الأحزاب الأردنية الجديدة : حمولة زائدة أم ضرورات المرحلة الوطنية ؛ نحو بناء كيان تنموي سياسي ؟ 

14 يناير 2022
الأحزاب الأردنية الجديدة : حمولة زائدة أم ضرورات المرحلة الوطنية ؛ نحو بناء كيان تنموي سياسي ؟ 

د. ابراهيم عيسى العبادي 

رئيس المركز الوطني للقيادة والتنمية 

خبير الشؤون الاستراتيجية والأمنية 

دأب الأردنيون وهم يتطلعون الى اصلاح سياسي حقيقي على وصف الأحزاب السياسية الأردنية القائمة منها او القادمة مستقبلا بأنها ” حمولة زائدة ” لا تملك سوى منهج اعادة انتاج النخب سياسية او نيابية مرة أخرى ؛  لإعادة مشهد تردي وتراجع الحياة السياسية امام مؤشرات ليس فقط عدم الثقة المتنامي بهم او بمؤسسات الدولة وإنما مؤشر السخط العام على كل مخرجاتنا وسياساتنا القائمة منها والمحتملة مستقبلا . 

نلاحظ اليوم حجم اندفاع عدد من النخب الأردنية سواء المحافظة منها او الليبرالية الجديدة خاصة البرلمانية منها والساعين لتأسيس أحزاب جديدة ؛ والجدير بالوعي العام الأردني معرفتهم بأنهم يسعون لإعادة انتاج أنفسهم مرة أخرى أمام المشهد السياسي الجديد بعد التعديلات الدستورية الأخيرة وقانوني الانتخاب والأحزاب الجديدين – حدثني شخصيا أحدهم وهو اليوم يجلس في منصب برلماني رفيع ويسعى جاهدا للإعلان عن حزبه قريبا بأنه لا ” يفهم سياسة ؛  حرفيا” لكنه يسعى لبناء حزب جديد موالي كما يدعي وينشر الوعود هنا وهناك كما يسميها هو ” كزب أبيض ” ويلفظها بالزاي وليس بالذال ؛ وعندما شعر بقصوره عن التآلف بالطرح السياسي مع الخبرات الفكرية وخريجي المدارس السياسية وعدم القدرة على مجاراتهم  ؛ نأى بنفسه ليشكل كيانا حزبيا جديدا من خلال اعادة انتاج بعض النخب المألوفة وللشارع الأردني رأيه بها و التي يمكن أن يتعايش معها ليضمنوا فرصا جديدة لهم !

اليوم ونحن أمام مرحلة جديدة من الإصلاح السياسي بتعديلات دستورية جديدة وقانوني أحزاب وانتخاب جديدين ؛ ومهما كانت التوافقات او الاختلافات حول هذه التعديلات ومخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ؛ والتوافق والاختلاف حول الشؤون العامة ظاهرة صحية ؟ إلا أننا يجب أن نتفق بأن التأثير السياسي في الحياة السياسية الأردنية يحتاج أن نعمل من خلال كيانات سياسية حتى لو كانت بموجب القوانين والأنظمة الموجودة وإن اختلفنا على مخرجاتها ؛ وأن العمل الحزبي السياسي هو الذي تستطيع الانطلاق من خلاله ككيان سياسي محمي بالقانون لتقديم آرائنا وانتقاداتنا وطموحاتنا ودعمنا لما نصبو اليه في سبيل مستقبل بلدنا وأجيالنا . 

الضرورات الوطنية والحالة القائمة فرصة لبناء حالة حزبية حقيقية ؛ وعلى النخب النيابية والسياسية إن كانت مهتمة ومعنية كما تدعي حقيقة على العمل الوطني والبناء للأفضل وأنها تقف خلف رؤى الملك ؟ أن تقف في الصف الثاني في تأسيس هذه الأحزاب وتقدم خبرتها ودعمها بكافة الأشكال لقيادات شبابية أردنية من الخبرات والكفاءات المؤثرة والمقبولة لدى الرأي العام الأردني وقادرة على ادارة المرحلة القادمة من المئوية الجديدة وهي الأخطر في مستقبل بلدنا السياسي . 

الدولة والحكومة معنية اليوم بإيقاف كافة أشكال الدعم المالي والمعنوي للأحزاب او القائمين عليها او الساعين لتأسيس أحزاب جديدة ؛ وأن تترك الساحة السياسية لهذه الاحزاب بإعادة تأهيل نفسها ببرامج وأدوات جديدة قادرة على المنافسة او المغادرة من الساحة السياسية . والأردنيون اليوم معنيون أكثر من أي وقت مضى بمحاربة أي كيان سياسي حزبي لا يقدم لهم بناء أفضل للمستقبل ؛ وأن لا يسمحوا بإعادة انتاج أسماء النخب المجربة النيابية او السياسية ؛ فحاجتنا اليوم أن تبدل الدولة جلدها السياسي بنخب وقيادات جديدة والا سيعيش الاردنيون مئة عام جديدة  بنفس الأحوال والمصير . 

إن خروج نموذج سياسي أردني جديد للكيان الحزبي هو من أهم المرتكزات الاستراتيجية لأردن المستقبل ؛ نحن بحاجة الى اعادة البناء بشكل أفضل من خلال إحداث تحول حقيقي وعميق في بناء الوطن ؛ وأن تتوقف مغالطات الكثير من النخب الاردنية  بالترديد بأنهم ملكيون أكثر من جلالة الملك نفسه – الملك لنا جميعا – وإن كانت هذه النخب عاجزة عن تقديم طروحات سياسية تخدم بناء أفضل للدولة سوى التشدق السياسي الذي اكتسبوه بالحظ او التبني ! عليهم اما العمل بطروحات حقيقية ونقف ورائهم ؛ او أن يأخذوا ازاحة جانبية إن كانوا وطنيين وملكيين حقا كما يدعون ويقدمون دعم نخب أردنية جديدة او مغادرة الحياة العامة والتنعم بما اكتسبوا من امتيازات . 

إننا اليوم بأمس الحاجة لتأسيس حزب تنموي سياسي ؛ يبدأ من التنمية للوصول الى السياسية ؛ يبدأ من القرية والبادية والمخيم الى العاصمة عمان ؛ من أجل امتصاص حالة الحيرة والسخط العام لدى الاردنيين ؛ بحاجة الى حزب وكيان تنموي سياسي لا ينتمي لأي من القوى او النخب السياسية او البرلمانية بأشخاصهم ؛ وإنما انتمائه للأردن كدولة وأرض وشعب وقيادة ؛ لكل الأردنيين جميعا من كافة أطيافهم السياسية والاجتماعية وليس لطبقة تجلس في مقاهي دابوق! . 

إن المناخ العام السياسي يمكّننا اليوم من انتاج كيان تنموي سياسي قادر على التواجد في كل قرية وبادية ومخيم ومدينة ؛ لإحداث نقلة نوعية تكون ملموسة للناس لدفعهم باتجاه السياسة وتقبل العمل الحزبي ؛ قادرا على الذهاب الى المتعطلين عن العمل والذين يفترشون الشارع في مأدبا وغيرها لدعمهم وتوفير فرص عمل لهم ؛ إنها بإقامة فرص بأدوات جديدة ؟ كيان حزبي تنموي سياسي يؤسس الى حالة وطنية شبكية ويحقق البرامج من تنمية واقتصاد وفرص ثم السياسة والسعي للسلطة وتشكيل الحكومات والاغلبية البرلمانية .وهي دعوة لنبدأ بتجمع قيادات أردنية جديدة تخلو من النخب التقليدية غير القادرة على العطاء الحقيقي للعمل على بلورة منظومة كيان تنموي سياسي فاعل من أجل اعادة بناء أفضل في كافة شؤوننا العامة ولبلدنا ومستقبلنا ببرامج وأدوات وفرص وبُنى جديدة . ولنا الكلمة ؟