العقد الاجتماعي الجديد”، الذي لم يُكتب له بأن يرى النور ووضع على الرف مرة وللأبد، وهم أنفسهم الذي حملوا على العشائر ولا نقول العشائرية، فالاخيرة ليست امرا حميدًا كما هي الإقليمية والطائفية والعنصرية الخ. وقد وصل الحد بأحد الأكاديميين المعروفين بارتباطهم بالمشروع الأمريكي في الأردن بالتنكر لدور العشائر في بناء الدولة، وانضم بذلك لفكرة المستشرقين الغربيين التي تقلل من قيمة السكان الأصليين في الشرق.
لا أعرف دولة في العالم قامت بإعادة تعريف هويتها الوطنية بعد مئة عام من الولادة ، وبعد ان نجحت تلك المنظومة ببنيتها الهوياتية المتشكلة والمكتملة نسبيا ، في مواجهة وهزيمة كل ما اعترضهم من تحديات وعقبات وازمات وحروب ، وفي الحالة الأردنية فإن الهوية الوطنية ليست هوية شرق أردنية كما يوحي البعض، وإنما هوية ساهم ابناء الاردن في ترسيم وتحديد شكلها وملامحها ومضمونها على نحو باتت تستوعب كل المواطنين بمختلف تلاوينهم الثقافية والدينية والعرقية.
والمشكلة باختصار هي مشكلة النظام السياسي الذي يقوم بإذكاء بعضا من الصراعات الهوياتية، للإفلات من استحقاقات الإصلاح الحقيقي، وهذا ما يفسر الغاية من تأييد السلطات ورعايتهم لهذه المجموعة قليلة العدد ومحدودة التأثير.
اخيرا، لا يمكن قبول مكارثية التيار المدني التي تستند إلى التقليل من أهمية المشروع الصهيوني الذي يستهدف الأردن ويسعى بالفعل إلى تحويل الأردن إلى وطن بديل، وما علينا إلا الرجوع إلى كتابات الإسرائيليين أصحاب القرار لنعرف حجم التهديد الذي يتعرض له الأردن.
في الختام، أرى أن طاهر المصري كان محقًا فيما ذهب إليه وأن الوزير الأسبق بسام حدادين صوب سهمًا طائشًا أيضا هذه المرة، والحق أننا كتبنا الكثير من المقالات التي رفضنا فيها محاولات العبث بالهوية الوطنية الأردنية التي لا تفرق بين المواطنين ولا تقصي أي مواطن، والتي تقف سدًا منيعًا أمام مخططات التجنيس والتفريط والتبعية والاتساق مع ما تريده إسرائيل من الأردن.