خاطرة حول سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي

28 ديسمبر 2021
خاطرة حول سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي

بقلم ا.د صالح الخصاونة

تتناقل وسائل التواصل الاجتماعي في الاردن الكثير من الاخبار والتعليقات والتي تتضمن في معظمها اتهامات وافتراءات باطلة وافك بحق بعضنا بعضا، ودون وازع من ضمير ، ودون تقديم اية براهين او اثباتات او اية دلائل علي ذلك
والاغرب ان هذة الاتهامات والافتراءات تقدم في اطار الدعوة للاصلاح ومحاربة الفساد والفاسدين والمفسدين
وتنصب هذه الاتهامات في معظمها نحو اشخاص في مواقع المسؤولة والعمل العام ، ولسان حال هؤلاء الكتاب والمعلقون ” المتهم مدان حتى تثبت برائته” وليس العكس

والانكى من هذا كلة حين ينبري معظم القراء والمعلقون ان لم يكن جلهم في تصديق تلك الافتراءات والادعاءات دون تدقيق او تمحيص لها وكانها حقائق ثابتة لا يأتيها الباطل من بين يديها او خلفها ، ونبدأ في جلد الذات وتشوية صور وسمعة بعضنا بعضا، بل وتشوية صورة المجتمع الاردني برمته امام العالم الخارجي والذي أثر ويؤثر سلبا على سمعة هذا البلد واقتصادة

والامثلة علي ذلك كثيرة وكثيرة جدا، ولاغراض التحليل هنا اكتفي بما تناولته وسائل التواصل في الايام الاخيرة بحق معالي د. محمد ذنيبات، وتوجيه النقد والاتهامات له جزافا وافكا وعدوانا.

ومن منطلق امانة المسوولية ، اود بداية ان اوضح واؤكد هنا ان حديثي هنا ليس دفاعا عن الفساد و/ او المفسدين ، بل على العكس انه دفاعا عن الحق في وجه الباطل وعن الفضيلة في وجه الرذيلة وبكل الصدق والموضوعية ، وعن قامة وطنية عرفتة منذ ما يزيد عن خمسين عاما ، ومنذ كان طالبا في الجامعة الاردنية، واخذ معي عدة مساقات في الاقتصاد والاحصاء، وكان مبرزا فيها جميعا ، كما كان مميزا في اخلاقة وسلوكياته وتبدو علية صفات الرجولة والقيادة المبكرة وحب العطاء والانجاز لدرجة انني اخترته مع زميل آخر (سالم عودة)للمساعدة في اجراء بحث ميداني عن السياحة في العقبة.

واكثر من ذلك فقد تطورت هذه العلاقة الى صداقة ومودة قل نظيرها، لانها نشأت وترعرت كغيرها من صداقاتي الاخرى مع طلابي ، في اجواء اكاديميه بحتة وخالصة لوجهه تعالى، بعيدا عن المصالح والمنافع المتبادلة، ولا يحكمها الا الصدق والاحترام المتبادلين.

ومن هنا ، وبحكم معرفتي الوثيقة للدكتور ذنيبات اقول لكل اصحاب الاقلام السيالة من المعلقين والناقدين والمفترين ، والله انكم ترتكبون اثما وبهتانا كبيرا بحق هذا الرجل ومسيرته ،
وهو رجل فاضل ، والله ما بيستاهل كل هذا التجني علية، وهو محب لوطنه ولبلده ومتفاني في خدمة شعبه ، وكان معطاءً ومميزا في كل المواقع التي اشغلها سواء في الجامعة او الحكومة او في القطاع الخاص مؤخرا.

وللتدليل على ذلك اقول:
في وزارة التربية والتعليم ؛
نسي الناس ان التربية والتعليم كانت في تراجع والامتحانات العامة فقدت مصداقيتها والغش رامي اطنابه وخلال فترة قصيرة رجع كثير من الامور للمسار الصحيح على نحو اثار حنق اصحاب المصالح والفاسدين والمفسدين والموتورين.

وفي الفوسفات :
كانت على شفى الافلاس ، فايقضها من كبوتها وعثرتها واعاد اليها ارقها واصبحت مصدرا رئيسيا في رفد الاردن بالعملات الصعبة وتضاعف سعر سهمها في السوق عشرة اضعاف

وبالنسبة للارقام المتداولة عن ما يتقاضاه معاليه :
فهناك سؤ فهم عن قصد او بغير قصد في قرائتها وتفسيرها بداية، وتحديدا فان مخصصات السفر لا تحسب من الراتب او الامتيازات الممنوحة وانما تصنف كنفقات انتاجية، وكان الاولى عدم احتسابها في حساب الدخل من الفوسفات.
، و مهما بلغت قيمتها، فانني متأكد ان الكل يدرك انها لا تصرف اعتباطا وانما تصرف ضمن القوانين والتعليمات المعمول بها ، وبالتالي عدم توجية الاتهامات جزافا وإفكا وعدوانا ودون وجه حق.
ومن هنا فقد بادر معالي د. ذنيبات ، وبكل ثقة ،الي دعوة هيئة النزاهه ومكافحة الفساد
للتحقيق في الموضوع وتبيان الحقيقة، وتلك منتهى الشفافية.

وجدير بالذكر ان هذه الامتيازات ليست قاصرة على الفوسفات وانما تشمل كل الشركات العامة الكبرى والبنوك وشركات التامين وغيرها.

واذا رأت الكاتبة او البعض ان هذه الارقام عالية وفلكية مثلا ، فلا بأس ، ولكن العدالة تقتضي بداية وقبل كل شيء ان تقارنها بما هو معمول به في الشركات المساهمة العامة الاخري وتعمل دراسة مستفيضة لما يتقاضاه رؤوساء مجالس الادارات واعضاء مجالس الادارة والمدراء العامون وكبار المدراء في تلك المؤسسات لتكتشف العجب العجاب هناك، وسوف تكتشف ان ما يتقاضونه فيها اضعاف ما في الفوسفات.
، وبعد ذلك لها ان تتسائل عن مبررات ذلك وقانونيته ، ليس في الفوسفات وحدها بل في كل المؤسسات العامة المشار اليها، بل وتتجاوز موضوع قانونيته الامر وتتسائل عن حكمة المشرع الذي اجاز او تغاضى عن تلك التشريعات ، وتتسائل كيف اجازات المؤسسات المعنية مثل هكذا انظمة ، وكيف سمحت بهذا التباين في الاجور والمهايا( الرواتب) ومتى؟؟؟ ، (وذلك خلافا للسياسات التي كان معمولا بها قبل عقد التسعينات ، والتي كانت تمنع ان يكون هناك تباين في الاجور والرواتب بين القطاع العام والقطاع الخاص، ولا داخل القطاع الخاص ذاته ولا القطاع العام، وتحديدا تلك كانت سياسة دولة مصر باشا ، وانا شاهد على ذلك ومعاصر ، حيث كنت المستشار الاقتصادي لدولته في حينه وخلال عقد الثمانينات ) وعلى نحو ادي الي خلق طبقية بغيضة في مجتمعنا الاردني، وخاصة في ظل الظروف والاحوال الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها بلدنا ، وبالذات فيما يتعلق بقضايا الفقر والبطالة وتلاشي الطبقة المتوسطة في مجتمعنا ، وبروز طبقة برجوازية جديدة لا قبل لنا بها ( نشرت بعض المصادر قبل فترة وجيزة مثلا ان حوالي 920 شخصا في الاردن يمتلكون 20 مليار دينارا او دولار) ،
ومن ثم ، واذا رأت الكاتبه او البعض وجود مبالغة ( ولا اقول مخالفة)في الرواتب والمزايا الممنوحة للبعض ، تقوم بتقديم دراسة مستفيضة للموضوع والاثار المترتبه عنه ، وتقدم افكارها حول المعالجة ، وتطالب المشرع باعادة الامور لنصابها الصحيح ، وهذا هو الاسلوب الامثل للتعامل مع هكذا حالات ، وليس كيل الاتهام وصب جام غضبنا على شخص واحد بعينه، وعلى نحو يبدو وان لنا ثأرا معه او عنده. أجل ، ما هكذا تورد الابل يا ابناء وطني !!!!

ولمنفعة الكاتبة المحترمة والاخوة المعلقين اود ان اوضح
ان هذه الارقام الفلكية حقا فيها مبالغة، وهي في حقيقتها افتئات على حقوق صغار المساهمين وتهرب قانوني ( يعني افتئات على حقوق الخزينة) من ضريبة الدخل ، ويفضل معالجتها.

ولها ايضا ان تتجاوز في حديثها الاصلاحي ، ان كان الاصلاح دافعها ، هل هذا هو شكل المجتمع الذي كنا نصبو الية ، واسئلة اخرى كثيرة قد ترد في خواطرنا لا مجال لذكرها هنا.
والله من وراء القصد

أ. د. صالح خصاونة