رسالة إلى مديرة

1 يونيو 2022
رسالة إلى مديرة

 

د. ذوقان عبيدات 

حسنية الدّبابية سيّدة لا أعرفها من قبل، ولا أدّعي معرفة حديثة بها، ولكن أُتيح لي دراسة فلسفتها التربوية وأفكارها في الإدارة  المدرسية وتعاملها مع الطالبات، وإحساسها بالمسؤولية المجتمعية ، وذلك من خلال العمل مع كوكبة من معلماتها في إحدى لجان المناهج في المركز الوطني للمناهج!

 فماذا عرفت عنها؟

مديرة توفر بيئة مدرسية آمنة ونظيفة لكل الطالبات والمعلمات! كان سلوكها أشبه بميثاق مهنيٍ لحقوق الطالبات، وميثاق مهني لحقوق المعلمات، وكان شعارها:

أنا مع كل طالبة في التحديات التي تواجهها من المعلمات والأهل! وأنا مع كل معلمة في التحديات التي تواجهها من الإدارة التربوية بمكتب التربية والتعليم أو حتى في التحديات التي تواجهها خارج المدرسة !

إذن هي صديقة الطالبات وداعمة المعلمات! وكان وجودها مديرة لمدرسة الخنساء الثانوية مصدر طمأنينة لأهالي المجتمع أولًا، ولمديرية التربية ثانيًا، وكان سجلّها: مليئًا بمعارك الصدّ والحماية! 

وفّرت أنشطة متنوعة للطالبات، تشرفت بمشاركة المدرسة في نشاط تربوي لها حول التعليم أون لاين! فتوافق ما سمعته عنها مع ما شاهدته فيها:

مديرة متعلّمة مجتهدة: تحمي ولا تهدد، تصون ولا تبدد، تشدّ أزر الطالبات ،وترد السّهام عن المعلمات، توظّف الوقت بشكل استثمارات ومشروعات ناجحة: لها وللطالبات والمعلمات ،!

ما مناسبة هذا الحديث عن الأستاذة حسنية؟

علمت من معلماتها أنّها ستنهي ثلاثين عامًا، أي أنها ستحال إلى التقاعد!

 فكرتُ في نقص المديرات الفاعلات! وفي أنّ القوانين صمّاء، تتعامل مع المديرات الفاعلات كما تتعامل مع غير الفاعلات “وهنّ وهم كثر”

ودون تخطيط، ودون معرفة صاحبة الشّأن ، قابلت معالي وزير التربية وعطوفة أمينتها العامة، وشرحت انطباعي عنها! حزنت حين سمعت “استحالة ” استثناء مديرة فاعلة من قانون “غبي” يساوي دون أن يعدل!!!

إذاً! سيدتي المديرة: لا عزاء للناجحات ، والمديرات كأسنان المشط!! ولذلك عليَّ واجب الصّراحة الآن:

التقاعد نهاية مرحلة ولكنه بدايات لمراحل عديدة قد تكون أكثر غنىً!!

أنا شخصيًا تقاعدت أربع مرات، وطردت من عملي أربعًا، وفقدت عملي ثلاثًا! وهذا يعني أنّ تقاعدي  الأول فتح لي أحد عشر بابًا جديدًا، وإحدى عشرة بداية كلها فاقت الوضع ما قبل تقاعدي الأول!

سيدتي:

أنت الآن لم تعودي مديرة ناجحة! ولكنك إنسانة ناجحة جدًا، تمتلكين كل خطوط البدايات الواعدة! لا تنظري لتراث ثلاثين عامًا في مدرسة سابقة، بل احملي خبرتك، وابحثي عن تلك البدايات!

الناجح يمتلك كل مفاتيح النجاح!

ولماذا لا أراك “نائبًا” في مجلس النواب ولك رصيد في كل بيت؟

لماذا لا أراك تقودين مؤسسات جديدة ولديك كل مهارات الابتكار؟

تبقى مدرسة الخنساء  مشروعك الناجح الأول، ومشروعًا من بين عشرات المشاريع القادمة!

تحية وتقديرًا