بقلم:د. عادل يعقوب الشمايله
الجواب ببساطة، لا.
– بعد مراجعة واعية ومعمقة للدستور، استطيع ان اجزم أن مجلس النواب ينطبق عليه، قوله تعالى “وخلق الانسان ضعيفا”. وهو لن يكون غير ذلك حتى ولو كان جميع النواب من المعارضين الحزبيين والشرسين والوطنيين سمهم ما شئت، للاسباب التالية:
-لا يملك مجلس النواب سلطة سن قوانين بمبادرة منه. فقط، يحق بموجب الدستور لعشرة نواب تقديم اقتراح مشروع قانون. وهذا يتطلب توصية من لجنة خاصة في المجلس، ثم موافقة مجلس النواب. بعدها يحال للحكومة لدراسته ووضعه في صيغة مشروع قانون، ثم ارساله لمجلس النواب للسير به حسب الاصول. اي ان موافقة مجلس النواب على المقترح تعتبر مجرد توصيه او تنسيب للحكومه. بمعنى، ان السلطة التنفيذية ممثلة بمجلس الوزراء تتحكم تماما بصناعة القوانين، وبالنتيجة تتحكم تماما بصياغة السياسات العامة.
-لا يستطيع مجلس النواب ادخال تعديلات جوهريه على اي مشروع قانون ترسله له الحكومة. لان مجلس الاعيان يقف بالمرصاد. مجلس الاعيان هو الثلث المعطل. اي حتى ينجح مشروع القانون المختلف عليه بين النواب والاعيان، فإنه يحتاج الى ثلثي اصوات مجلس الامه المكون من الاعيان والنواب، الحاضرين وهذا لا يمكن ان يحصل. لان اعضاء مجلس الاعيان سيحضرون ويصوتون بالكامل مع المشروع كما جاء من الحكومة أو كما ترغب الحكومة، في حين ان عددا من النواب سيتغيب وعدد آخر سيخالف رأي غالبية النواب. حتى ولو نائب واحد يكفي لاخفاق رأي مجلس النواب.
-لا يستطيع مجلس النواب احداث تغيير في مشروع قانون الموازنة العامة الذي يعتبر برنامج الحكومة للعام القادم. فهو لا يستطيع فرض ضرائب جديده، ولا زيادة الضرائب المطبقة. كما لا يستطيع زيادة النفقات. فقط يستطيع تخفيض النفقات. تخفيض النفقات يعني شطب مشاريع مما يثير عليه الناس المتضررين. شطب طرق او مدارس او مستشفيات مثلا. أي انه نص محرج لمجلس النواب. وربما أن الهدف منها هز ثقة الناس بالمجلس.
-مجلس النواب لا علاقة له بالسياسة الخارجية، ولا بالسياسة الامنية ولا بقرارات الحرب ولا توقيع المعاهدات والاتفاقات مع الدول الاخرى.
-مجلس النواب حُرِمَ من الاطلاع على المعاهدات والاتفقات الدولية حتى تلك التي ترتب التزامات مالية على الدوله بعد أن تم تجميد المادة 2/33 من الدستور الذي يعطيه الصلاحية بهذا الامر. الرأي التفسيري غدى اقوى من نص دستوري واضح.
-مجلس النواب لا يستطيع التدخل في الاسعار ولا في السياسة الزراعية ولا في التوازن بين الرواتب والاجور من ناحية وانخفاض قيمتها الشرائيه من ناحية اخرى بسبب التضخم.
– مجلس النواب لا يستطيع ان يؤثر على السياسة الاقتصادية ولا على السياسة النقدية ولا على السياسة المالية. ويمرر قوانين الضرائب كما تأتيه، أو اسوأ مما تأتيه.
-مجلس النواب اقر قانون الدين العام المخالف للمادة ١١١ من الدستور التي تنص على موازنة متوازنة، أي موازنة بدون عجز، وبالتالي عدم إعطاء مسوغ للاستدانة.
-يستطيع مجلس النواب الامتناع عن منح الثقة، او سحبها في اي وقت، او عدم اقرار قانون الموازنة، ولكنه سيواجه القرار بحله. مما يجعل هذه السلطة منعدمة.
-مجلس النواب لا يستطيع ان ينعقد من ذاته، وبارادته، ولا يستطيع ان يستريح بارادته. بل يُستدعى ويُصرف.
-يستطيع النائب توجيه اسئلة للحكومة او لأي وزير من وزرائها. ولكنه لا يملك وسائل أو آلية للتحقق من صحة اجابة الحكومة او الوزير على السؤال الذي وجهه اليه.
– مجلس النواب، لا يملك وضع اجندة عمله خلال دورة انعقاده، ولا يستطيع بحث اي موضوع غير مدرج مسبقا على جدول الاعمال كما جاءه من الحكومة، أو كما أُوحي الى رئيسه من الحكومة.
– مجلس النواب لا يعلم متى يزوره ملك الموت، وغالبا ما يموت بالسكتة القلبية. هو عمليا يدخل غرفة الانعاش منذ اليوم الاول الذي يفتتح فيه بعد الانتخابات. أي أنه معرض دائما للحل دون سابق انذار.
اذن هو مجلس تنفيع مقابل ان يكون buffer zone بين الحكومة والشعب، ولستر عورة الحكومات، باضفاء الشرعية على قراراتها، وحتى يوجه اللوم والذم اليه وليس للحكومة على كل ما يكرهه ويرفضه الشعب.
طالما الامر كذلك، مش فارقه مين راح ينجح. المجلس لا يستحق ان يعطى اهتماما او متابعة. على الناس أن تتعامل مع الحكومة مباشرة سواءا بالثناء او النقد وكأن مجلس النواب غير موجود.
بعض الثرثارين المعارضين، الذين لا يحسنون القراءة رغم انهم يحملون شهادات جامعية، لم يتوقفوا منذ سنوات طويلة عن ندب حظ الاردنيين على دستور ١٩٥٢. ذلك الدستور الذي كان منزوع الدسم الديموقراطي بالكامل كما هو حال الدستور الحالي.
بناءا على ما تقدم استهجن تدخل الحكومة في الانتخابات وهندستها ” إذا كانت تفعل ذلك”. فمجلس النواب مفلوج، فما الداعي للقلق؟
المقال المنشور في صحيفة الواشنطن بوست يؤكد ان لا وزن تشريعي لمجلس النواب في الاردن.
د. عادل يعقوب الشمايله