ريال: ارتفاع التكلفة سبب العزوف عن السياحة العلاجية

16 مايو 2022
ريال: ارتفاع التكلفة سبب العزوف عن السياحة العلاجية

وطنا اليوم:بينما تتجه دول كثيرة لإنعاش السياحة العلاجية بعد إلغاء الاجراءات المتعلقة بوباء كورونا نظرا لأهمية دعم الاقتصاد الوطني إلا انه في الأردن ما زالت لا توجد خطوات فعلية وخطط واضحة على أرض الواقع لإعادة الألق لهذا القطاع المهم.
ورغم ان المشكلات المرتبطة بقطاع السياحة العلاجية بالمملكة واضحة ومعروفة حسب مسؤولين ومختصين ، كارتفاع الأجور الطبية وتسعيرة الأدوية والإقامة وضعف التسويق وغيرها، لم تقدم الجهات المعنية او تتجه نحو خطوات فعلية وخطط تسويقية قوية، تعيد الأردن لدائرة المنافسة بالسياحة العلاجية مع دول مجاورة، حيث ما زلنا بعيدين عن المنافسة حاليا معهم على حد قولهم.
الناطق الإعلامي للجمعية الأردنية للسياحة الوافدة نبيه ريال، أكد ان 60% من اسباب العزوف عن السياحة العلاجية بالمملكة، تعود الى ارتفاع الأجور الطبية واسعار الأدوية، ومن بعدهما يأتي ارتفاع أسعار الإقامة بالمستشفيات، وغيرها من أسباب تتعلق أيضا بوجود سماسرة لم يتم ضبطهم بهذا القطاع ما بين الدول المصدرة والمستوردة، ناهيك عن التسويق الخجول في هذا القطاع من قبل الجهات المختصة، حيث انه لا يوجد تسويق كاف.
وبين ان السياحة العلاجية لدينا لم تنتعش كما يجب، على الرغم من تخفيف اجراءات كورونا وبعض التأشيرات على دول عربية، فما زالت تعتبر هذه السياحة مرتفعة الثمن بالمملكة، مقارنة مع دول أخرى منافسة مثل تركيا، سيما في ظل انخفاض الليرة التركية خلال الفترة السابقة، فالانتعاش الذي حصل هو خجول وبسيط جدا، ونحن بعيدون بالمنافسة في الأسعار بهذا القطاع، متأملا ان تشهد فترة الصيف تغييرا وانتعاشا، مع قدوم الزوار العرب للسياحة، التي من الممكن ان ترافقها مراجعات طبية.
وعن المشكلات الأبرز التي تواجهها السياحة العلاجية بالمملكة، لفت ريال الى انها متعلقة بارتفاع تكاليف المستشفيات الخاصة، والمنافسة الإقليمية، وارتفاع الأجور الطبية وتسعيرة الأدوية، وصعوبة التأشيرات لبعض الدول، ناهيك عن ارتفاع كلف التشغيل كالكهرباء والمياه والضرائب.
واعتبر ان الحكومة ربما لا تستطيع التدخل بموضوع أسعار العلاج بالمستشفيات، لكنها تستطيع التدخل بتسعيرة الأدوية وتخفيضها، لأن فرق اسعار الأدوية ما بين الأردن ودول مجاورة مثل تركيا ومصر كبير جدا، وقد يصل من (7-10) أضعاف، كما انها تستطيع تخفيض ارتفاع الكلف التشغيلية للمستشفيات والضرائب كذلك.
وفيما بتعلق بالسيطرة على أسعار العلاج بالمستشفيات، قال ريال ان أسعار العلاج بالمستشفيات الخاصة هو سوق مفتوح، والدور الأكبر فيه يكون لجمعية المستشفيات والمستشفيات نفسها، فعليها ان تدرس بعناية هذه الأسعار لأنها مرتفعة جدا لدينا، ويجب إعادة النظر فيها للمساهمة في انتعاش السياحة العلاجية.
وأضاف انه بالفعل هناك سلوكيات وممارسات سلبية مارستها للأسف بعض المستشفيات، شوهت قطاع السياحة العلاجية بالمملكة، سواء من ناحية رفع الأسعار بشكل غير مقبول ومبالغ وأسعار الكلف الطبية، واستغلالها لبعض السائحين الذين يأتون من أجل العلاج، حتى ارتفاع الإقامة بها تجعلنا بعيدين عن المنافسة بالسياحة العلاجية، مقارنة مع دول أخرى، على الرغم من وجود الكفاءات الطبية لدينا.
وشدد على ان بعض دول الخليج التي تمنح مواطنيها ميزة العلاج بدول أخرى، أصبحت ترى ان الكلف في الأردن مرتفعة جدا مقارنة مع دول أخرى وترسلهم اليها، إضافة الى ان ميزة اللغة التي كان الأردن يتفوق فيها سابقا، أصبحت ليست عائقا في الدول الأخرى.
وطالب ريال هيئة تنشيط السياحة، بضرورة التركيز على السياحة العلاجية، من خلال الانفتاح الأكبر على المعارض السياحية العلاجية، وعمل حملات ترويجية أكثر في الدول المحيطة والعربية، تماشيا في الوقت ذاته مع وجود حزم تشجيعية للأسعار وضبطها والتأشيرات وغيرها، مؤكدا ان الحركة والتسويق ما زالا خجولين بموضوع السياحة العلاجية.
من جهته قال الخبير والمحلل الاقتصادي حسام عايش انه على الرغم من وصول إيرادات السياحة العلاجية بالأردن في سنوات سابقة للمليار دينار، إلا انها تراجعت بشكل غير مسبوق مؤخرا، بالتزامن مع وجود دول منافسة بالأسواق كالإمارات وتركيا ولبنان وغيرها، حيث بدأت هذه الدول بعرض منتج سياحي علاجي أقل تكلفة، وأحيانا اكثر تطورا دون تجارب سلبية.
ولذلك علينا وفق عايش، ان لا نتغنى كثيرا على ما كنا عليه سابقا، وان نتعلم من التجارب السابقة، ونعيد التمركز السياحي العلاجي بشكل أفضل، لنكون قادرين على المنافسة، حيث كانت هناك تجارب سلبية لاستغلال السائحين في القطاع الطبي مثل مشكلة ليبيا، والقطاع الفندقي واستغلالهم من قبل البعض، مما أثرت على سمعتنا بهذا المجال، ولجوئهم الى دول أخرى.
وللعودة الى المنافسة في قطاع السياحة العلاجية، أوضح ان ذلك يستدعي دراسة الكلف من جهة، وإضافة تخصصات علاجية جديدة من جهة أخرى، بالإضافة الى وجود معايير أكثر وضوحا وشفافية لكل زائر علاجي سياحي بدءًا من النقاط الحدودية، مع خلق ثقافة علاجية سياحية يلتزم بها الجميع، حتى تنعكس إيجابا على قطاعات مختلفة، كالنقل والفنادق والمطاعم والخدمات الأخرى، وتفتح بابا جديدا للتعرف على فرص أخرى بالمملكة.
ودعا عايش الى تطوير المفاهيم والسياسات المتعلقة بالسياحة العلاجية، وإعادة النظر في السابقة، كتأشيرات الدخول للمملكة، وتقليل القيود المتعلقة باستقطاب المرضى، ومراجعة السياسات بالمستشفيات والمراكز الطبية، بصورة تنعكس ايجابيا على عودة السياحة العلاجية عندنا، مع ضرورة التعرف على ما تقدمه الدول المنافسة للسائحين، حيث ان السياحة العلاجية تعتبر أحد أهم مصادر الدخل ليس فقط للقطاع الطبي، انما لقطاع الخدمات بشكل كامل.
كما دعا لوجود خريطة شاملة مخصصة للسياحة العلاجية، تتضمن الأماكن السياحية كالدينية والتاريخية والمغامرات، والجهات التي يمكن الاتصال بها والتواصل معها الى حين استكمال السياحة، بحيث يكون السائح العلاجي على علم بكل خطوة، ناهيك عن وجود جهات يستطيع مراجعتها للإجابة عن اي تساؤل في حال حدوث اي تغيير او خطأ برحلته العلاجية، ليكون محط عناية منذ لحظة دخوله للأردن وحتى مغادرته