وطنا اليوم:لا يخفى على أحد أهمية السياحة العلاجية التي باتت تدر دخلا وعائدا اقتصاديا مهما لدول عديدة في العالم وصناعة حقيقية تستوجب الاهتمام بها لدينا بالمملكة خصوصا اننا نمتلك مقوماتها من كوادر مهمة ومستشفيات ومنتجعات.
ومع الدعوات المتكررة لجلالة الملك بأهمية رفع مستوى القطاع الطبي في المملكة وتطويره وإعادة الأردن ليكون وجهة رئيسة للسياحة العلاجية، حيث قال جلالته في الرسالة التي وجهها للأردنيين إنه «يجب أن نقوم بكل ما هو ممكن لتطوير القطاع الطبي، ليعود الأردن وجهة رئيسة للسياحة العلاجية في منطقتنا»، فإن الجهات المعنية يبقى على عاتقها تنفيذ خطط متكاملة وسريعة وحقيقية على أرض الواقع وتذليل الصعوبات والمعيقات، ودفع قطاع السياحة العلاجية لعهد جديد لتعزيزه وإنعاشه.
وعلى الرغم من توافر مقومات كثيرة لنجاح هذه السياحة في المملكة، وتحقيق طفرة فيها بأعوام سابقة، إلا انها تراجعت بشكل واضح وكبير خلال الفترة الماضية، بفعل عوامل كثيرة لعل اهمها وفق مسؤولين وأطباء تحدثوا الى $ هو الافتقار لخطط تسويقية متكاملة والأسعار المنافسة مع دول مجاورة، ناهيك عن جائحة كورونا واجراءاتها المعقدة التي عمقت هذا التراجع وزادته.
أمين عام وزارة الصحة السابق الخبير في الإدارة الصحية الدكتور عبد الرحمن المعاني قال، ان السياحة العلاجية تعتبر عملاقا اقتصاديا للمملكة، حيث كانت رافداً مالياً كبيراً في أوقات سابقة سيما بالأعوام (2012-2014) التي شهدت طفرة نظراً لإقبال الاف المرضى والجرحى من ليبيا، إلا انها تراجعت بشكل واضح مؤخراً، مما يدعونا لإعادة تنشيطها والترويج لها بشكل أكبر.
وبالرغم من تأثير جائحة كورونا على السياحة العلاجية، إلا انها كانت حسب المعاني تعاني ايضا من تراجع قبلها، مع ان المملكة لديها الكفاءات الطبية والخدمات الصحية المتطورة، إضافة للمعالم السياحية الطبيعية الاستشفائية، فالجائحة غيرت الإجراءات لتصبح اكثر تعقيدا، وبالتالي تأثرت جميع مناحي الحياة الاقتصادية ومنها السياحة العلاجية، إذ وصلت في بعض الأوقات الى صفر مريض فيها.
وأضاف انه مع استمرار الحالة الوبائية بالتذبذب بالمملكة، وخوف القادمين من الإصابة بالفيروس، وارتفاع الإصابات، واعتبار الأردن منطقة حمراء، ومنع بعض الدول مواطنيها من القدوم، كل ذلك أدى لانخفاض أعداد المرضى القادمين الينا للعلاج.
ودعا المعاني الجهات المختصة لاتخاذ عدة اجراءات، لتبسيط حصول القادمين للعلاج على التأشيرات خصوصا لبعض الجنسيات، واعتماد قانون المسؤولية الطبية، وفتح اسواق جديدة، والتركيز على المرضى قبل دخولهم للمملكة، بالإضافة لتفعيل الملاحق الصحية في السفارات الأردنية بدول العالم لاستقطاب مرضى جدد، بدلا من توجههم لدول باتت تنافس بقوة في هذا القطاع.
ولفت الى ان الحكومة قامت بمحاولات لتشجيع السياحة العلاجية، عن طريق فتح قطاعات مختلفة وعلى 3 مراحل، وإنشاء منصة (سلامتك) لتسجيل الراغبين بالاستشفاء في الأردن من الدول المجاورة، إلا ان الإقبال كان متواضعا في البداية، وكان العدد الذي وفد الينا للعلاج حوالي (650) مريضا، وهذا رقم متواضع فرضته تداعيات كورونا.
من جهته أكد الناطق الإعلامي للجمعية الأردنية للسياحة الوافدة نبيه ريال، ان وضع السياحة العلاجية بالمملكة ليس جيدا، فهناك شكاوى من ارتفاع أسعار المستشفيات، وتكلفة الفحوصات المطلوبة خلال الجائحة، وغياب التسويق للسياحة العلاجية بالصورة الصحيحة، فأصبحنا لا نصل للأسواق وشركات التأمين الموجودة بالخارج والعملاء بشكل صحيح، ما أدى لضعفها بشكل واضح وكبير.
وفي ما يخص جائحة كورونا، بين ان المستشفيات كانت مليئة بمصابي كورونا، وبالتالي القادمين كان لديهم خوف من الإصابة فيها، وحتى إن انتهى علاج مريض السياحة العلاجية وأصيب بالفيروس، فإنه مضطر لأن يحجر 14 يوما قبل العودة لبلده.
وأشار ريال الى ان قبل الجائحة كان لدينا عدة مشاكل بالسياحة العلاجية، لعل اهمها قيود التأشيرات الشديدة التي فرضتها الحكومة على كثير من الدول العربية، مشيراً الى أن معظم هذه القيود أزيلت خلال الأشهر الماضية، فأصبح موضوع التأشيرات ليس عائقا.
وفي ما يتعلق بأسعار السياحة العلاجية لدينا، لفت الى انها تعتبر مرتفعة خصوصا إذا تدخل بها «وسطاء» في الأردن والدول القادمين منها المرضى، فوجودهم يرفع الأسعار التي هي أصلا مرتفعة.
واعتبر ريال ان هناك منافسة شديدة بالسياحة العلاجية مع دول كثيرة، فتركيا مثلا هي أكبر منافس للأردن في هذا القطاع، سواء بالأسعار او سهولة الدخول اليها، حيث لا تطلب اي اجراءات معقدة ولا فحوصات أثناء الجائحة، مؤكدا أن اسعار السياحة العلاجية بتركيا هي أقل بنسبة لا تقل عن 50% مقارنة مع الأردن، وهي باتت سوقا مفضلا للسياحة العادية والعلاجية يجذب الناس، سيما مع انخفاض الليرة التركية.
ومع ان المستشفيات أصبحت جزءاً من هيئة تنشيط السياحة التي تسوق للسياحة العادية والعلاجية إلا انه كما ذكر ريال، للان لا توجد لدينا خطط لتسويق السياحة العلاجية، فنحن بحاجة ماسة لخطط تسويقية متكاملة في السياحة العلاجية، والتركيز على أسواق جديدة لم تتأثر بجائحة كورونا مثل دول الخليج والخروج من الطرق التقليدية، وسحب جزء من السياحة التي تذهب لتركيا في هذا المجال الينا.
أما الكفاءات الطبية في قطاع السياحة العلاجية، فأوضح أن لدينا كفاءات وكوادر موجودة من كافة التخصصات، لكن بنفس الوقت دول منافسة كتركيا لديها ايضا كفاءات موازية.
واعتبر ريال ان اجراءاتنا لا زالت معقدة في مجال السياحة العلاجية، فالأشخاص يبتعدون عن الاجراءات المعقدة، ويفضلون الدول ذات الاجراءات السهلة والأسعار الأقل، مشدداً على ان التسويق وإعادة النظر بأسعار السياحة العلاجية لدينا وتخفيض الأجراءات والتعقيدات في ظل كورونا، هي أهم المتطليات التي يجب العمل عليها لتنشيط السياحة العلاجية بالمملكة وإنعاشها.