سالم الفلاحات
وبعد ان انتهينا من جدل المشاركة وفضائلها التي لا تحصى، وضرورتها كالماء والهواء، في كل وقت وحين، عند البعض المجتهد وبيقين وكأن لديه خبر السماء القطعي.
و بعد انتهينا من اجتهاد المساكين البسطاء العاطفيين والعدميين الذين رأوا ان العمل السياسي لتحقيق نهضة شاملة يمكن أن يأخذ اشكالا عديدة، وانتهينا من الموقف الشعبي الذاتي الذي لا يدعي احد انه انشأه وأوصله الى هذه القناعة بعدم المشاركة وبهذا الحجم هذا مع التسليم بما نسمع ونقرأ واعتباره حقيقة .
وبعد الاصرار على اجراء انتخابات (عنزة ولو طارت) في ذروة الوضع السيادي الذي بلغ القمة للكورونا، وارتفاع اعداد الاصابات والوفيات للحد الاعلى منذ بداية الازمة. حتى نافسنا اعلى دول العالم في الاصابات نحن اصحاب صفر اصابات.
وفي ظل قانون الصوت الواحد القانون المجرب من 27عاما، والمرفوض شعبيا من خلال الممارسة والواقع والمفروض امريكيا على شكل نصيحة عام 1993.
وفي ظل القوائم المفتوحة الشهية، التي تجعل الحسبة من خلالها شيطانية بامتياز في سر استخراج الفائزين بحيث يرسب من المرشحين من يحصل على ضعف من حصل عليه فائز في قائمة اخرى بسبب فلسفة القائمة العجيبة !! وجعل الصراع داخل القائمة الواحدة المقدسة لا يقل عن الصراع خارجها بين المرشحين والقانون ووسائل التأثير على النتائج .
وفي ظل متابعة الشعب لأداء المجالس النيابية السابقة واخرها المجلس الثامن عشر، الذي لم ينس الناس بعد ممارسته ومواقفه وخذلانه للمواطنين المسحوقين والحريات العامة، بل وحتى القضايا السيادية الوطنية ومنها صفقة الغاز التي سحبت منه صلاحيتها ثم صمت، وكيف يتحول النائب بلا قدرة على اتخاذ قراره وترجمة قناعاته الذاتية بسبب( الألو ) الذي لم يعد البعض يتحرج من ذكره، بسبب خفة النائب واهدافه الصغيرة الشخصية عند الحكومة والمحافظة عليها والطريقة التي وصل فيها ل الى مقعد النيابة !!
وفي ظل جائحة كورونا حيث المؤسسات الصحية والاستشارية والناصحون من المختصين في علم الاوبئة، تحذر بكل لغة من الاختلاط والتزاحم بينما تصر الاجهزة الرسمية بقرار سياسي غير مفهوم بفتح الباب واسعا للكورونا لتمارس هواياتها في صحة المواطنين .لعيون انتخابات مكرورة يعرف الجميع ابعادها ونتائجها.
وفي ظل رؤية قطاع واسع من المثقفين المستقلين والوطنيين والحراكيين، اضافة للمعلمين الذين حرموا من نقابتهم التي اختارها مائة واربعون الفا منهم، والاعتداء على صميم الديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني حتى الخدمية المطلبية فقط.
اذا لم يبق فرصة لتنفس صناعي لتبقى العملية على قيد الحياة، في ظل الاصرار على الانتخابات في هذه الظروف بعد رفض سماع المطالب الوطنية الصادقة بالتحذير صحيا من اجراء الانتخابات في هذا الظرف و بتأجيل الانتخابات حتى تتحسن الظروف الصحية أو تقل سوءا على الاقل.
لم يبق بارقة امل لإجراء عملية انتخابية وهو الاسم الاصح الاّ استغلال العواطف البدائية الغرائزية الاولية الرغائبية والطرق عليها وتحفيزها وتنشيطها والسكوت عن ممارساتها عند مخالفتها للقوانين النافذة وتعليمات أوامر الدفاع من خلال :ـ
1ـــ تسهيل عقد اللقاءات العشائرية ودعمها رغم القيود الصحية على بقية انشطة الحياة في المؤسسات المختلفة .
2ــ غض الطرف جهارا نهارا عن سوق النخاسة في بيع وشراء الاصوات رغم الصور والاثباتات التي سلمها بعض المرشحين والمشاهد العلنية والطوابير المتسوقة سحتا التي يراها الاعمش وحتى مغطى العينين، لكنها كانت تلبس طاقية اخفاء فقط عن الاجهزة الرسمية !!
وكأنّ لسان الحال الحكومي الخجول يقول :ــ
دعوهم ولا تزرموهم فهم الذين سيسهمون في انجاح المشروع الوطني الانتخابي حتى ولو تمت مخالفة القوانين والتعليمات المشددة واوامر الدفاع، و لا تخافوا سنحتفظ بهذه الوقائع والصور والتسجيلات والاثباتات في ملفاتنا ونستخدمها او نهدد باستخدامها اذا حاول احد هؤلاء النواب الخروج عن الطوق وممارسة الدور الرقابي والتشريعي غير المرغوب فيه!!
انّ ما جرى من ممارسات اثناء يوم الانتخابات وقبيل النتائج الاولية وبعدها من كسر للقانون وغياب لهيبة الدولة في بعض البؤر الجغرافية استمر ليومين من كسر حاجز (العشرين شخصا!!! ) في الاجتماع الواحد، حسب اوامر الدفاع ……
العشرون التي لم يعد لها مدلول رقمي مفهوم، عند المواطن، واطلاق مئات الاف العيارات النارية من مختلف انواع الاسلحة الاوتوماتيكية، كل هذا والاجهزة في حيرة من امرها والناس يرقبون المشهد ( ماكو أوامر )، وبعد مرور يومين متتالين خطيرين بمخالفاتهما يعلن عن بدء المرحلة الامنية الثانية من الخطة، ولكن بعد ان لعبت الكورونا برؤوس الكثيرين إلا ان يحفظنا الله بحفظه، اللهم إلاّ ان كانت كورونا لا تغشى الاجتماعات الانتخابية والاحتفالية بنتائجها . وكذب المنجمون ولو صدقوا!!
انتهت الانتخابات ولايزال البعض الطيب ينتظر المجلس والخدمات المنتظرة، وجوائز مواقفهم مع النواب التي لم تسترد بعد. ولم يقبض ثمنها
وبعـد،
أقول الان على الغيورين على الاردن والمنتمين له بعد ان انفض السامر وشرب كلٌ بحفنته الآن مهما كان موقفه ورأيه قبل الانتخابات، وان يتشارك هؤلاء واولئك بعد ان جمعتهم المصائب (المحقّقة ) الماثلة للعيان في مشروع وطني مدروس بعد كل التجارب السابقة. تكون بوصلته وطنية صادقة .
لأن الجهود المبعثرة، وقانون الانتخاب الذي مزق المجتمع ولم يمثله ولم يحظ بالثقة منذ ثلا ثة عقود، وقانون الاحزاب العقابي المتخلف .
ولأن استمرار غياب الإرادة السياسية لتغيير النهج والتوجه نحو بناء ديمقراطية حقة، وتحكّم أصحاب الهوى والمصالح الشخصية على حساب الوطن، وتغطية ذلك بحجج واهية لم تعد تنطلي على أحد.
لقد آن الاوان لوضع الانتخابات بحجمها الطبيعي فقط، فهي وسيلة يجب تجويدها و ضرورة تكاملها مع العناصر الاخرى والاستحقاقات الضرورية للشروع ببناء حياة ديمقراطية حقيقية.
انّ على الذين كانوا يؤّملون كثيرا على الانتخابات ان يعيدوا النظر بترتيب الأولويات الوطنية، وتكامل الجهود الوطنية بالاتجاهات الصحيحة وعلى الحزبيين الجادين والشخصيات الوطنية الجادة وقادة الفكر والنخب الايجابية تنحية الخلافات التاريخية التي لم ينتفع منها الا المستبدون والفاسدون والتوافق على مشروع وطني جاد يكافئ التحديات التي واجهت وتواجه وطننا ودولتنا بشكل عام فقد اتسع الخرق على الراقع ولم يعد لدينا ترف التجريب .
يجب ان تقترب ساعة نعي الفرقة الوطنية، وتحكم العقليات الصغيرة بالمشهد الوطني واللعب بشؤون الشعب، ونعي قوانين الانتخاب والاحزاب المتخلفة، والخروج من عنق الزجاجة سياسيا اولا والنأي عن الانانية الشخصية والفئوية والجهوية والحزبية وتقديم المصالح الكبرى المعتبرة على ماسواها، وعسى ان يجد الاردنيون المكلومون شركاء حقيقين رسميين وشعبيين فنحن في مركب واحد.ئ
نائب أمين عام حزب الشراكة والانقاذ