وطنا اليوم-قررت المحكمة الادارية العليا في الأردن (برئاسة القاضي ماجد الغباري، وعضوية القضاة إبراهيم البطاينة ومحمد الغرير ورجا الشرايري وعدنان فريحات) تأييد القرار الصادر عن المحكمة الادارية (برئاسة القاضي السيد د. علي ابو حجيله، وعضوية القاضيين د. ملك غزال وسطام المجالي) القاضي بإلغاء القرار الصادر عن مجلس نقابة المحامين (بالأكثرية) المتضمن من حيث النتيجة رفض تسجيل المستدعية (ن.ز.م) – وكيلها المحامي راتب النوايسة – في سجل المحامين المتدربين.
وقد جاء حكم المحكمة هذا بعدما ثبت لها أن المستدعية المستدعية (ن.ز.م) حاصلة على شهادة البكالوريوس في القانون من جامعة فيلادلفيا للعام الجامعي 2004، وبتاريخ (2/10/2004) أصدر مجلس نقابة المحامين قراره رقم (6713) المتضمن تسجيل المستدعية محامية متدربة، (وفي ضوء الأخبار الواردة من (المحامي ن.هـ) إلى لجنة شؤون المهنة في نقابة المحامين ومفاده ممارسة المحامية المتدربة (مهنة الرقص في ملهى ليلي) وتثبتت اللجنة من صحة هذه الأخبار) وبتاريخ (13/12/2004) عاد مجلس نقابة المحامين وأصدر قراره رقم (7767) المتضمن إعادة النظر بقرار تسجيل المستدعية محامية متدربة والغاؤه عملاً بالمادتين (8 و17) من قانون نقابة المحامين، وأن المستدعية طعنت بقرار مجلس نقابة المحامين الى محكمة العدل العليا آنذاك وتشكلت الدعوى رقم (4/2005) حيث أصدرت تلك المحكمة قرارها بتاريخ (23/5/2005) متضمناً رد دعوى المستدعية وتضمينها الرسوم والمصاريف وعشرة دنانير أتعاب محاماة، ثم عملت المستدعية لدى بنك الاستثمار العربي الاردني بوظيفة مسؤول خدمة العملاء للفترة من (3/9/2007) لغاية (31/12/2016)، وحصلت في العام (2010) على شهادة الماجستير في القانون من جامعة عمان العربية بتقدير (ممتاز)، وأن المستدعية عادت وتقدمت بطلب جديد للتسجيل في سجل المحامين المتدربين بتاريخ (24/8/2011) وأن مجلس نقابة المحامين أصدر قراره رقم (1797) تاريخ (28/9/2011) متضمناً رفض تسجيلها والتأكيد على قراراته السابقة المؤيدة من محكمة العدل العليا، حيث تقدمت المستدعية بالطعن بالقرار المذكور لدى محكمة العدل العليا آنذاك وتشكلت الدعوى رقم (343/2011) حيث أصدرت محكمة العدل العليا قرارها بتاريخ (11/1/2012) متضمناً رد الدعوى وتضمين المستدعية الرسوم والمصاريف ومبلغ عشرة دنانير أتعاب محاماة، وان المستدعية عادت واستمرت في عملها في بنك الاستثمار العربي الأردني حتى تاريخ (13/12/2016) حيث تقدمت باستقالتها وكانت أثناء عملها في البنك حسنة السيرة والسمعة والسلوك وشاركت في عدة دورات تدريبية في مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في البنوك والمؤسسات المالية عام (2008) وإدارة العناية والاهتمام بالعملاء في العام (2007) ومبادئ التحليل المالي في العام (2008) والتسهيلات المقدمة للأفراد في العام (2013) وبوالص التحصيل في عام (2008) والعمليات المصرفية الداخلية في عام (2011) ودورة استخدام الحاسب الآلي في الأعمال المكتبية في المملكة العربية السعودية في عام (2017) وبرنامج الدبلوم المهني في الإصلاح والإرشاد الأسري في جامعة جدارا للفترة (19/8/2017) حتى (1/11/2017) والقانون الدولي الإنساني في العام (2018) وبتاريخ (12/3/2019) حصلت على إجازة محاماة شرعية من دائرة قاضي القضاة في المملكة الأردنية الهاشمية وبتاريخ (6/7/2019) تم عقد زواجها من (المحامي ي.م.د) كما حصلت على شهادة عدم محكومية من الجهات المختصة، وأن المستدعية شاركت في امتحانات القبول للمتدربين للتسجيل في سجل المحامين المتدربين في دورة شهر (آب/8 لعام 2019) وحصلت على علامة (20) في الامتحان التحريري وذات العلامة في الامتحان الشفوي وهي أعلى العلامات بين المتقدمين للامتحانات وبتاريخ (8/8/2019) تقدمت المستدعية بطلب انتساب الى نقابة المحامين لتسجيلها في سجل المحامين المتدربين مرفقة معه جميع الوثائق والمستندات المشار اليها سابقاً وأن مجلس نقابة المحامين أصدر قراره رقم (6531) تاريخ (30/9/2019) وبأغلبية ستة أعضاء ومخالفة ثلاثة أعضاء وإمتناع عضوين وجاء قرار المجلس الصادر بالأغلبية متضمناً التأكيد على قرار المجلس السابق رقم (7767) تاريخ (13/12/2004) والقرارات السابقة برفض التسجيل،
وبتاريخ (14/10/2019) تقدمت المستدعية بالدعوى لدى المحكمة للطعن بالقرار الصادر عن مجلس نقابة المحامين المذكور.
وفي معرض رد المحكمة الادارية على الدفع الشكلي الذي أثاره ممثل المستدعى ضده (مجلس نقابة المحامين – المحامي إياد البو) ومؤداه أن الدعوى مردودة شكلاً لكون القرار الطعين رقم (16531) الصادر عن المستدعى ضده بتاريخ 30/9/2019 هو قرار توكيدي لقرارات سابقة،،، قالت المحكمة:
((وفي ذلك نجد أن القرار التوكيدي هو ذلك القرار الذي لا يحدث بذاته أثراً قانونياً وإنما يقتصر دوره على مجرد ترديد الأحكام التي تضمنها قرار سابق بغية إظهار نية الإدارة في التمسك بالقرار الأول أو لتنبيه الأفراد الى واجباتهم والتزاماتهم التي تضمنها القرار الأول، وبالتالي فإنه يتوجب للقول بوجود القرار التوكيدي ان تتماثل وتتطابق القرارات في المحل والسبب والغاية، وبالتالي يتوجب لاعتبار القرار توكيداً أن يتطابق مع القرار الأول من حيث المدى والأثار بحيث يندمج معه ويصبحان قراراً واحداً، وليس قرارين مستقلين ومتميزين عن بعضهما (موسوعة القضاء الإداري الجزء الاول – د.علي خطار شطناوي ص 412-415).
كما تجد محكمتنا ان الاجتهاد القضائي لمحكمة العدل العليا الأردنية والمحكمة الإدارية العليا الأردنية قد استقر على أن (تأكيد الإدارة على قرارها السابق لا يغدو قراراً إدارياً قابلاً للطعن لأنه ليس فيه أحداث أو تعديل أو إلغاء للمركز القانوني للطاعن وعليه ولما كان القرار التوكيدي لم يصدر بناء على تحقيق جديد في أمور استجدت بعد صدور القرار السابق ولم يتناول تغييراً أو تعديلاً فيه فإنه يكون غير قابلاً للطعن فيه بدعوى الإلغاء)) (عدل عليا رقم 29/2001، عدل عليا رقم 61/1996، إدارية عليا رقم 201/2018).
وحيث تجد محكمتنا أن المستدعية تقدمت بطلب تسجيل جديد الى نقابة المحامين لتسجيلها في سجل المحامين المتدربين وأنها تقدمت بامتحانات شفوية وتحريرية لدورة شهر 8/2019 لغايات قبولها كمتدربة في نقابة المحامين الأردنيين وحصلت على أعلى العلامات في تلك الامتحانات كما وأنها حصلت على شهادة الماجستير في القانون من جامعة عمان العربية في العام 2010 بتقدير ممتاز وكذلك حصلت على إجازة في المحاماة الشرعية من قاضي القضاة في العام 2019 وأرفقت مع طلبها شهادة حسن سيرة وسلوك وأنها غير محكومة بأية جريمة تمس الشرف أو الأخلاق كما أرفقت مع طلبها شهادة تثبت عملها في بنك الاستثمار العربي الأردني من 3/9/2007 الى أن تقدمت باستقالتها من البنك المذكور بتاريخ 31/12/2017، وأنها كانت تتمتع بحسن السيرة والسلوك أثناء عملها في البنك المذكور بوظيفة مسؤول خدمة العملاء إضافة الى أرفاقها شهادات خبرة ودورات قامت بالمشاركة فيها في مجالات مختلفة، وحيث أن تقديم المستدعية طلب جديد الى مجلس نقابة المحامين لتسجيلها في سجل المحامين المتدربين وأن المادتين (12/2و18) من قانون نقابة المحامين لا تمنع من إعادة تسجيل المحامي في سجل المحامين في حال زوال السبب أو الأسباب التي لم تتوفر فيه لشروط التسجيل وفقاً للمادتين (7 و8) من قانون نقابة المحامين، وبما أن المستدعية تقدمت بطلب جديد لتسجيلها في سجل المحامين المتدربين وأن المستدعى ضده أصدر قراره بتاريخ 30/9/2019 متضمناً التأكيد على قرار المجلس السابق رقم (1797) تاريخ 28/9/2011، والقرارات السابقة فإن هذا القرار لا يعتبر قراراً توكيدياً وإنما قراراً جديداً قابلاً للطعن لدى محكمتنا ويغدو هذا الدفع مستوجباً للرد)).
وفي معرض تسبيبها وتعليلها لقرار إلغاء القرار الصادر عن مجلس نقابة المحامين، قالت المحكمة:
((وفي الموضوع: وبتطبيق القانون على الوقائع الثابتة وحيث تجد محكمتنا أن المستدعية وبعد أن تم شطب تسجيلها من سجل المحامين المتدربين بتاريخ 13/12/2004 قد عملت لدى بنك الاستثمار العربي الأردني للفترة من 3/9/2007 لغاية تقديم استقالتها في 31/12/2016 وأنها كانت تتمتع بحسن السيرة والسلوك وأنها كذلك حصلت على درجة الماجستير في القانون من جامعة عمان العربية في عام 2011 بدرجة ممتاز وشاركت في العديد من الدورات والندوات والتدريب سواء داخل المملكة أو خارجها وإنها تقدمت بشهادة عدم محكومية تثبت أنها غير محكومة بجنابة او جنحة مخلة بالشرف والأخلاق العامة وأنها بتاريخ 6/7/2019 تزوجت من (المحامي ي.د) بموجب عقد زواج، وأنها حصلت بتاريخ 12/3/2019 على إجازة في المحاماة الشرعية من دائرة قاضي القضاة في المملكة الأردنية الهاشمية تخولها ممارسة ومزاولة مهنة المحاماة في المحاكم الشرعية في المملكة الأردنية الهاشمية وأنها تقدمت لامتحانات القبول في نقابة المحامين لدورة شهر 8 لعام 2019 وحصلت على أعلى درجة (20) في الامتحانين الشفوي والتحريري.
وحيث تجد محكمتنا أن المستفاد من المواد (7 و 8 و 12/2 و 17 و 18) من قانون نقابة المحامين أن سلطة مجلس النقابة في تسجيل أو رفض التسجيل للمحامي المتدرب هي سلطة مقيدة ولا تخضع لتقدير أو مزاجية صاحب القرار بمعنى أن مجلس النقابة وهو يمارس صلاحياته بهذا الخصوص يتوجب عليه أن يصدر قراره وفقاً للمواد السالف ذكرها وبغياب شرط من الشروط أو أكثر يعني عدم تحقق شرط التسجيل، ومن هنا يتضح أن سلطة مجلس النقابة في هذا الشأن هي سلطة مقيدة ولا يجوز القول أن ما ذهب اليه مجلس النقابة باعتبار وجود سابقة قديمة بحق شخص ما تبقى قيداً دائماً وأبدياً يمنعه من التسجيل ما دام أن المادتين (12/2 و18) من قانون نقابة المحامين رسمت طريقاً واضحاً بعدم منع أي شخص من التسجيل مجدداً في حال توافر الشروط التي يتطلبها القانون لتسجيله في سجل المحامين المتدربين، ذلك أن المشرع قد أضاف أمراً في غاية الأهمية بخصوص سلوك الشخص وهل هو محمود السيرة والسلوك بأن أعطى لمجلس النقابة وقبل إصدار قراره بالتسجيل أو الرفض بوجوب التحقق من هذا الشرط، بمعنى أنه على مجلس النقابة أن يتحقق من حسن السيرة والسلوك لا أن يذهب للقول بوجود سابقة بحق المستدعية يجعلها غير محمودة السيرة والسلوك ودليل ذلك أن المادتين (12/2 و 18) من قانون النقابة قد أعطت بشكل صريح وواضح لمن تم رفض طلب تسجيله حق تقديم طلب جديد إذا زال السبب أو الأسباب التي أدت الى الرفض وأن القانون وفي المادة (18) أعطى للمجلس عند تجديد الطلب حق رفضه أو قبوله، وحيث أن مجلس نقابة المحامين لم يبحث في طلب المستدعية وما طرأ عليه من أسباب جديدة تضمنتها الأوراق المقدمة منها في طلبها ولم يتحقق من شرط حسن السمعة والسلوك للمستدعية وأصدر قراره الطعين قبل الوقوف على حقيقة سلوك المستدعية بعد طول تلك الفترة التي تم فيها شطب اسمها من سجل المحامين المتدربين ومرور أكثر من خمسة عشر عاماً على ذلك وفي ضوء المستجدات وما حصلت عليه المستدعية من شهادات علمية وخبرات عملية ومنها إجازة المحاماة الشرعية مما تجد معه محكمتنا أن حسن السمعة والسيرة والسلوك لا تتجزأ وأن ممارسة مهنة المحاماة الشرعية تتطلب سمعة وحسن سيرة وسلوك لا تقل عما تتطلبه ممارسة مهنة المحاماة أمام المحاكم النظامية وإرتباطها بعقد زواج مع محامي مزاول مهنة المحاماة كل ذلك يجعل من القرار الطعين مشوباً بعيب مخالفة القانون وأسباب الطعن ترد عليه ويتوجب الغاءه)).
مركز إحقاق للدراسات القانونية