وطنا اليوم – رصد – قال الكاتب الإسرائيلي شاؤول أرئيلي:” إن إصرار رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بنيت على المضي قدما في الاستيطان والابتعاد عن العملية السلمية، يعد انقلاباً على وعد بلفور في ذكراه 104، والحلم الصهيوني، وسيقود الى دولة ثنائية قومية فيها اغلبية للعرب، واصفاً هذا التوجه بالخيار الهستيري وأنه لا حل سوى حل الدولتين الذي يعارضه بنيت، للحفاظ على أمن “إسرائيل”.
وأضاف ارئيلي في مقال له نشرته صحيفة هآرتس العبرية، أنه لا يوجد أكثر من وعد بلفور يؤكد إلى أي درجة تنحرف سياسة رئيس الحكومة بينيت، بخصوص النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني عن الالتزام التاريخي للحركة الصهيونية، في ظل رفضه لأي عملية سياسية مع الفلسطينيين ما يعني تعني استمرار الاحتلال والضم الزاحف، وهو ما يمثل انقلاب في الرؤية الصهيونية وتفضيل “أرض إسرائيل” (فلسطين المحتلة) على الديمقراطية والهوية اليهودية لدولة “إسرائيل”، التي هي الأسس الثلاثة للصهيونية.
وأشار الكاتب الاسرائيلي أن الحكومة البريطانية حقاً نظرت بعين العطف إلى “إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في أرض إسرائيل” (فلسطين المحتلة)، وتعهدت في ذاك الوعد بأنها ستحاول “تسهيل تحقيق هذا الهدف”؛ لكنها أيضاً قالت بصورة صريحة: إن هذا مشروط بـشرط واضح وهو أنه “لن يتم القيام بأي أمر من شأنه المس بالحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية في أرض إسرائيل” (فلسطين المحتلة). أي أنها ستدعم إقامة دولة للشعب اليهودي في فلسطين، من خلال عدم تطبيق مبدأ تقرير المصير على فلسطين، شريطة أن تحافظ على المساواة الكاملة في الحقوق المدنية والدينية.
ولفت إلى أن وعد بلفور، الذي هو الأساس القانوني للمطلب الصهيوني، تم تضمينه في صك الانتداب في 1920 وتمت المصادقة عليه من قبل عصبة الأمم في 1922، الذي عاد وأكد أن الالتزام بإقامة دولة للشعب اليهودي مشروط بـ “الحفاظ على الحقوق المدنية والدينية لجميع سكان فلسطين، دون تمييز في العرق والدين”.
وتابع، أن هذه الصيغة لوعد بلفور المشروط، كانت صفقة واضحة ومقبولة على أعضاء القيادة الصهيونية. وبناء على ذلك، في الوقت الذي وقفوا فيه أمام الحاجة إلى الحسم بين أسس الصهيونية الثلاثة دائماً فضلوا الديمقراطية، ذات الهوية اليهودية التي تستند إلى أغلبية يهودية، على “أرض فلسطين الكاملة”.
كما جاء في رد الحركة الصهيونية على اقتراح لجنة بيل في 1937 وعلى قرار التقسيم في 1947 وعلى اتفاقات الهدنة في 1949. وتابع أن مناحيم بيغن صرح أيضاً بعد إقامة الدولة في 1972: “الصهيونية… هذه هي أسسها في أرض إسرائيل (أرض فلسطين)، التي حقنا عليها غير قابل للنقض، سيكون هناك أغلبية يهودية وأقلية عربية، ومساواة في الحقوق للجميع”، وتعهد: “نحن لم ننحرف ولن ننحرف عن هذه العقيدة التي تطوي داخلها عدالة قضيتنا”.
ويقول الكاتب الاسرائيلي، :”إن رفض بنيت القيام بعملية سياسية مع الفلسطينيين ودعمه لاستمرار البناء وتطوير المستوطنات، كل ذلك هو إعلان رسمي عن نظام تمييزي لدولة “إسرائيل”، يمنح الحقوق بناء على الانتماء القومي، ويمنع الحقوق عن جزء من سكان البلاد.
وهو ما ينقاض وعد بلفور والالتزامات التي أخذتها على مسؤوليتها الحركة الصهيونية (أيضاً إعلان الاستقلال). وقد أكد على ذلك بشكل واضح قبل أربع سنوات يونتان إلين، نائب السفير البريطاني في الأمم المتحدة، في خطابه بمناسبة مرور مئة سنة على وعد بلفور عندما قال: “تعالوا نتذكر أنه كان هناك قسمان للوعد. القسم الثاني لم يتم تطبيقه”.
وأشار إلى أن بنيت عندما أطلق في 2012 “برنامج التهدئة” لـ “البيت اليهودي”، الذي تضمن ضم مناطق (ج) في الضفة الغربية، قال: إن هذا هو الحل الأفضل؛ لأن ضم الضفة الغربية مثل حل الدولتين “غير قابل للتنفيذ، وهما يعرضان للخطر مستقبل دولة “إسرائيل” لأسباب أمنية وديموغرافية وقيمية”.
واقترح في حينه من أجل الحفاظ على سلم أولويات الصهيونية، دولة ديمقراطية مع أغلبية يهودية، فإنه حرص على أن يعد بإعطاء الجنسية لخمسين ألف فلسطيني يعيشون في المناطق التي سيتم ضمها. لأنه “بهذه الطريقة سنسحب كلياً البساط من تحت ادعاء الأبارتهايد”.
ورأى الكاتب أنه لسوء حظ بينيت وشاكيد وبتسلئيل سموتريتش وأصدقائهم، ولحسن حظ دولة “إسرائيل”، فإن عمليات الضم التي استندت إلى افتراض أن إدارة دونالد ترامب ستؤيدها، لم تخرج إلى حيز التنفيذ، وانتخاب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة وضع حداً لاحتمالية ضم رسمية.
وقال: إنه في ظل غياب هذا خيار الضم فإن بينيت، الذي يعارض حل الدولتين، اختار مرة أخرى تخليد الضم الزاحف ونظام التمييز؛ لأنه ما زال يؤمن، مثلما قال عن ضم مناطق (ج)، بأنه رغم أن “العالم لن يعترف بسيادتنا هناك (في المناطق)… إلا أن هذا غير فظيع. والعالم سيتعود مع الوقت”. أي أن العالم، حسب بينيت، سيواصل إلى الأبد قبول الجمود السياسي والاحتلال ونظام التمييز.
وأضاف، أنه في ظل غياب احتمالية ضم أجزاء من الضفة الغربية دون الضم الكامل للسكان، فإن هذه السياسة لبنيت ستقود “إسرائيل” إلى دولة ثنائية القومية مع أغلبية عربية، وستدمر الحلم الصهيوني.
وشدد على أن البديل الوحيد المحتمل هو حل الدولتين لشعبين على أساس قرارات الأمم المتحدة 242 و338 والمعايير التي تم وضعها في المفاوضات بين “إسرائيل” وم.ت.ف في أنا بوليس في 2008.
وأكد الكاتب أن “دولة ثنائية القومية هي عمل هستيري”. لأن هذه حقاً ستكون دولة تجري فيها حرب أهلية مستمرة. مؤكداً على خيار حل الدولتين وفق الرؤية الصهيونية وما تبني سياسة بينيت والتضليل والأكاذيب تعني التنازل عن إمكانية إعادة “إسرائيل” إلى طريقها وأن يتم تطبيق الحلم الصهيوني فيها، خلافاً لحل الدولتين.
وأكد على أن حل الدولتين سيبقي “إسرائيل” مخلصة لوعد بلفور وصك الانتداب وقرار التقسيم، التي هي الأساس السياسي والقانوني والأخلاقي لإقامة دولة “إسرائيل” وضمان مستقبلها.