الفساد والمفسدين والعملاء

5 يناير 2022
الفساد والمفسدين والعملاء

بقلم الدكتور محمد يوسف الرحاحلة

لقد قرأت مقالة الدكتور محمود المساد بعنوان “الفساد والعمالة” بوعي وتمعن وأدركت أنه قد يتبادر لذهن الكثيرين من الوهلة الأولى أن هذا الموضوع سياسي أو اقتصادي لكنك وبحق د مساد أصبت الحقيقة فهو أكثر من ذلك فهو يرتبط مباشرة بالتربية وبالتعليم . فالمطلع على الدساتير التربوية في معظم دول العالم يجدها تنص أن الهدف هو: إعداد جيل صالح” أي مجتمع صالح خالي من الفساد والمفسدين والعملاء وهذا لا يتأتى ألا بإنهاء الفساد أو التقليل منه ومحاربته والذي يبدا من المدرسة إلى الجامعة ثم للعمل والحياة من خلال

تعزيز واكتساب القيم الأخلاقية وقيم المسؤولية والشفافية والنزاهة والمحاسبية وجعلها قيم من داخل الأنسان وليست مجرد معرفية يجيب عليها الطالب في اختباراته

أدخال القيم الأخلاقية والمواقف التي تحارب الفساد والمفسدين والعمالة بالمناهج والأنشطة والتقييمات

تعزيز حقوق الأنسان واحترامها بعدم استغلاله او ممارسة التمييز ضده ونشر العدالة والمساواة

الإكثار من القصص والمواقف فاذا تأملنا القران الكريم نجد انه يتضمن إعداد كبيرة من القصص والمواقف التي تحارب الفساد والمفسدين والعملاء والانتهازيين بالإضافة الى الأحاديث النبوية الشريفة والسيرة النبوية وسيرة الصالحين من المجتمع ومواقفهم المشرفة فالقصة وخاصة الواقعية من أنجع الطرق التدريسية تأثيرا على الدارسين وغيرهم وجميع الآيات التي تذكّر الفساد تكون بين نهي وتذكير، نهْيٍ عن ارتكاب هذه الجريمة البشعة في حق الدولة والمواطن، وتذكيرٍ بأحوال الأمم السابقة التي فسدت فكان مآلها السقوط والاندثار والعذاب الأليم، والعذاب الشديد للمفسدين

تضمين قدوات في المناهج للذين ضحوا وحاربوا الفساد والمفسدين وبذلوا الغالي والنفيس وتقديرهم

توضيح مخاطر وعواقب السلوكيات والتصرفات غير الصالحة مثل

الرشوة – السرقة – الاستغلال – المصلحة الشخصية– أضرار المجتمع – اختيار النائب أو الشخص غير الكفوء للوظيفة

أهمية الرجوع إلى الله والتوبة والاستغفار فإن الحسنات يطفئن السيئات

ضرورة الاهتمام بالأسرة الصالحة المكون الأساسي للمجتمع باختيار الزوج /الزوجة من ذوي الأخلاق الحميدة فهما المكون الأساسي للمجتمع 

إدخال قصص واقعية وتاريخية في مواجهة ومحاربة الفساد والمفسدين والعملاء ونشر قيم التضحية والإيثار وتغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية

النهي عن المنكر وعدم إقراره والأمر بالمعروف والمجادلة بالحسنى

اختيار الصحبة الطيبة والبعد عن مخالطة ومجاملة الفاسدين

أن يكون العاملين بقطاعي التعليم العام والعالي قدوات بأخلاقهم وعلمهم وتصرفاتهم

وأخيرا

اتباع الحكمة فرأس الحكمة هي مخافة الله فهي مسيرة لسلوكيات وتصرفات الأنسان وبعده عن الفساد والمفسدين مهما كانت الظروف والأحوال، لان القوانين المشرعة للأسف قد لا تكون رادعة في محاربة الفساد والمفسدين, والفاسدين يعلمون ذلك ويخططون للفساد فمن أمن العقاب أساء الأدب

وللأسف نجد من المثقفين أو المتنفذين بهذه الأيام من يحارب المصلحين ويعمل على نشر الرذيلة وتهميش دور الصالحين بالمجتمع ,بأن لا يتبؤوا مناصب رفيعة أو حساسة بالدولة . لكن إن لم ينل المصلحين التقدير الكافي في الدنيا فإن أجرهم عند الله عظيم وهي بمعنى قوله تعالى” إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا” سورة الأعراف:170]؛ أي لا نضيع أجرهم؛ بل نجزيهم على تمسكهم وصلاحهم أفضل وأكرم الجزاء

كل الشكر والتقدير لك استاذنا الغالي على هذا الطرح القوي والذي يصب في محاربة الفساد وتطوير التربية والتعليم من أجل إعداد جيل ومجتمع صالح

جعلنا الله وأياكم من الصالحين