الإدمان الرقمي

17 نوفمبر 2021
الإدمان الرقمي

بقلم: سليمان الطعاني

خمسة وعشرون عاماً تفصل اللحظة الراهنة عن ميلاد أول هاتف ذكي في العالم، خلال تلك السنوات استطاعت الهواتف الذكية أن تسيطر على اهتمام البشر ووجدانهم، وأحدثت تغيرات كبيرة في حياتهم، وكان للرقمنة تأثيرها الواضح على الأسرة بشكل اساسي، والتي دفعت الثمن غاليا من ترابطها ودفئها وإمكانياتها في التنشئة، فالهواتف الذكية كانت أسرع اختراعات البشر انتشاراً واستخداماً، إذ تكاد تمسك بها أيدي الناس جميعاً،

  العالم يشهد هوساً متصاعداً بالهاتف الرقمي، الرقمنة خطفت الحياة اليومية بأسرها وتفاصيلها، ولم يعد في استطاعة الآباء أن يمنعوا أطفالهم أو يعرفوا ما يفعلونه على الانترنت، وهؤلاء الأطفال ينذرون بظهور المواطن الرقمي الذي لا يعرف شيئاً عن الحياة بدون الانترنت.

الحقيقية المهمة أن التكنولوجيا إذا استخدمت بصورة معقولة فإن نتائجها تكون مقبولة ومعقولة، لكن في حالة الرقمنة التي نعيش فإن الإعتدال غائب والخصوصية معدومة والحقائق صادمة، فقد تغير سلوك الفرد في البيئة الافتراضية الرقمية عنه في الواقع، وبات شعور الصغار تحديداً بأنهم أقوى وأكثر ثقة بأنفسهم في العالم الافتراضي عنه في الواقع، 

نجد الغرفة الموجود فيها الكمبيوتر أو الموبايل الخاص هي متعة الأطفال وملاذهم وعالمهم الذي يبنونه ويستمتعون فيه، مما أوجد  انعزالاً مخيفاً داخل الأسرة الواحدة، وأصبح أفرادها أقرب إلى الدفء في العلاقة مع البعيدين الذين يتواصلون معهم من خلال الانترنت من الذي ينامون معهم في الغرفة المجاورة لهم. 

المتخصصون يحذرون من تأثيرات الرقمنة على الأسرة، ويرون أن قيم الأسرة المتوارثة عبر عشرات القرون تتعرض لاهتزازات عنيفة مع امتداد الرقمنة إلى مساحات التعاطف والتواصل داخل الأسرة، فالجميع أصبح مدمناً للرقمنة رضي من رضي وغضب من غضب، حتى في أوقات الطعام، وفي العطلات، والمناسبات الاجتماعية الخاصة، فالرقمية جعلت الجميع مشتت الذهن، والكل يرغب بالإنفراد بهاتفه وشاشته بلا منغصات اجتماعية.

شعور متنام لدى الشباب والصغار أن ما يفعلونه من خلال هواتفهم لا عواقب له، خاصة إذا أخفوا هوياتهم وأسمائهم الحقيقية، وهو ما أوجد جرأة على فعل الخطأ والمحظور دون أي شعور بالذنب أو خوف من العقوبة، بل زاد الأمر أنه أوجد تحجراً واضحاً في المشاعر وتبلداً في الإحساس، فالشاب قد يكتفي في علاقته بأبويه بوردة ينشرها على صفحته في فيسبوك، دون أن يفكر أن يرتمي في أحضانهما ويتلامس مع قلوبهما، بل إنه قد يحجب أبويه عن صفحته على فيسبوك حتى لا يعرفوا حجم التناقض بين سلوكه وما يبثه من مواد وتفاعل.

وأخيراً المشكلة قد لا تكون في التكنولوحيا ولكن في استخدامها، وبالتالي فالرقمنة فرصة، لكن استخدامها السيء قد يحولها إلى شيء مزعج، خاصة في المجال الاجتماعي، وفي القلب منه الأسرة، وبالتالي فلو أحسنّا التعامل مع الرقمنة قإنها ستكون فرصة حقيقية ولن تكون مصدراً للقلق ونوعاً من “الإدمان”   digital addiction  الذي أصبح يتشارك فيه جميع أفراد الأسرة، بما فيهم الآباء والأمهات، taasoleiman9@gmail.com