حديث اخير في موضوع الفتنة/ القسم الثاني

3 يونيو 2022
حديث اخير في موضوع الفتنة/ القسم الثاني

مروان العمد

وفي التاسع عشر من ايار عام ٢٠٢٢ وجه جلالة الملك كلمة للشعب الاردني كان فيها فصل الخطاب والكشف عن المستور ، وايضاح الحقيقة في موضوع الفتنة .
حيث قال جلالته ( انه وعلى اثر الفتنة ، فقد اخترت ان اتعامل مع اخي الامير حمزة في اطار العائلة الهاشمية ، وعن طريق عمنا سمو الامير الحسن بن طلال ، الا انه بعد عام تم استنفاذ كل فرص عودة اخي الى رشده ، والذي كنت انظر اليه نظرة الاب الى ابنه ، والذي كان يرى نفسه وصياً على ارثنا الهاشمي ، ويعيش حالة من انكار الواقع ، ورفض تحمل اي مسؤولية ).
واضاف جلالته ( ان اخي حمزة كان لا يزال يتجاهل الوقائع التي تنفي روايته ، وانه لا يزال يؤمن بصحة ما يدعيه ، والوهم الذي يعيشه . وادركت اسرتنا انه انقلب على تعهداته واصبح يستهدف اثارة القلاقل ، مقدما مصالحه الخاصة على مصلحة الوطن ، ويعيش ضمن هواجسه ويتجاهل الحقائق والثوابت ، ويتقمص دور الضحية ) .
وقال جلالته ( انني مارست اقصى درجات التسامح وظبط النفس مع اخي ، ولكن خاب ظني به مرة تلو المرة ، و انه اختار الخروج عن اجماع اسرته . وعندما اظهر قبوله لقراري بتعيين ولي العهد ، احاط نفسه باشخاص يعارضون هذا القرار ، دون محاولة منه لردعهم ، واستمر في تصرفاته هذه ، والتعامل مع الجميع بجفاء واثارة المتاعب والادعاء باستهدافه ومحاربته )
وقال جلالته ( انه وطوال عمل شقيقي في القوات المسلحة ، كانت تردني شكاوى عن تعاملاته الفوقية مع زملائه ومرؤوسيه . وانني عهدت اليه بالكثير من الامور ، ولكنه كان يقابل ذلك بسؤ النية والتشكيك . وكان الاقتراح الوحيد الذي قدمه هو توحيد كافة الاجهزة الاستخباراتية تحت امرته ) . واضاف جلالته ( لقد دعيت الله عز واجل ان يخرج حمزة من عزلته ، الا انه وفي كل مرة كان يعتصرني الالم وانا اجد مكانه خالياً في مناسباتنا الوطنية والاسرية ، حتى انه رفض المشاركة في تشيع جنازة عمه سمو الامير محمد )
وتابع جلالته القول ( وقام بتحريف ما دار بينه وبين رئيس هيئة الاركان ، مدعياً بأن الزيارة كانت بشكل مفاجئ ، في حين انها كانت في الزمان والمكان اللذان حددهما هو . كما انه خرج عن تقاليد اسرتنا وقيمنا كأمير هاشمي وقام بتسجيل مقابلته لرئيس هيئة الاركان ، وارسلها لباسم عوض الله .ثم قدم رواية مشوهة عن دوره في القضية ، متجاهلاً اتصالاته بخائن الامانة باسم عوض الله ، وحسن بن زيد والذي كان يعلم انه طرق ابواب سفارتين اجنبيتين مستفسراً عن امكانية دعم بلديهما في حال تغيير نظام الحكم في الاردن . وادعى انه ضحية استهداف وتقييد حرية الحركة له ولاسرته ، في حين انهم كانوا يتنعمون بشتى وسائل الراحة والرفاهية )
واضاف جلالته ( انه وبعد رسالة الاعتذار عاد للاستعراضات ، ولعب دور الضحية ، وارسل رسالة فيها تعدي على صلاحية الملك بموجب الدستور وقانون الاسرة الملكية يعلن فيها تخليه عن لقب امير . ثم ارسل رسالة يطلب فيها الاحتفاظ بمزايا لقبه المالية واللوجءستية . كما حاول الاحتكاك بالحرس الملكي صبيحة يوم العيد وتوجيه عبارات غير لائقة بحقهم ).
واضاف جلالته ( وبعد استنفاذ كل محاولات التعامل مع اخي حمزة في إطار الأسرة ، وجب علي ان اقوم بما يملية علي واجبي اتجاة اسرتي الصغيرة ، واتجاه واجباتي إزاء اسرتي الاردنية ، وعليه قررت الموافقة على توصية المجلس المشكل بموجب قانون الاسرة الملكية بتقييد اتصالات الامير حمزة وإقامته وتحركاته ، والتي رفعها المجلس لي في الثالث والعشرين من شهر كانون الاول الماضي . وكنت ارتايت التريث في الموافقة عليها لمنحه فرصة مراجعة نفسة ، مضيفاً جلالته ( وبالنظر الى سلوك الامير الهدام فانني لن أفاجأ اذا ما خرج علينا برسائل مسيئة تطعن في هذا الوطن ومؤسساته . اننا لا نملك ترف الوقت للتعامل مع هذه الروايات ، فامامنا الكثير من التحديات التي يجب علينا ان نواجهها بشكل سريع وحاسم ) .
وهكذا قدم جلالته استعراضاً موجزاً عن تصرفات الامير حمزة ، والذي سكن في هاجسه الجلوس على العرش الاردني ، او تم زرع هذا الهاجس في عقله منذ طفولته . علماً انه وبموجب الدستور الاردني تنص المادة 28 منه ( تنقل ولاية الملك من صاحب العرش الى ابنه الاكبر ، ثم الى اكبر ابناء الابن الاكبر ، وهكذا طبقة بعد طبقة . واذا توفي اكبر الابناء قبل ان ينتقل الملك اليه كانت الولاية لاكبر ابنائه ، ولو كان له اخوة . على انه يجوز للملك ان يختار احد اخوته الذكور ولياً للعهد ، وفي هذه الحالة تنتقل ولاية الملك من صاحب العرش اليه ) . ولذا وعندما ولد الامير عبدالله بن الحسين في الاول من نيسان علم 1965 سمي ولياً للعهد بحكم الدستور ، الا ان جلالة الراحل العظيم الملك الحسين بن طلال ، وفي نفس العام وعندما بلغ شقيقة سمو الامير الحسن الثامنة عشر من عمره قرر وبموجب صلاحياته الدستورية ان يعينه ولياً للعهد ، كون ابنه الاكبر كان في الاشهر الاولى من عمره ، ولحساسية وخطورة تلك الايام من حياة الاردن . وبقي سمو الامير الحسن ولياً للعهد حتى تاريخ الرابع والعشرين من شهر كانون الثاني لعام 1999 . وحينما كان جلالته يصارع المرض ، قرر ان يعود لنص الدستور في ولاية العهد ، بحيث ينتقل الحكم من صاحب الملك لاكبر ابنائه الذكور عمراً . فقام باعفاء شقيقه سمو الامير الحسن من ولاية العهد ، والذي تقبل الامر بصدر رحب وهو صاحب القاب الكبير والعقل المستنير ، واعاد جلالته تعين ابنه البكر سمو الامير الملكي عبدالله بن الحسين ولياً للعهد . ثم ذهب جلالته في رحلته العلاجية الاخيرة الى الولايات المتحدة الامريكية . وعندما ساءت حالته وعاد للبلاد بعده بايام ، وبتاريخ السابع من شباط انتقل جلالته للرفيق الاعلى ، وتولى الملك من بعده جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين . وبموجب صلاحيات جلالته الدستورية فقد عين صاحب السمو الملكي الامير حمزة ولياً للعهد ، بموجب توصية شفوية وغير ملزمة له من والده الراحل . الا ان جلالة الملك عبدالله الثاني وفي عام 2004 قرر عزله عن ولاية العهد دون تسمية بديل له . وهذا يعني بحكم الدستور ان تعود ولاية العهد لاكبر ابناء الملك عبدالله الثاني وهو صاحب السمو الملكي الامير الحسين بن عبدالله . ولمعارضة سمو الامير حمزة لهذا الأجراء ، ولظهور مطامح لديه بأن يعود ولياً للعهد ، فقد قرر جلالة الملك وبحكم سلطاته الدستورية ان يسمي ابنه البكر رسمياً وليا للعهد وذلك في شهر تموز من عام 2009 . وكانت هذه الحادثة هي بداية تحركات سمو الامير حمزة والتي قادت الى الفتنة التي عشناها وعانينا منها في الفترة الماضية .
وهذا يثبت بالاضافة الى ما ورد في الرسالة الملكية ان الموضوع بالنسبة للامير حمزة ليس ما يعانيه الاردنيين من ظروف الحياة ومصاعبها وتعاطفه معهم ، او معارضته النهج السياسي الاردني، ولا ما يقوله عن انتشار الفساد والا لما طلب برسالة لاحقة تبديلا وتحديثاً لسيارات موكبه الرسمي . ولكن لما يعانيه من شعور بالمظلومية لازاحته عن ولاية العهد ، ورغبته بالعودة اليه ليرث حكم الاردن بعد عمر طويل لجلالة الملك عبدالله الثاني ، كونه مقتنع او تم اقناعه انه خير من يقوم بذلك ، وانه سوف يمثل امتداداً لعهد والده العظيم عليه رحمة الله وبركاته .
ولهذا فأنه يجب علينا نحن الشعب الاردني ان نعتبر رسالة جلالة الملك هي فصل الخطاب بقضية الفتنة هذه وان نطوي صفحتها . فأن الاردن لا يوجد به الا ملك واحد ، هو صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين . ولا يوجد فيه الا ولي عهد واحد هو سمو الامير الملكي الحسين بن عبدالله الثاني اطال الله في عمرهما . وان بةفيه اصحاب السمو الامراء والاميرات الهاشميون ، ممن يفخرون بحمل هذا اللقب ، وليس ممن يتعففون عن حمله . وان هذا ما ينطق به الدستور والواقع . وان كل من يدعي غير ذلك هو متمرد وخارج على الدستور ، ولا تجب له طاعة ولا ولاء ولا مناصرة . وأن من يفعل ذلك يعتبر شريكاً له في عصيانه وتمرده .
اما ما يتبقى لحمزة في هذا الوطن فهو كرم جلالة الملك على شقيقه المتمرد والذي قال عنه ( وسنوفر لحمزة كل ما يحتاجه لضمان العيش اللائق ، لكنه لن يحصل على المساحة التي كان يستغلها للإساءة للوطن و مؤسساته واسرته ، ومحاولة تعريض استقرار الاردن للخطر )
وختم جلالته رسالته بقولة ( وبناء على ذلك سيبقى حمزة في قصره لضمان عدم تكرار اي من تصرفاته غير المسؤولة والتي ان تكررت سيتم التعامل معها . اما اهل بيته فلا يتحملون وزر ما فعل ، فهم اهل بيتي ، لهم مني في المستقبل كما في الماضي كل الرعاية والمحبة والعناية )
وان دل هذه فأنما يدل على مدى عدل وانسانية وحلم جلالته ، الذي ومع كل المرارة التي شعر بها من تصرفات شقيقه ، الا انه وفي كل فقرات رسالته كان يشير له بالاخ والشقيق و يلقبه بالامير . ولتكن رسالة جلالة الملك وما ورد فيها فصل الخطاب في موضوع الفتنة ، وان لا نعود للحديث عنها من جديد ، فما هو امامنا وخلف حدودنا وحتى في داخلنا ما هو اهم واخطر من ذلك كله .