الحزبية الأردنية أزمة مصطلح وإشكاليات متعددة.

13 ديسمبر 2021
الحزبية الأردنية أزمة مصطلح وإشكاليات متعددة.

الدكتور أحمد الشناق

بقراءة للواقع الحزبي الأردني، تجد مصطلحات لتسميات دارجة كمصطلح المعارضة والموالاة ، ولتأخذ الصفة المطلقة لمفهوم المعارضة الدائمة والموالاة الدائمة، وهي إشكالية في المصطلح وازمة في المفهوم والدلالات .
الأصل بالمعارضة أن تكون لسياسات حكومية وليس للدولة، ويقتضي ذلك التفريق بين الدولة والحكومة.
لا يوجد في الفكر السياسي والفقة السياسي وواقع العمل السياسي شئ اسمة احزاب معارضة كتسمية دائمة وكأنها معارضة بالوراثة، كما هو حاصل بالأردن بإطلاق تسميه على مجموعة حزبية بأحزاب المعارضة، فمسمى المعارضة جاء للدلالة على مفهوم الأقلية الحزبية البرلمانية ( حكومة الظل )، وهي تطرح سياسات معارضة للحكومة التي في السلطة سعياً للوصول الى اغلبية برلمانية من خلال الانتخابات وكسب الجمهور وصولاً لتسلم السلطة التنفيذية. وكل حزب خارج السلطة التنفيذية يندرج تحت مسمى حزب معارضة، ولكن كافة الأحزاب معارضة (الأقلية البرلمانية) او في السلطة( حزب الأغلبية البرلمانية) هي احزاب الدولة، تعمل على نهج الدولة لتحقيق أهداف وغايات الدولة ( كرامة المواطنين ورفاهية الشعب ) .
الموالاة : لا يوجد في الفكر السياسي شئ اسمه احزاب موالاة كتسمية دائمة، وحتى مسمى أحزاب موالاة ليس له أساس كنمط حزبي في العالم، بل يوجد احزاب في السلطة التنفيذية، وصلت إليها بعملية إنتخابية ولتقرر أغلبية إرادة الناخبين فوز هذا الحزب أو ذاك وفق البرنامج المطروح لهيئة الناخبين.
– في الاردن يوجد خلط بالمفاهيم وإشكالية بمفهوم الحزبية وازمة مصطلح لمفهوم المعارضة والموالاة ، ومصدر هذا الخلط عدم التفريق بين الدولة والحكومة من جهة، ومن حيث النشأة لولادة الحزب من جهة أخرى، فيطلق على كافة الأحزاب التي تولد من الجذر المجتمعي السياسي الأردني، والتي تعتمد الوطن كدائرة إهتمام أولى في برنامج عملها، فجرى إطلاق تسمية أحزاب وسطية عليها، وتم تقديمها كأحزاب موالاة، وليؤخذ على الأحزاب الوطنية المولودة من رحم الوطن دون إمتداد فكري أو تنظيمي، وكأنها أحزاب حكومية وعلى غير الواقع، وهذه إشكالية فكرية وسياسية يتحملها الحزبيين القائمين عليها والذين البعض منهم، كان لهم مشاركة في حكومات، وأيضاً هذه الأحزاب تقع في خطأ المصطلح ودلالته بعدم التفريق بين معارضة الحكومة ومعارضة الدولة، فيرى البعض منها، معارضة سياسات حكومية وكأنها معارضة للدولة.
– الحزبية في الأردن تعيش ازمة في المصطلح والمفهوم والدلالات، وهي ازمة فكر سياسي حقيقي وازمة ثقافة حزبية، وكذلك أزمة فقه دستوري لدى الأحزاب، وما يتعلق بالنظم السياسية، وهي إشكالية حقيقية لدى الحزبية الأردنية ذات الولادة الداخلية، أو ذات الإمتدادات الخارجية، وكأن هيكل الحزبية القائمة في الأردن، أصبحت رهينة لهذا التصنيف والمسميات، وهذه إشكالية كبرى وإحدى معيقات العمل الحزبي بأدوارها المطلوبة، لغايات إعتمادها كنمط في إدارة شؤون الدولة، ودورها المطلوب مع جمهور الناخبين.
– وأيضاً تعيش البلاد ازمة نمط الحزبية المطلوبة، فالحزبية أنماط وفق الفكر الحزبي الحديث، والذي لم يتبلور بعد كنظريات سياسية، فالأصل بالحزبية أن تعبّر عن شكل ومضمون نظام الحكم في الدولة، وفي الحالة الأردنية، نظام الحكم{ نيابي ملكي وراثي } ووفق نظام الحكم الدستوري في الأردن، فالنظرية التنظيمية الحزبية، لا يعدو نمط الحزب، إلاّ انه آلية إنتخابية بين الشعب والبرلمان ( نمط حزبية مؤازرة برنامج في عملية انتخابية ) وهي حزبية تعتمد نظرية الماكينة التكنوفراطية “وضع البرنامج والحلول” – خطط واستراتيجيات – وقيادات كفوءة لتولي مواقع المسؤولية الحكومية بحال الفوز بالأغلبية البرلمانية، أو معارضة حكومة الأغلبية بحال كان الحزب الأقلية البرلمانية( حكومة الظل والبرنامج البديل).
– الحزبية البرامجية (الإصلاحية) جديدة على البيئة العربية، وهي حزبية تتبنى البرامج التي تلبي حاجات المجتمع وتتطور تلك البرامج مع تطور حاجات المجتمع { فرص العمل، التأمين الصحي، النقل، التعليم، الغذاء، نظام الضريبة، دخل الفرد والأسرة من الناتج القومي، العدالة بين المواطنين، وكافة الشؤون التي تحقق رفاة المواطنين وكرامتهم } وهذه يجب أن تنطلق من الواقع والحقائق لتكون قابلة للتطبيق بحلول عملية للمواطنيين. وهناك نمط الحزبية الشمولية (التكتلية) وهو النمط الذي ساد في المنطقة العربية، ولم يصل للسلطة بالوسائل الديمقراطية وصناديق إنتخاب لتعبّر عن إرادة الجمهور، ولجأت للدبابة والانقلابات العسكرية سبيلاً للسلطة.
– الحزبية الأردنية لا زالت تعيش ازمة تشريعية وعدم إستقرار تشريعي، فالمشرع الأردني لا زال تفكيره ينحى بإتجاه نمط الحزبية الشمولية ( نمط الحزبية التكتلية – العضوية) في صياغة قانون الأحزاب، وهي نمط حزبية سادت في المنطقة العربية ولم تذهب للسلطة بالوسائل الديمقراطية، في حين ان الحزبية البرامجية الإصلاحية تعتمد الوسائل الديمقراطية وصولا للسلطة. فالحزبية التكتلية، تتنافى مع نمط ونظرية التنظيم الحزبي الإصلاحي، والتشريع القانوني للعمل الحزبي في الأردن، لا زال يعتمد النظرية الشمولية الحزبية (التكتلي) الذي يعتمد العضوية في فلسفة ولادته وحضوره، بينما الحزبية البرامجية تعتمد عضوية الموازرة لبرنامجها في عملية انتخابية (حزبية المؤازرة) وبهذا النمط الحزبي يتحقق التداول الديمقراطي للسلطة التنفيذية، بالأغلبية والأقلية البرلمانية التي يحددها جمهور الناخبين، بإنتقاله من هذا الحزب الي ذاك الحزب، وفق التزام الحزب وقدرته على تقديم الحلول لقضايا الناس وحاجاتهم بتوفير الحياة الكريمة لهم .
– الحزبية الأردنية تعيش ازمة في المصطلح والمفهوم بالمعارضة والموالاة، وازمة في النظرية التنطيمية ونمط الحزبية في التشريع القانوني، وازمة في دورها المطلوب كألية إنتخابية بين الشعب وصولاً للبرلمان ، والذهاب لحكومات حزبية برلمانية، كنمط ديمقراطي في ادارة شؤون الدولة من خلال المشاركة الشعبية الفاعلة، وذلك من خلال وجود حزبية برامجية، تتبني الحلول القابلة للتطبيق لقضايا المواطنين، حال وصولها بعملية انتخابية للسلطة.
– الشارع الأردني أيضاً لا زالت نظرته وإنحيازه لمسمى الحزب : إسلامي، يساري، وسطي، قومي، نظرة لمرجعية فكرية تطلق على هذا الحزب أو ذاك، والأصل أن تكون الأحزاب جميعها أحزاب دولة تتنافس بعملية إنتخابية من خلال تقديم الحلول وطروحات تقنع الناخبين بإيجاد الحلول لهم، حلولاً لتحديات قائمة كالبطالة والفقر والعلاج والمقعد الجامعي ووسائل النقل والغذاء وعدالة النظام الضريبي وغيرها من قضايا كالطاقة والمياه والبيئة، فالحزب يقدم حلولاً بآليات قابلة للتنفيذ وبنتيجة يلمسها المواطن.
– أزمة حوار وطنية : إحدى إشكاليات العمل الحزبي في الأردن، غياب لحوار السياسات وتحديد الأولويات لقضايا الناس، فالحزبية البرامجية لا تعمل ولا تؤدي دورها بغياب نهج حوار السياسات، فلا زال المسيطر على الثقافة العامة، حوار السياسة والإعتياش على الحدث الخارجي، والمواطن يئن بظروف حياته،
وهذا يتطلب فتح حوار السياسات وعلى مستوى وطني شامل لتوطين الحزبية على الجغرافيا الأردنية وفي كافة مناطق المملكة، وفق استراتيجية دولة وخطة وطنية شمولية، وليس كما يجري الآن من فزعة نخبوية لمنظمات دولية أو تسابق لكسب مناصب بالتحول نحو إعتماد الحزبية في قانون انتخاب ، فالمسالة تتعلق بمستقبل الأردن السياسي ودولته الوطنية بالشعب الأردني على إمتداد الوطن، نحو إدارة شؤون الدولة بنمط حزبية برامجية وسيلتها وغايتها المواطن الأردني، وهذا يتطلب تجاوز أزمة حزبية أردنية متوارثة وقائمة، ومعيقات وإشكاليات متعددة موضوعها، سيكون بحث آخر ، وصولاً للحزبية البرامجية المنتمية لوطنها، وهي الحزبية التي تسود في العالم الديمقراطي واعتمدتها الدولة الحديثة كنمط في إدارة شؤونها، حزبية دولة تصنع رفاة لمواطنيها وتحفظ كرامة شعبها .
الدكتور أحمد الشناق
الحزب الوطني الدستوري