الحلقة المفقودة في الاعلام الرسمي الأردني و”قصة الطائرة الإيرانية بدون طيار”

31 يوليو 2021
الحلقة المفقودة في الاعلام الرسمي الأردني و”قصة الطائرة الإيرانية بدون طيار”

 احمد ذيبان

وقعت في حيرة ، والسبب أنني ابتليت بمتابعة الاخبار والنبش في تفاصيلها ،خلال عملي في مطبخ الأخبار في الصحافة الورقية لمدة تزيد عن 35 عاما ، وعندما تكون صحيفا وكاتبا مستقلا ينصب اهتمامك في شلال الاخبار المتدفق على مدار الساعة ، على البحث عن الحقيقة. .

ورغم انني أعرف تماما سقف حرية الاعلام الرسمي الأردني ، والخطوط الحمراء المرسومة له ، لكن ما زاد حيرتي ودهشتي انني لاحظت انه تم تغييب جزء مهم من المقابلة التي اجرتها شبكة سي ان ان الاميركية مع جلالة الملك عبد الله الثاني بعد انتهاء زيارته الأخيرة الى واشنطن ، الأمر الذي اضطرني للجوء الى التاويل والتكهن وربما التنجيم، لتفسير سياسات تحرير الاعلام الرسمي بشان العديد من القضايا. ولكي لا استعجل قرأت نص المقابلة كما بثته وكالة الانباء الرسمية “بترا”يوم الاحد الماضي 25 تموز – يوليو ، وتمعنت فيه عندما نشرته في موقعي”اغوار نيوز” ،وعدت الى قراءة النص مجددا “الاسئلة والاجوبة” ، في ثلاث صحف يومية” الراي ،الدستور، والغد”، وكان النص موحدا لأن المصدر المعتمد هو وكالة “بترا” . وكنت اتابع التغطية الخارجية للمقابلة في القنوات الفضائية والصحف والمواقع العربية والاجنبية، التي أبرزت وأعطت أولوية للجزء المفقود في الاعلام الرسمي الاردني ، وهو اجابة الملك

على سؤال محاوره فريد زكريا الذي كشف فيه “ان الاردن تعرض للهجوم بطائرات دون طيار إيرانية الصنع” .

حاولت تفسير غياب هذا السؤال واجابة الملك عليه من تغطية الاعلام الرسمي ، على مدى بضعة أيام فلم أجد اجابة رغم أن هذا الجزء على قدر كبير من الاهمية ، يتعلق بقضية ساخنة وهي توسع ايران في المشرق العربي ورعايتها وتسليحها لميليشيات موجودة في العراق وسوريا وحزب الله في لبنان الحوثيين في اليمن ، وتمتلك ترسانة اسلحة بضمنها صواريخ وطائرات مسيرة ، وتوجهها طهران لخدمة أجندتها السياسية والأمنية . فقلت طالما ان الحكومة تكثر الحديث عن الشفافية وحق الحصول على المعلومة ،فمن الأفضل الاستفساار من الجهات المعنية،وبدأت بوكالة الانباء الرسمية ” بترا” باعتبارها المصدر الوحيد ،الذي بث نص المقابلة لوسائل الاعلام المختلفة ” الصحف والقنوات التلفزيونية والاذاعات المحلية والمواقع الالكترونية ” .

اتصلت مع بترا يوم الاربعاء 28 تموز الساعة الواحدة و54 دقيقة ، وطلبت من المقسم المدير العام ، وأبلغني مدير مكتبه بان المدير خارج الوكالة وطلب مني رقم هاتفي ،لكي يتصل معي بعد عودته وزودته بالرقم ولم يتصل بي أحد.

وفي اليوم التالي الخميس 29 تموز ،اتصلت مرة أخرى عند الساعة التاسعة و14 دقيقة صباحا، وطلبت مكتب المدير العام فلم يجب أحد ، وسالت المقسم فقال ربما يكون في اجتماع، وعاودت الاتصال عند الساعة الحادية عشرة و18 دقيقة ، فابلغني مدير مكتبه انه في اجتماع وأبلغني انه سيتصل معي بعد الاجتماع ،وبالفعل بعد نحو ربع ساعة اتصل معي مدير الوكالة، فسألته عن سبب عدم نشر المقطع المتعلق بهجمات طائرات بدون طيار ايرانية على الاردن من نص مقابلة الملك، فأبلغني ان نص المقابلة وردهم من الديوان الملكي باللغتين العربية والانجليزية ، والوكالة .. تبث النص كما يردها ، فاتصلت بالديوان الملكي – قسم الاعلام يوم الخميس 29 تموز مرتين الاولى عند الساعة 12 و22 دقيقة، وانتظرت على الخط 3 دقائق و42 ثانية ولم يجب أحد، والمكالمة الثانية عند الساعة 12 و31 دقيقة وانتظرت على الخط 3 دقائق و33 ثانية ولم يجب أحد.

ولجأت الى خيار ثالث وهو محاولة الاتصال بوزير الاعلام يومي الاربعاء 28 تموز والخميس 29 تموز ، وفي اليوم الاول حولني مقسم الرئاسة على مكتب الوزير ،فرد مدير مكتبه وعرفته على نفسي وطلبت منه التحدث مع الوزير، فسألني هل أريده بشأن شخصي أم عمل ،فقلت له بشان يتعلق باختصاصه ،فأبلغني ان الوزير خارج المكتب في اجتماع ،وطلب مني رقم هاتفي لكي يتم الاتصال بي لاحقا وزودته برقمي، وانتظرت 24 ساعة ولم يتصل بي أحد ، وفي اليوم التالي 29 تموز اتصلت مرة أخرى وأجابني مدير مكتبه بان الوزير في الخارج ،وطلب مني ارسال السؤال عبر الخط الساخن على تطبيق واتساب المخصص للصحفيين ، الذي اعلنه وزير الاعلام السابق بتاريخ 22 يناير -كانون الثاني 2021 وهو: (0790445000) ، فقلت له هذا الخط الساخن ” نكتة” ،حيث سبق ان استخدمته لتوجيه اربعة أسئلة بعثتها قبل ستة أشهر في شهر شباط الماضي ، ولم يصلني أي جواب حتى الان ، فكرر طلبه بأن أرسل السؤال وزودني برقم واتساب جديد ، وقال “انه خلال ساعة اذا لم يصلك رد سنتصل معك “، وبعثت السؤال وتبين لي انه نفس الرقم السابق الذي أعلنته الحكومة في شهر شباط الماضي ، ولم يصلني اي رد !

الخلاصة ..من المهم الاشارة الى انه أيا كانت الاسباب ، لم يعد بالامكان تلقين المواطن بمعلومات محددة ، في ظل حياة رقمية وعالم السموات المفتوحة ، ووسائل اتصال غير محدودة لا يمكن لأي حكومة ضبطها .