات ومراكمتها من الحكومات المتعاقبة التي لجأت حتى الان إلى حلول آنية وجبائية لملىء خزائن الدولة الخاوية .. وبدون تسهيلات حقيقية وتشجيع مبادرات القطاع الخاص سنبقى نراوح مكاننا .
رؤية التحديث الاقتصادي حسب المعلن تشتمل على 8 محركات و366 مبادرة و35 قطاعا رئيسيا وفرعيا وتطبق على 3 مراحل حتى 2033،وهنا الفترة الزمنية فضفاضة نوعا ما ، لأن المواطن يحتاج لحلول آنية وسريعة تنعكس على جودة حياته وتعالج تآكل القدرة الشرائية وغياب شبكات أمان اجتماعي كافية.
ولجلب استثمارات وتمويل بقيمة 41 مليار دينار لتحقيق الرؤية ، هناك حاجة لمراجعة عصرية وثورية لقانون الاستثمار والتملك العقاري وتسهيل حركة رأس المال وتوفير عائد جاذب للمستثمرين ، وهذا الامر يتطلب أيضا إعادة التفكير في الميزة النسبية للأردن كموقع جغرافي وسياسي إقليمي ، وكذلك تعزيز اقتصاد الخدمات اللوجستية وترجمة فلسفة جودة الحياة إلى مشاريع سياحة وترفيه عالمية.
قبل سنوات استغرقت وقتا طويلا وأنا أقرأ مضامين “رؤية الأردن 2025 ” التي جرى الترويج لها بقوة في عهد حكومة عبدالله النسور، لكن أحلامي بنهضة حقيقية لم تتحقق وذهبت أدراج الرياح، والخلاصة هنا أن الأردن لا يمتلك ترف الوقت لتطبيق التحديث الاقتصادي المنسجم مع مخرجات تحديث المنظومة السياسية ، والمنتظر هنا أن نرى مسارا سريعا نحو التحديث والإصلاح الإداري والقضائي بشكل يحاكي المتغيرات العالمية ويحقق أهداف الإصلاح والتطوير المنشود.
“الأردن الجديد ” يبنى حتما بسواعد الأردنيين، ولكن بشرط تكافؤ الفرص وتكريس دولة المؤسسات وإيجاد إدارة كفؤة تحقق رؤى الملك عبدالله الثورية في الاصلاح.. والعبرة هنا في التطبيق .