نضال ابوزيد
في حديث مثير للجدل قال رئيس الوزراء الاسبق الدكتور عبدالرؤوف الروابدة أثناء قراءة لكتاب “ابراهيم الغرايبة” والذي حمل العنوان “الاخوان المسلمون من الدعوة الى السياسة”، اشار خلالها الروابدة الى عدة خطوط نقاشية، يبدو أنها لم تكن وليدة الصدفة قال فيها الروابدة: “الإخوان المسلمون ليسوا تنظيما سياسياً بل هم تنظيم ديني” ، فيما استرسل الروابدة في حديثه واشار ايضاً، الى أن “الاخوان لم يقفوا يوماً واحداً مع الدولة الاردنية لكنهم وقفوا دفاعاً عن روحهم ونفسهم”.
حديث الروابدة الرجل الذي يحسب خطواته بدقة متناهية، جاء في مناسبة إخوانية وبحضور النائب عمر العياصرة الذي كان يدير النقاش ، إذاً ثمة مناكفة واضحة أراد لها الروابدة ان تكون كذلك، وثمة ايضاً تحرش واضح في حديث الرجل الذي خرج من رحم الإخوان وقال في مقابلة تلفزيونية سابقة قبل أربع سنوات وهنا اقتبس ” لامانع من ان يلتقي الحزب الاردني فكرياً مع أحزاب عربية ولكن ليس تنظيميا ” انتهى الاقتباس ، واستشهد الروابدة حينها بمثال عن الإخوان المسلمين وقال : “الاخوان تلتقي فكريا مع حماس وليس تنظيميا”، في إشارة ضمنية منه إلى ان الإخوان يسير في مساره الحزبي الصحيح في الساحة الاردنية.
ثمة حديث آخر سابق للروابدة أجاب فيه على سؤال صحفي حول نشأة الروابدة في كنف الاخوان المسلمين ،قال فيه الروابدة حينها: ” بان الاخوان صقلت شخصيتي” ، وهنا ثمة سؤال عميق يتردد لماذا الان يحاول الروابدة التحرش بمن غازلهم في الماضي القريب؟ .
يبدو أن الإجابة جاءت في زوايا حديث الروابدة الذي ما انفك يرسل إشارات في سياق هذا التحول الفكري المؤقت للروابدة الذي جاء متزامنا مع اخفاقات يراها الروابدة في أكبر الأحزاب الأردنية وأكثرها تنظيما ، ثمة مواقف ايضاً تعلقت بما يجري على الساحة الأردنية من نقاشات تواصلية عميقة حول الهوية الجامعة والهوية الوطنية وأخرى جاءت على خلفية المقال المثير للجدل الذي نشره حسن إسميك ، لم يلقى رواجا نقاشياً لدى الإخوان يبدو انهم حاولوا النأي بالنفس عن مايجري تواصلياً بشكل يبدو أنه أثار الروابدة.
وثمة مناكفة اخرى واضحة في حديث الروابدة تظهر من خلال عبارات أشار إليها الروابدة في سياق حديثه يبدو ان لُمع الاخبار لم تلتقطها حين قال الروابدة: الإخوان لم يقفوا يوماً واحداً مع الدولة الاردنية لكنهم وقفوا دفاعا عن روحهم ونفسهم، وهنا يبدو المساق الحواري طبيعي ليس فيه دلالات، الا ان الروابدة أردف حديثه في جملة مقتضبة يبدو أنه اي الروابدة، زجها زجاً في سياقات حديثه علها تُلتقت من قبل مجسات الإخوان التي رصدت حديثه في اروقتها وبحضور شخوص اسلامية حيث قال الروابدة :”جميع الأحزاب لم تعترف يوما بالمواطنة في تربيتها ولم تكن المواطنة جزءاً من تفكيرهم”، وهنا كانت الحبكة والجملة التكتيكية في رواية الروابدة والتحرش الذي بدا مستغرباً من الإخوان أنفسهم .
وبعد هذه المزامنة بين الخلفية الفكرية والتحول التكتيكي، يبدو أن الروابدة اراد التحرش لازعاج الاسلاميين لا اكثر وهو يدرك تماما انهم اكبر واكثر الاحزاب تنظيميا وقد تكون تاثيراً في سياقات حوارية تعصف بالساحة الاردنية يريد الروابدة ان يكون للإخوان موقف فيها ، فتّحرش الروابدة بالإخوان أفقيا في مجلسهم الحواري وتحرش بهم عموديا في مناكفة، يبدو انها وصلت اعلى الهرم التنظيمي الإخواني ، ليبقى السؤال الأعمق هل تم التواصل والاتصال الفوري بين الروابدة وأقطاب العمل الإسلامي عشية حديث الروابدة، في محاولة لفض الاشتباك الفكري وانتزاع فتيل الجدل مع قطب من شاكلة الروابدة من خلال استدراج الروابدة للإجابة على، ( لماذا الان) ..؟ ام اننا ننتظر جرعة مخففة قد يخرج علينا بها صاحب مقولة ان الاحزاب الاردنية لازالت تتراوح بين أحزاب النخبة واحزاب القيادات واحزاب الوجاهة ، بعد هذا الحديث الجدلي الذي يبدو ان اعلى الهرم الاخواني قد التقطه وبدا سريعا بمعالجته من باب الابتعاد عن التحرش مع احد اقطاب الدولة الاردنية.
