وطنا اليوم:”حل البرلمان الأردني الحالي وبناء نظام سياسي يعطي دوراً أكبر للأحزاب”، يبدو هذا التوجه الجديد الذي يسير نحوه الأردن.
إذ ينتظر الأردنيون أن ترفع “لجنة تحديث المنظومة السياسية” توصياتها لتعديلات دستورية متصلة بقانوني الانتخاب والأحزاب، إلى الملك عبد الله الثاني، بعد أن حدد الأخير موعداً لذلك، قبل الدورة العادية المقبلة للبرلمان، والمقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وتؤشر نسبة المشاركة المتدنية في الانتخابات الأخيرة خريف عام 2020 والتي بلغت 29% فقط، إلى عدم رضا من المواطنين عن قانون الانتخاب السائد بالبلاد، ما دفع الملك إلى تشكيل اللجنة المذكورة في يونيو/حزيران الماضي، سعياً لتحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري، وزيادة نسبة الاقتراع في أي انتخابات قادمة.
حل البرلمان الأردني خيار مرجح
مخرجات اللجنة الملكية ومدى قناعة الملك بها، سيكون بمثابة البوصلة التي ستحدد خارطة الحياة السياسية بالأردن، وفي مقدمتها إقرار قانون انتخابي جديد، ربما يعجل برحيل البرلمان الحالي.
وجاء تشكيل اللجنة كخطوة على طريق عملية إصلاح ينادي بها الملك، وتحدث عنها في لقاءات مع مسؤولين ومواطنين، على أن تتسق مع “أوراقه النقاشية” السبع، التي أصدرها بين أكتوبر/تشرين الأول 2016 وأبريل/نيسان 2017، وهي تمثل رؤيته لتحقيق الإصلاح الشامل.
ويأمل الأردنيون بنتائج تحيي مفهوم المشاركة السياسية، وتحقق لهم دوراً فاعلاً في صنع القرار، خصوصاً أن المشهد الحالي دفع بعزوفهم عن الانخراط بأهم وأبرز أبجديات العمل السياسي، وهي الأحزاب والانتخابات، لعدم رضاهم عن مخرجاتها.
مراقبون يرون أن استمرار البرلمان الحالي من عدمه، يتوقف على سرعة إقرار القانون الجديد، بعد مروره بمراحله الدستورية، متبوعاً بقرار ملكي بحل مجلس النواب، والتوجيه بإجراء انتخابات؛ لضمان تطبيق التحديثات السياسية.
الشارع ساخط من البرلمان
بدر الماضي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الألمانية الأردنية (حكومية)، يرى في حديثه للأناضول أن “تشكيل اللجنة الملكية جاء في ظرف دقيق وحساس تمر به الدولة الأردنية، بحيث إن المشاركة السياسية من قِبَل المواطنين بات يُنظر إليها بأنه ضرورة مُلحة في صناعة القرار”.
ويعتقد الماضي أن “رأس الدولة والحكومة سيتعاملان بطريقة مختلفة مع هذه المخرجات؛ لأن النظام السياسي يشعر بضغوط الشارع الأردني وفقدان الثقة التي ازداد في السنوات الأخيرة، لعدم ترجمة الرؤى الملكية إلى واقع ملموس”.
واستبعد أن يواجه “تنفيذ هذه المخرجات على أرض الواقع مشكلة كبيرة؛ لإدراك الحكومة ومجلس الأعيان (الغرفة الثانية للبرلمان) ضرورة الاتساق مع ما يفكر به العاهل الأردني”.
وأردف الماضي: “انطلاقاً من ذلك، فإن مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) أيضاً لن يكون حجر عثرة بوجه هذه المخرجات؛ كون الغالبية العظمى من أعضائه قريبين جداً من التوجه الحكومي”.
وأما من يحسب منهم على المعارضة، فإنه “لا يمانع أن يرى تطبيقاً للطموحات التي يسعون لها كما يسعى لها المواطن الأردني”، بحسب الماضي.
وتابع: “بما أن مجلس النواب لم يحظَ بثقة شعبية عالية، خاصة مع تدني نسب المشاركة في الانتخابات الأخيرة، فإن حله سيكون جزءاً أساسياً من تحقيق طموحات الشارع، وإجراء انتخابات نيابية جديدة حسب مخرجات اللجنة واقتراحاتها، والتي يبدو بأنها ترضي شريحة واسعة من الشعب”.
ورأى الماضي أن “الموقف الشعبي من الحكومة لا يقل عن الموقف من مجلس النواب، في عدم الرضا عن أدائها، ما يضع رأس الدولة بخيارات مريحة للتغيير”.
وشدد على أن “أي تأخير في تنفيذ مقترحات اللجنة -إذا لقيت قبولاً من الملك عبد الله بعد عرضها عليه- سيخلق مزيداً من الاحتقان الشعبي تجاه المؤسسات الحكومية”.
ونوَّه الماضي بأن “التعامل الجدي وتطبيق ما خلصت إليه اللجنة سيؤدي إلى تحول واضح في الحياة السياسية الأردنية والنهج المؤسسي الديمقراطي القائم على مشاركة عدد أكبر من مواطني الدولة”.
وخلص إلى أن “مجلس النواب لم يعد يحظى بفرصة الاستمرار، وسيكون عمره مرهوناً بإقرار التشريعات الجديدة”.