وطنا اليوم:أبدى مهندسون متخصصون في مشاريع المدن، 10 ملاحظات على المدينة الإدارية الجديدة، التي أعلنت الحكومة عن عزمها إنشاءها مؤخرا، وسط مطالبتهم بوضع خريطة طريق تمثل الأردن من أجل مواكبة جميع التطورات التي يشهدها، ووقف الهجرات السكانية.
جاء ذلك خلال ندوة حوارية نظمتها هيئة المكاتب الهندسية، في مجمع النقابات المهنية، أول من أمس، بعنوان “المدينة الإدارية الجديدة.. واقع وطموح”، حضرها عدد من المهندسين والمهتمين بالشأن العمراني للعاصمة.
وقال مستشار التصميم الحضري، الدكتور المهندس مراد الكلالدة، إن هناك 10 ملاحظات على مشروع المدينة الإدارية الجديدة، أولها مستند الى وصفها بالمدينة الإدارية الذي يفترض نقل هياكل وموظفي 29 وزارة و25 دائرة و55 مؤسسة حكومية مع عوائلهم إليها.
وعن التحفظ الثاني وهو تناقض فكرة إنشاء مدينة جديدة كبرى مع مشروع اللامركزية الذي جاء تنفيذا لتوجيهات جلالة الملك وبوشر بتطبيقه على أرض الواقع.
وتساءل “كيف ستشجع الحكومة المواطنين على الانتقال للمدينة الجديدة بالشمال الشرقي من المملكة، وبنفس الوقت تدعو للتنمية المحلية بالمحافظات؟”.
وبين أن التحفظ الثالث يتمثل بالأثر الاجتماعي الذي سينجم عن تفريغ المحافظات من أهلها وتفكيك الترابط الأسري والعشائري الذي لطالما زاد من تماسك النسيج الاجتماعي.
ودعا الكلالدة إلى توسعة مراكز المحافظات لاستيعاب النمو السكاني كما هو جار على محور شارع الستين بالسلط حيث تم توطين مستشفى السلط الحكومي وجامعة البلقاء التطبيقية والمدينة الصناعية على محور تنموي واعد.
وحول موقع المدينة الجديدة، تحدث الكلالدة عن 4 ملاحظات، مشيرا إلى أن المشروع يقع بالمناطق الصحراوية من المملكة التي تمتاز بارتفاع درجات الحرارة بالصيف والبرودة الشديدة بالشتاء، كما أنه بالقرب من الموقع المختار للمفاعل النووي قرب قصر عمره وضمن نطاق أقل من 50 كيلومترا التي تشترطها وكالة الطاقة الذرية للبعد عن التجمعات السكنية، والموقع بعيد عن مصادر التزويد بالمياه.
ونوه إلى أن طوبوغرافية الموقع منبسطة، مما يحد من التنوع البصري ويرفع كلف شبكات تصريف مياه الأمطار والصرف الصحي.
وقال إن هناك تحفظا آخر يتمثل بالنشاط الاقتصادي الذي سيمارسه سكان هذه المدينة التي لا تربطها أشغال متعلقة بالنشاطات الاقتصادية المرتبطة بالمكان كالزراعة أو الصناعات التعدينية كالبوتاس أو الفوسفات أو الأماكن السياحية الموزعة من أم قيس بالشمال أو جرش وعجلون وعمان ومادبا والبحر الميت بالوسط، أو البتراء والعقبة بالجنوب.
وأشار الكلالدة، إلى أن التكتل البشري سيفضي الى تكتل حضري مما سيخل بالتنمية المتوازنة التي لطالما كانت ركناً أساسياً في خطط التنمية الأردنية المتعاقبة.
وقال إن الكتلة الحضرية الجديدة والتي تبعد مسافة خمسين كيلومترا شرق العاصمة عمان ستعمل كقطب نمو سيصار الى تعبئة المساحة بينها وبين عمان والزرقاء (الماضونة) مما سيضعف فكرة المنطقة اللوجستية التي تحتاج الى فضاءات مفتوحة لتسهيل تنقل الشاحنات ولاحقاً القطارات منها وإليها.
وفي ذات السياق، قال رئيس هيئة المكاتب الهندسية، المهندس عبدالله غوشة، إن هناك حاجة ماسة تصب في وضع خريطة طريق تمثل “الأردن.. رؤية عمرانية 2050″، من أجل مواكبة التطورات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والعمرانية والتقنية في ظل عالم تسوده العولمة.
وأوضح غوشة، أن إطلاق مشاريع المدن الجديد، هو خيار استراتيجي أملته معطيات واقعية الاحتياجات التنموية ومشاكل النمو والضغط الخانق على التجمعات السكنية الكبرى، مشيرا إلى أن المدن الجديدة من شأنها تغيير المعادلة بإعادة التوزيع التنموي وخلق التوازن في النشاط الاقتصادي وتنمية المناطق الأقل حظا.
وتحدث غوشة عن أن الدوافع والأسباب لإنشاء مدن جديدة تنوعت ما بين أسباب عمرانية كالتضخم واحتقان العاصمة القديمة، وأسباب سياسية واخرى اجتماعية مثل تركز السكان في نطاقات ضيقة من الدولة والعمل على إعادة تشكيل الخريطة السكانية لها.
ولفت غوشة إلى أن هناك أسبابا أخرى اقتصادية كالسعي الى تنمية أقاليم جديدة ذات موارد وإمكانيات جديدة، وأسباب بيئية مثل إعادة توزيع الأنشطة الاقتصادية والسكان بما يحقق الحفاظ على التوازن البيئي العام وعدم إهلاك واستنزاف الثروات.
وأكد غوشة ضرورة استشراف مستقبل التنمية العمرانية في الاردن باعتبار مفهوم التنمية مفهوما شاملا للاستفادة من امكانيات المجتمع وموارده المادية والطبيعية، والارتقاء بالإمكانيات المتاحة ومواكبة التطورات الحضرية وجعل جميع المدن الاردنية اكثر جاذبية من خلال خدمات متنوعة لتعزيز دورها كمراكز نمو وتشجيع المبادرة والابتكار.
وشدد على ضرورة المحافظة على الهوية العمرانية الاردنية باعتبارها تؤسس لبيئة استثمارية قادرة على التعامل مع نمو اقتصادي وبيئة جاذبة للاستثمار مع طاقة نظيفة، إضافة إلى تعديل التشريعات استنادا لهذه الرؤية.
من جانبه، قال مستشار أمانة عمان لشؤون التخطيط سابقا، المهندس أنس قطان، إن مدينة عمان ستتضاعف سكانياً بعد 20 عاما لتصل إلى 8 ملايين نسمة، خاصة بعد إعمار منطقة أحد سكانياً وصناعياً إضافة للنقل البري والجمرك، وإعمار كامل منطقة مرج الحمام إضافة الى المناطق الخالية في العاصمة، وأخيراً اذا تم السماح بارتفاع طوابق البناء.
وأشار قطان، إلى أن أسباب نشوء مدن جديدة حول العاصمة عمان، هي زيادة عدد السكان نتيجة الزيادة الطبيعية والهجرة من الريف، ما ادى الى اتساع المدينة سكانيا ومساحةً.
وبين أنه بحسب عدد الوزارات والمؤسسات المستقلة، والبالغ عددها 65 مؤسسة، فلن تتجاوز مساحة المدينة الإدارية الجديدة، مساحة مدينة الحسين الرياضية.
ودعا قطان، إلى ضرورة إعطاء الأولوية لتطوير المدن المحيطة التابعة لمدينة عمان لأنها مرتبطة بطرق محورية وسريعة ومدن قائمة على الواقع تحتاج فقط للتنظيم وتطوير بنيتها التحتية.
ولفت إلى ان من هذه المدن المحيطة، هناك مدينة الزرقاء الجديدة، مدينة أحد، مدينة الموقر – سحاب، مدينة المطار، مدينة علان – زي ومدينة بيرين.
وأشار قطان إلى أن إنشاء المدن الإدارية او الجديدة وخاصة المدن البعيدة بمسافة 70 كم عن العاصمة، مثل القطرانة والازرق، لن تقوم بتخفيف الزيادة السكانية الطبيعية والهجرة من مدن المملكة الى مدينة عمان ولن تعمل على تخفيف الضغط المروري