أتعامل مع نفسي وكأنني سائحة…!

6 نوفمبر 2021
أتعامل مع نفسي وكأنني سائحة…!

 

 

الدكتورة هيا عاشور

أعرف اننا زوار بهذه الدنيا فاسعد نفسي واحب الحياة اذا ما استطعت إليها سبيلا .. اليوم مررت بشارع الرينبو بالدوار الاول بعمان.
جلست على احدى الطاولات على الرصيف امام محل يبيع كرابيج حلب وبجانبه محل يبيع القهوة.
الرجل بائع كرابيج حلب قال لي:” اساويلك كربوجين تدعي لي”
صرت اضحك وقلت:” كربوج واحد بس”
قال:” كربوجبن ما راح تندمي ”
المهم أنني لم اندم بالفعل ..وانهيت عملي ومشيت ضعفين المسافة المعتادة التي امشيها يوميا بدل عن كرابيج حلب التي اكلتها.
طلبت قهوة وجلست انتظر كرابيج حلب، على الطاولة بجانبي يجلس رجلا خمسيني وحده يشرب قهوة، هو الاخر سمع حوار الكرابيج وابتسم ،جاء مراهقا اليه يشحذ المال، قال الرجل:” عمي اشتغل انت رجل والشغل مو عيب ..شايف السيارة هناك .. امسحها وارجع أعطيك دينارين”
نظر اليه المراهق وجاء رفيقه وهو مراهق أيضًا حدثه بما قاله الخمسيني له، ثم ساله:” من وين اجيب مي؟”
قال الرجل بصوت مرتفع :” دبر حالك او اشتري سطل و ممسحة ”
تشجع المراهق ورفيقه وتباحثا بالامر، بعد دقائق قليلة عاد ومعه ممسحة وسطل ماء ونظف السيارة.
كان الخمسيني اثناء ذلك يجلس بهدوء على مقعده روحه خفيفة جدا وعيونه غارقة بالذكريات، خلسة نظر الي بطرف عينه وانا انظر لسيارته اتتبع الأحداث.
عاد المراهق اليه أعطاه الدينارين كما وعده، ثم وقف الخمسيني مبتسماً فابتسمت وهو يعرف أنني سمعت الحوار كله من بدايته ثم هز برأسه يسلم عليّ يُحيني وانا لا اعرفه، فرددت التحية وهززت رأسي.
قال هامسا:” بتتوقعي سويت صح ستي؟”
قلت:” لا اعرف ربما فعلت الصواب، شو بتتوقع حضرتك؟ يصير يشتغل بدل ما يشحذ؟”
قال وهو يهز كتفيه بحركة لا مبالية :” انا استنزف الطريق الطويل توقعاتي، لا اشعر بشيء ولا أتوقع شيئا”
ثم أضاف وأنا ساهمة أفكر بكلامه وقد حيرني الخيط المقطوع بجملته :” يسعد مساك ستي، صحة وهنا”
وذهب..
لملمت حاجاتي أنا الاخرى وذهبت .. اين سمعت هذا الاقتباس سابقا
محمود درويش …”في حضرة الغياب”.
#هيا_عاشور
#عمان
الصورة لي و لمقعده الخالي ولكرابيج حلب المتطورة
طابت الاوقات