بقلم : سهل الزواهرة
من هو ذلك العاقل الذي يستسيغ
تلك المشاهد المغرقة بالأسف التي اجتاحت شوارع مملكتنا الحبيبة متزينة برصاص الباطل و هي بين سعيد متنشي بنجاح وحانق مصدوم بفشل ، وهي سنة الله في خلقه ، إذا أفلح أحدهم فالآخر خاسر و لو إلى حين ، و للحق هذه المشاهد رغم قبحها فهي مألوفة في أفراحنا و مناسباتنا ، و كل مدعي خلاف ذلك فهو يتعامى عن أمر لا خلاف فيه ، ولكن ما ميزها هنا و زاد من خطورتها أنها تأتي في ظل جائحة فاتكة و تحت سطوة وباء يتجلى خطره في التجمعات و الاختلاطات المجنونة التي لا تراعى فيها أدنى اعتبارات الوقاية و الحذر ، وهذا ما كان للأسف ، و هنا يأتي السؤال ، هذا الذي حدث مسؤولية من ؟؟ .
و للإجابة على هذا التساؤل المشروع لا بد لنا بداية أن نسأل هل كان الإعداد لهذا العرس الانتخابي الذي جاء على شرف كورونا ، قبله و أثناءه و بعده إعدادا احترافيا راعى كل اعتبار ؟؟ .
برأيي المتواضع الإجابة تتلخص بحرفين و ليس ثلاثة !! فهذه الانتخابات لم تأخذ حقها و أربكها مصطلح الاستحقاق على وجاهته ، فالمترشحون حرموا من الوصول إلى الناس و لم تتح لمعظمهم طرح أفكارهم و برامجهم و أصبح الأمر خبط عشواء أو اختيار من متعدد دون دراسة مسبقة أو ربما أحيانا دون علم بالمساق الذي يمتحن به الناخب ، ثم جاءت العملية الانتخابية ذاتها و التي كانت منظمة بإجراءتها الى حد جيد و روعي فيها الاعتبارات الوقائية المرتبطة بالجائحة الملعونة ، و الى هنا كانت الأمور تسير الى نهاية شبه سعيدة لهذا العرس الذي غاب أكثر من ثلثي معازيمه كل لسبب خاص به بين عزوف متأصل أو مقاطعة مبررة أو عدم اكتراث مفهوم أو خوف من و باء قاتل ، بكل الأحوال انتهى الاقتراع و جاء الفرز الجدلي و كثر التشويش و توالت الشكاوى و التذمرات و أحيانا المسرحيات و أصبحنا نرى ضعفا في هذه المرحلة و ارتجالية تؤكد لنا أن هذه الانتخابات لم يعد لها بشكل جيد أو ربما لم يكن بالإمكان أكثر من ذلك فنحن بالنهاية لسنا عالم أول و لا ثاني ، و انتهى الفرز و توالت النتائج الصادمة للبعض و المنطقية للبعض الآخر فالمصدوم سخط و عبر عن ذلك إما بالشارع أو على وسائل التواصل و كثير من هؤلاء حججهم كانت أوهى من بيت عنكبوت و جاء كلامهم مرسلا استعراضيا بأدلة ضعيفة و أحيانا مضحكة و غيرهم ساق كلاما اقترب من منطق أو كاد ، و بنتائج لعب فيها المال الحرام دور البطولة كما يشاع ، و سقطت الأحزاب المستدرجة والقوى السياسية المنظمة سقوطا مريعا و سيصبح سقوطها هذا مادة للتندر في قادم الأيام ، و سيقال لماذا تمولوا هذه الأحزاب بعشرات الآلاف من الدنانير و ربما اكثر ، و بعض قوائمهم بالكاد تجاوزت في أصواتها عدد أصابع الإنسان !!!!!
و على الجهة الأخرى كان بعض ممن حالفهم النجاح و في ظل الحظر الشامل يستعرض و يجوب الشوارع الخالية مشعلا الفضاء برصاص أعمى و أهازيج حماسية غير مبال بحظر و لا بسلامة و لا بأمن ، و كأنه فتح تل أبيب أو استولى على زحل !!! و هو بذلك قدم الصورة القاتمة لما هو قادم ، و أعانه على ذلك القرار المستهجن للحظر الذي اتخذته الحكومة و الذي قتل نسبة الانتخابات المقتولة أصلا ، و وضع الدفاع و أوامره بمواجهة فرحة الناس المتوقعة الغير منضبطة فأوحى للناس ضعفا في هيبة عجزنا و نحن نطالب في إعادة انتاجها و فرضها بلين لا ضعف فيه و شدة لا عنف فيها ثابتة عادلة لا موسمية يحكمها المزاج .
نعم نحن نريد هيبة الدولة الواعية للظرف الحالي و لقادم الأيام ، و نريد سيادة القانون الذي يسري على الجميع دون تمييز أو تحيز ، و لكن و نحن نسعى إلا ذلك علينا ألا نخلط بين سلوك خاطىء مرفوض و بين سلطات و حواضن هي حصون مناعة و خطوط دفاع عن هذا الوطن المستهدف أرضا و إنسانا و تاريخا ، و أن نتجنب التعميم و تشويه صورة هذه السلطات و الحواضن و وضعها في صدام مع نفسها و غيرها ، فالسلطة التشريعية هي ركن ركين من أركان هذا النظام و هي صوت المواطن و عينه و يده و إساءة أحد أعضائها هي عليه لا على بيت الشعب و دوره ، أما العشائر على اختلاف منابتها فهي ملح الأرض و زاده و هي ذخر النظام و سياجه ، و كل فعل خارج حجة على صاحبه فقط ، و سبحان من جعل ” و لا تزر وازرة وزر اخرى ” قرآنا يتلى حتى يرث الله الأرض و من عليها .