الطفل أمير الرفاعي , قتل الله مَن قتلك

18 نوفمبر 2021
الطفل أمير الرفاعي , قتل الله مَن قتلك

 

د. مصطفى التل

“أنا ما حدا راضي يساعدني لأنه أبوي طفران وأنا تعبان كثير”….

بهذه العبارة توقف قلب الطفل أمير الرفاعي عن الخفقان فوق ثرى هذا الوطن للأبد , وأُغلقت عيناه بعد أن رأت عليّة القوم من المسؤولين يتقاطرون للعلاج بسويسرا وهداسا في اسرائيل , من زكام أصابهم أو عارض مرضي وقعوا تحت تأثيره , وعلى حساب الدولة نفسها , ومن ضرائب هذا الطفل الفقير التي يدفعها للخزينة كل عام .
توقفت آذانه عن السمع , بعد سمعت بنشرات الأخبار المحلية تقارير يومية عن الحالة الصحية لمعالي فلان وعطوفة علان خارج الأردن وكأنه انجاز اردني فريد من نوعه , هذا المسؤول اقتطع من ضرائب هذا الطفل وذويه , ليتعالج من عارض أصابه, يصيب المواطنين بشكل يومي , ولم يقتنع معاليه أو عطوفته بالخضوع للعلاج داخل وطنه .
الطفل أمير الرفاعي فقير من وطني توفي تحت نظر المسؤول الذي تعالج على حساب ضرائب هذا الطفل في الخارج , وهو ينظر إليه بعينه وبسمعه عشر سنوات.
عشر سنوات هي عمر معاناة الطفل أمير على ثرى هذا الوطن , عشر سنوات مثّلت عمره المملوء بالمعاناة والألم والاختناق الفعلي نتيجة تلف الرئة عنده , عشر سنوات وهو راقد على أسرة المستشفيات الوطنية التي لم تقصّر في احتضان جسده الغض الطري والذي يتلوى من الألم والاختناق .
عشر سنوات تحت رعاية أطباء هذا الوطن الذين هم من طينتنا وعجيتنا , هؤلاء الأطباء الذين لم يألوا جهدا في تقديم كل ما استطاعوه لهذا الطفل الفقير , عشر سنوات وحبر الأطباء يخط الأوراق في نقارير عاجلة للمسؤولين في هذا البلد , أن الطفل بحاجة الى عناية تفوق مستويات الخدمات الصحية في الأردن , عشر سنوات وهؤلاء الأطباء يناشدون بتقاريرهم أن علاجه يكمن في زراعة رئة بدول متقدمة علميا , في دول اقتنع مسؤوليها بأن ما يبنوه من صروح طبية هي ملاذهم وملاذ أبنائهم.

عشر سنوات كانت زاخرة بسفر معالي فلان وعطوفة علان لسويسرا للعلاج على حساب ضرائب هذا الطفل الفقير , زاخرة بسفر عطوفة علان لهداسا للعلاج من جائحة أصابت المجتمع الأردني أجمعه , ووقفت الحكومة في حالة تأهب قصوى لعلاج عطوفته .
عشر سنوات لم يرّف لمسؤول جفن تجاه هذا الفقير الذي شكّل الأردن بعيونه وعقله وقلبه قبل أن يتوقف عن النبض .
عشر سنوات عجاف لم تشفع له ولا لآلامه من قسوة قلب مسؤول , ولا من أنياب جاحد فاتح بيته للجاهات والوجاهات , والتي يستغل منصبه فيها لتسهيل معاملات مَن سينتخبونه مستقبلا , أو ينصبونه شيخا عليهم .
الطفل أمير الرفاعي , رحمك الله والهم ذويك الصبر والسلوان , وقتل الله مَن قتلك.