وطنا اليوم:أمام واحدة من أكبر محطات الوقود في العاصمة تقف الطفلة رند (اسم مستعار) ذات الجسد الغض تحمل معها قارورة ماء صغيرة طالبة من السائقين والمارة مساعدتها بتعبئة القارورة بالكاز لتوفير الدفء لأسرتها.
يبدو المشهد مثيرا للعاطفة ما يدفع الناس لمساعدتها بإعطائها مبالغ مالية بدلا من تعبئة القاوروة، وهكذا تمضي الطفلة (11 عاما)، النهار كاملا في الموقع ذاته، لتقدم غلة ما جنته نهاية النهار للمسخِر الذي احضرها هي وشقيقاتها للتسول.
وتعتبر حالة رند “واحدة من الطرق المبتكرة التي يمتهنها المسخِرون ومستغلو الاطفال في التسول”، وفقا لمدير وحدة مكافحة التسول في وزارة التنمية الاجتماعية ماهر كلوب، الذي يبين أن “رند وشقيقاتها الثلاث هن من الطفلات المكررات للتسول”.
ويوضح كلوب ، أن عدد الأطفال المضبوطين من خلال فرق مكافحة التسول “بلغ 1284 طفلا، منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية الشهر الماضي، منهم 828 من الذكور و456 من الاناث”.
وفق كلوب فإن مكافحة تسول الاطفال تتطلب بالدرجة الاولى “التعامل مع مشغلي الاطفال في التسول”، لافتا الى ان تطبيق برامج اعادة التأهيل وحدها في المراكز التابعة للوزارة للأطفال “لن يكون كافيا طالما أن الطفل يعود الى البيئة ذاتها”.
ويلفت كلوب الى الحملة التي اطلقها الوزارة الشهر الماضي وما تزال مستمرة حتى الآن، قائلا إنه “من ضمن اجراءات الحملة كان تحويل مسخري الاطفال في التسول الى الحكام الاداريين”، مبينا أن “الحكام الاداريين اتخذوا اجراءات صارمة بحق مسخري الاطفال سواء بتوقيفهم أو ربطهم بكفالات عدلية عالية”.
ويضيف “منذ البدء بتطبيق الحملة الى الآن نستطيع القول اننا شهدنا تراجعا ملموسا بعدد المتسولين في مناطق عمان”، مشيرا إلى مسودة قانون منع الاتجار بالبشر التي توفر حماية اكبر للأطفال المستغلين في التسول، إذ اعتبرت تعديلات قانون مكافحة الاتجار بالبشر الموجودة حاليا في ديوان الرأي والتشريع، “التسول المنظم نوعا من أنواع جرائم الاتجار بالبشر، وأن تجريم هذا الفعل نوع من الحماية للأطفال ممن يتم إجبارهم على امتهان التسول”، في حين “يشمل التجريم كذلك من يجبرون الأطفال على العمل باعة متجولين وغير ذلك من أشكال العمل القسري للأطفال كالنبش في النفايات”.
وبموجب التعديلات فإن جميع ما يندرج ضمن التعريف “يتم التعامل معه على انه جناية، ويكون بعقوبة مشددة في حال كان المجني عليه طفلا تحت سن 18 أو أنثى أو مسنا أو من ذوي الإعاقة”.
ويقول كلوب “ثبت عدم جدوى توقيف الاطفال لأنه يتم الافراج عنهم ليعودوا للتسول مجددا، لكن في مشروع القانون الجديد فإن عقوبات مغلظة تقع على المسخرين، وفي حال تشديد العقوبات وتجفيف وجود المسخرين والمتاجرين بالأطفال سنتمكن من محاربة هذه الآفة”.
ويؤكد أهمية رفع الوعي المجتمعي بعدم تقديم اي مبالغ مالية للمتسولين، لما فيه مصلحة للطفل، مضيفا “ما دام الطفل يحقق عائدا ماليا فإن اسرته ومسخّره سيستمرون باستغلاله. رسالتنا للمواطنين لحماية هؤلاء الاطفال هي وقف أي مساعدة مالية لهم”.