مجاهد يهاجم التضخيم الإعلامي حول الطقس في الأردن

22 ديسمبر 2021
مجاهد يهاجم التضخيم الإعلامي حول الطقس في الأردن

وطنا اليوم:كتب: الفلكي عماد مجاهد : عاش الأردنيون خلال اليومين الماضيين حالة من الترقب لمواجهة المنخفض الجوي المنتظر الذي أثر على المملكة منذ يوم الاثنين والذي يتوقع أن يستمر حتى صباح الخميس القادم، واستبشر الأردنيون خيرا بهذا المنخفض الجوي المحمل بالأمطار الغزيرة التي ستزيد من كمية المياه الجوفية وترفد السدود بكميات جيدة من الماء بعد جفاف شهدناه في بعض السدود في الفترة الماضية.
الذين يعملون في الأرصاد الجوية ولهم خبرة في التنبؤات الجوية، كانوا على علم قبل أيام من تأثير المنخفض الجوي من أنه محمل بكميات جيدة من الأمطار، وبحسب نماذج الطقس العددية الصادرة عن مراكز الطقس والتنبؤات الجوية العالمية، فإن الامطار ستكون جيدة إلى متوسط الغزارة في شمال ووسط المملكة وبعض المناطق الجنوبية، وأن هنالك زخات من الثلوج الخفيفة فوق المرتفعات الجنوبية العالية مثل قمم جبال الطفيلة والشوبك ووادي موسى.
الحقيقة أن مستوى المنخفض الأخير من ناحية علمية متوسط الشدة، وهو منخفض اعتيادي جدا، وتتأثر المملكة بمنخفضات كثيرة مشابهة له في كل عام، وهنالك منخفضات جوية تحمل أمطارا أشد غزارة من المنخفض الحالي، تؤدي إلى تشكل السيول الاعتيادية في كل موسم مطري، وعليه فلا غرابة على الأردن في مثل هذه المنخفضات الجوية.
لكن، وللأسف الشديد، نعاني في الأردن تحديدا من ضجة إعلامية غير مسبوقة في كل منخفض جوي يعبر المملكة، حتى ولو كان ضعيفا، فنقرأ نشرات طقس فيها تهويل وتضخيم وفي كثير من الأحيان لا تتوافق مع طبيعة مستوى المنخفض الجوي بحسب نماذج الطقس العددية، فيتم نشر معلومات الطقس بحيث ترسم في الناس تصورا وكأننا نتعرض لأعمق منخفض جوي في المملكة، ونشر تحاليل خرائط الطقس ممزوجة بالغموض في كثير من الأحيان من أجل جذب الناس وشدهم لما ينشر.
ولا اقصد من كلامي هذا إدارة الأرصاد الجوية، ليس لأنها الجهة الرسمية الحكومية المعنية بنشر التنبؤات الجوية، وإنما لأنها جهة علمية تتبع الأسلوب المعروف دوليا في نشر أخبار الطقس والالتزام به، فهي تبتعد عن التهويل والتضخيم بل تنشر أخبارا متزنة ومعتدلة وتتوافق مع الحالة الجوية السائدة، وللأمانة في إدارة الأرصاد الجوية متنبئون وراصدون أصحاب خبرة كبيرة ومميزون على مستوى العالم، ولكنهم بعيدون عن الاعلام لذلك فهم غير معروفين للملأ.
والمصيبة الأكبر هي في موضوع الثلوج، فليس كل منخفض جوي يعني أنه محمل بالثلوج، وعلميا قد تسقط زخات من البرد مع بعض المنخفضات الجوية، كما قد تسقط زخات خفيفة من الثلج فوق المرتفعات الجبلية العالية في بعض المنخفضات الجوية لكنها قد لا تكون متراكمة، وإنما تذوب فور وصولها سطح الأرض أي أنها أمطار متجمدة، وعلم الأرصاد الجوية يستطيع التنبؤ إذا ما كانت هذه الثلوج سوف تتراكم أو لا والمناطق التي يتوقع تراكم الثلوج عليها.
لكن لاحظنا خلال المنخفض الحالي، أن بعض مواقع الطقس كانت تتحدث عن الثلوج بغموض فقد اكتفى المتنبئ الجوي بالحديث عن توقع ثلوج في بعض مناطق المملكة، ونشرت عناوين للطقس انه ستسقط الثلوج على المملكة، مرفقة بالصور للثلوج السابقة على المملكة قبل عدة سنوات، وانها تتساقط على ارتفاع 1100 متر عن سطح البحر، ثم قيل على ارتفاع 1300 متر، والاصل في المتنبئ الجوي أن يكون واضحا وصريحا مع الناس على الاعلام حول هذه التفاصيل، لأنه أصبح في ذهن الناس بأن الثلوج ستسقط في معظم مناطق المملكة، نتيجة الغموض في نشرات الطقس، مع العلم أن نماذج الطقس العددية كانت تشير إلى سقوط زخات من الثلج فوق المرتفعات الجنوبية العالية مثل مرتفعات الطفيلة والشوبك ووادي موسى فقط، وليس في شمال ووسط المملكة، وأن سمك هذه الثلوج خفيف ولا تستمر على الأرض لفترة طويلة لأنها تذوب بعد فترة، وهو ما شهدناه فعلا، وهذا ما كان من المفترض توضيحه للناس.
ما زلنا نعاني من تضخيم اعلامي لا داعي له حتى عند المنخفضات الجوية الاعتيادية، وهو أسلوب غير متبع في معظم دول العالم، حيث تصدر نشرات جوية واضحة وصريحة لا تدخل الناس في حيرة، وأن تكون متناغمة مع الحالة الجوية الفعلية، لأن التهويل في نشرات الطقس يؤدي إلى آثار سلبية وتكاليف عالية على الدولة.