وصفي يفترش الارض وعرار يخلي كرسي الداخلية

6 أغسطس 2021
وصفي يفترش الارض وعرار يخلي كرسي الداخلية

عبدالحافظ الهروط

ينزعج المسؤولون عندما يأتي عامة الناس على ذِكر طيّب الذكر الشهيد الخالد في ذاكرتهم وقلوبهم وصفي التل.

الأسباب كثيرةولا حصر لها، ولكن أبرزها ان المسؤولين عاجزون عمّا فعله الراحل، ولن يفعلوا.

وأما الشعبوية فالمقارنة ظالمة، مع أن المسحجين وبكل ما امتلكوا من ذكاء وغباء، ومعهم المسحجون في مهنة الاعلام والعاملون من أمثالهم في استخدامات وسائل التواصل الاجتماعي الحديثةلم يستطيعوا إقناع الناس بمسؤول واحد يقترب من ” ركبة ” وصفي، وحتى لا أقول قولاً آخر.

لم يكن غريباً أن نسمع أن وصفي غادر الحياة مديونياً، أو أن شخصاً شاهده وهو يحرث ارضه وراء دابة، وأحضر ” طنجرة مجدرة”ذات يوم لعدد من وجهاء قبيلة بني حميدة ذهبوا الى منزله المنجز، غرفة عاماً، وغرفة عاماً آخر،في منطقة الكمالية.

“رئيس وزرا يا وصفي، وتغدّينا مجدرة”؟!، قالوا.

” معجبكم أهلاً وسهلاً، ما معجبكم، هذا غداي، وأنا أحب هذي الأكلة، وجوعان” فعادت ” الوليمة” وتوابعها من بصل وعشب، كما لو طّب جراد في زرع.

ربما في هذه المائدة، امتداد لمائدة سبق وأعدها والده للملك المؤسس عبدالله في مدينة السلط، والكل يعرف القصة.

الحديث عن وصفي لا ينقطع حتى وهو يرقد لأكثر من نصف قرن في ضريحه، في حين -والله العظيم- ونحن في مهنة الاعلام، لا نعرف اسماء مسؤولين جاءوا وغادروا، ومنهم من هو على كرسي المسؤولية حتى إعداد هذا المنشور، ولكن ..

زميلي في المدرسة، ابن العشيرة سعيد الهروط، دفع لي بصورة معلقاً ومؤيداً لمنشور مقتضب نشرته عن وصفي ، فتوقفت عند هذه الصورة المعبّرة والتي لها دلالات ومعان وعبر، لمن يمعن بها ، إنساناً كان، أو مسؤولاً.

في حضرة الراحل الحسين وكبار المسؤولين، يفترش وصفي الارض تاركاً الكرسي بجانب الملك فارغاً، من فعلها من مسؤولي اصحاب الكراسي ومحبيها الذين يتدافعون اليوم، لعلهم يحظون بصورة، ولو “سلفي” يا وصفي؟!

ما أكثر تصريحاتهم وثرثراتهم، وكلما وعدونا بخمسية او عشرية من السنوات لبناء مقصف مدرسة او تعبيد خمسين متراً من طرقات المملكة ، ملأنا ” المملكة” والتلفزة والصحف والإذاعات والمواقع الالكترونية، بالإنجاز العظيم، وها هي عقود مرت وستمر عقود، ونحن”نتدرّج” ونبشّر بالإصلاح المقبل، يا وصفي !.

أما عرار ، والمقصود به، المرحوم سليمان عرار، فقد كنت حينها ادرس في الجامعة الاردنية، واعمل على نظام ساعات الطلبة، حالنا نحن الذين يدرسون في النهار ويعملون ليلاً نهاراً .

جاء توزيعي في دائرة اللوازم، وفي أحد الأيام، دخل الدائرة رجل أشيب من آل الغول، فتحدث للحضور من أصدقائه” ذهبت الى وزارة الداخلية لأُهنىء معالي الوزير سليمان عرار، فوقفت في صف المهنئين، وما أن لمحني معاليه حتى جاء وأخذني بيدي، فأجلسني على كرسي مكتبه.

حاولت وحاولت أن لا أجلس، وقلت أن هذا الكرسي كرسي إرادة ملكية، فقال الوزير ” وانت معلمي الذي درسني وأوصلني الى هذا الكرسي” وظل معاليه يتحدث للمهنئين وقد أخلى لي كرسيه.

سلام على وصفي ، سلام على الذين تكبر بهم الكراسي، وبتواضعهم تظل لهم الهيبة.