عبيدات في حوار لمنتدى الفكر العربي:الثقافات السائدة في المجتمعات العربية إحدى تحديات عملية تطوير وتغيير النظام التربوي

24 مارس 2022
عبيدات في حوار لمنتدى الفكر العربي:الثقافات السائدة في المجتمعات العربية إحدى تحديات عملية تطوير وتغيير النظام التربوي

د.أبو حمّور: ضرورة أن تكون عملية الإصلاح في قطاع التربية والتعليم متوازية وشاملة لجميع عناصر عملية التدريس

د.توق: الاستثمار في التعليم وتطوير قطاعه في الوقت الراهن أمر أساسي للحصول على مخرجات ذات كفاءات مستقبلاً

د.بطاح: تبني كل ما يلزم من سياسات لحماية وتعميم اللغة العربية الفصيحة في النُظم التعليمية العربية

 د.عبيدات: الثقافات السائدة في المجتمعات العربية إحدى تحديات عملية تطوير وتغيير النظام التربوي

 د. غرايبة: هناك بيئة تعليمية جيدة وإقبال مجتمعي كبير على التعليم في الأردن لا ينعكس على مخرجات العملية التعليمية

 توفيق: الدول العربية تحتاج إلى تأصيل فكرة التعلم الفردي والاستمرار به بعد التخرج من المدرسة والجامعة

وطنا اليوم  – عقد منتدى الفكر العربي، امس الأربعاء 16/3/2022 لقاءً حوارياً عبر تقنية الاتصال المرئي، حاضر فيه مستشار رئيس جامعة فيلادلفيا للعلاقات الدولية والمراكز العلمية، والوزير الأسبق، عضو المنتدى د.إبراهيم بدران حول مضامين كتابه “انطلاق التعليم:إشكالية التحولات الحضارية في المجتمع العربي”، وشارك بالمداخلات في هذا اللقاء الذي أداره الوزير الأسبق والأمين العام للمنتدى د. محمد أبو حمّور، وزير التعليم العالي الأسبق د.محي الدين توق، وأستاذ الإدارة التربوية والأصول في الجامعة الأردنية د.أحمد بطاح، والخبير التربوي د.ذوقان عبيدات، والباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية د.إبراهيم غرايبة، والأستاذ زهير توفيق من جامعة فيلادلفيا.

أوضح المُحاضِر د.إبراهيم بدران أن العملية التعليمية المتردية في الدول العربية جعلتها تعاني من ضعف وتفكك على مستوى الدولة الواحدة وعلى مستوى الدول مجتمعة، وأن بعض الدول انخرطت في صراعات وحروب أهلية وانقسامات دينية وطائفية وسياسية، على الرغم من انتشار التعليم وظهور المفكرين والإصلاحين والسياسين والعلماء.

وأشار د.بدران إلى أن عدم قدرة الدول العربية على المنافسة عالمياً في القطاع التعليمي ينبثق من عدم الاستثمار الكافي في قطاع التعليم، وفي تكوين رأس المال البشري ليكون محركاً للتغيير وللتقدم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

وتناول المتداخلون في هذا اللقاء دور الثقافة المجتمعية السائدة في الدول العربية وتأثيرها على قطاع التربية، وأهمية العمل على تحسين المستوى المعيشي للعاملين في هذا القطاع للوصول إلى الكفاءة التربوية، وعدم كفاءة استخدام الخطط والاستراتيجيات الإصلاحية التي طبقت خلال السنوات السابقة نظراً للمتغيرات الكبيرة التي يمر بها نظام التربية والتعليم في الدول العربية.

وأكد المتداخلون ضرورة وجود دراسات عربية شاملة تتناول قطاع التربية والتعليم، والعمل على أن تكون هذه الدراسات متاحة، وفي متناول إيدي المسؤولين والسياسيين وصناع القرار، والعمل على الاستثمار بشكل أكبر في قطاع التربية والتعليم.

التفاصيل:
أوضح مستشار رئيس جامعة فيلادلفيا للعلاقات الدولية والمراكز العلمية المُحاضِر د.إبراهيم بدران أن ضعف الحالة التعليمية في الوطن العربي أدى إلى حدوث حالة من التفكك داخل الدول العربية سواء على مستوى الدولة الواحدة أو على مستوى العلاقات العربية، كما أدى إلى زيادة عبء الاعتماد على الدول الغربية في استيراد السلع، وتراجع مستوى التقدم والنمو في القطاعات كافة، وتعزيز احتكار السلطة السياسية وغياب الديمقراطية، وإنتاج ثقافة عربية دون المستوى المطلوب، وغياب الاختراعات العربية، ومحدودية في تأليف الكتب والترجمة.

وأشار د.بدران إلى أن التعليم بمفهومه الاجتماعي والاقتصادي لا يشكل فضاءً منفرداً ومستقلاً وإنما هو قطاع شديد التداخل مع الاقتصاد والإدارة السياسية والمجتمع، وأن هذه العناصر غالباً ما تأتي ضمن إطار واحد تتقدم معاً أو تتراجع معاً، وأن التعليم الجيد الملائم للقرن الحادي والعشرين يتطلب اقتصاداً قادراً على الاستثمار في التعليم، وقادراً على الاستجابة لتحديات العلم والتكنولوجيا التي ينبغي أن يحملها المتعلم المتميز.

وبَيّن د.بدران أن للتعليم كفاءة خارجية تظهر على الأفراد من خلال المساهمة في تسريع التغيرات الحضارية المنبثقة من المجتمع والمؤثرة فيه، وتحتاج هذه الكفاءة إلى مرونة داخل المجتمع والإدارة، والاستعداد لأخذ العلم من أهل العلم والخبرة في المجتمع والاستثمار في هذا القطاع، وأن تكون البنية الاقتصادية للدول تسمح لهذه الكفاءات في الانخراط فيها، مبيناً أهمية أن تكون عملية اختيار الكفاءات وتنميتها عملية واضحة.

وقال د.بدران: إن متطلبات إنطلاق التنمية لقطاع التربية والتعليم يتطلب تأصيل مهارة التفكير لدى الطلاب وجعلها قائمة على الحرية والعقلانية، وحل المشكلات المرتبطة بقطاع التعليم ووضع خطط واستراتيجيات حديثة، وأن تعمل الإدارة والمفكرون والمثقفون على تطوير الثقافة المجتمعية بإتجاه قبول تطوير جميع أركان العلمية التعليمية والتفاعل معها والاستعداد للتغيير، وأن تعمل المؤسسات التعليمية والثقافية على تعزيز لغة التواصل بالمفاهيم العلمية والتكنولوجية في المجتمع، ونشر ثقافة تداخل التخصصات وخاصة في المراحل العُليا.

وبَيَن د.محمد أبو حمّور أن النظام التعليمي في العالم يتغير بشكل كبير ومتسارع نتيجة الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي، اللذان يعملان على تغير طبيعة التدريس وتغير مسار العملية التعليمية وجعل مصادر الحصول على المعلومة متعددة.

وأكد د.أبو حمّور ضرورة أن تكون عملية الإصلاح في قطاع التربية والتعليم شاملة ومتوازية لجميع عناصر عملية التدريس بدءاً بالمناهج المدرسية وصولاً إلى المعلم المحرك الرئيسي والأساسي لهذه العملية، والعمل على تحسين أوضاعه من خلال جذب عناصر مؤهلة للعمل في التعليم، وتحسين المكافأة المهنية والحوافز ليتسنى للمعلمين التفكير بالتعليم وليس بالمتطلبات المتعلقة بحاجاتهم المعيشية الأساسية.

وبدوره قال د.محي الدين توق: إن الاستثمار في التعليم والعمل على تطوير هذا القطاع في الوقت الراهن أمر أساسي لضمان الحصول على مخرجات ذات كفاءات عالية في المستقبل، تضمن نماء الفرد ورخاء المجتمع ورفعة الدولة، ومن هنا ينبغي أن تتوفر إدارة سياسية تقدم خططاً وبرامج تنموية بنهج شمولي وتكاملي لتنمية قطاع التعليم ضمن منظومة تشمل القطاعات كافة، والعمل على تطويرها وتحديثها بشكل متوازي.

وأكد د.أحمد بطاح ضرورة رفع الكفاءة الخارجية والداخلية للنُظم التعليمية العربية، وتطوير الذهنية العلمية لدى المواطن العربي بحيث يؤمن بالعلم كأسلوب تدريس، وتعميم ثقافة الريادة والمشاريع في كل مؤسسة تعليمية سواء كانت على مستوى التعليم العام أو التعليم العالي، وإعادة الاعتبار لتدريس بعض المواد كالفنون والتربية الرياضية، والاهتمام باللغة العربية الفصيحة، وتبني كل ما يلزم من سياسات لحمايتها وتعميمها وبخاصة أنها تعاني من منافسة عالمية.

وأشار د.ذوقان عبيدات إلى اللجنة الوطنية لمتابعة إصلاح نظام التعليم والتدريب والبحث العلمي وآليات عملها في الأردن، وإلى إشكاليات وتحديات تطوير وتغيير النظام التربوي في ظل الثقافات السائدة في المجتمعات العربية، وتمسك عدد من العاملين وأصحاب القرار في هذا القطاع بآليات وطرق التدريس وخطط التطوير التي طُبقت في الماضي، مؤكداً أهمية إيجاد مساحة من التسامح الفكري والثقافي في تنمية القطاع التعليمي، وإعطاء قيمة أكبر للمعرفة العلمية المنبثقة من العملية التربوية.

ومن جانبه بَيّن د.إبراهيم غرايبة أهمية جعل مسألة التعليم في الوطن العربي مسألة جدلية وطنية عامة وقابلة للنقاش للعمل على تطويرها وفق أفضل المعايير، مشيراً إلى أن البيئة التعليمية في الأردن جيدة وأن هناك إقبالاً مجتمعياً كبيراً على التعليم، فيما لا ينعكس ذلك عملياً على مخرجات العملية التعليمية، لذلك ينبغي العمل على معرفة نقاط القوة ونقاط الضعف في قطاع التربية، والعمل على تحسين أوضاع مادتي التربية المهنية والفنية، وإضافة مادة الفلسفة للمناهج المدرسية لتحسين التحصيل والكفاءة، وتطوير مهارات التفكير لدى الطلبة.

وأشار الأستاذ زهير توفيق إلى دور البيئة المجتمعية في تنمية التعليم وتفعيل دورها في التقدم والنهضة والخروج من الأزمات، مشيراً إلى أن الدول العربية تحتاج إلى تأصيل فكرة التعلم الفردي والاستمرار به بعد التخرج من المدرسة والجامعة؛ والعمل على فصل قطاع التربية والتعليم عن الإدارة السلطوية والبيروقراطية والروتين، وخاصة فيما يتعلق برسم الخطط التنموية في هذا القطاع