نجوم أردنية تتلألآ في سماء أمريكا.

7 يوليو 2021
نجوم أردنية تتلألآ في سماء أمريكا.

أ.د. وليد عبدالهادي العويمر

مازلتُ أقيم وانتقل بين الولايات الأمريكية وفي كل ولاية قصة وحكاية لأردنيين كثر ترويها عنهم طباعهم وسلوكياتهم وفزعتهم المعهودة لكل أردني تطأ قدماه الأرض الأمريكية حاملاً معه الإرث الحضاري والثقافي الذي ورثه عن الآباء والأجداد والذي هو سمه من سمات  الموروث الحضاري والأخلاقي ورقي  الأردنيين ميزتهم عن باقي الأمم…. 

هذه المرة نزلت في ولاية (أوهايو) عند أخ وصديق عزيز لم أراه منذ 25 سنة تقريبا عندما كنا على مقاعد الدراسة في مرحلة البكالوريوس في جامعة اليرموك، انه علي الوخيان (أبو بلال) أخي وصديقي ورفيق دربي طوال مدة أربع سنوات قضيناها في الدراسة، عندما علم بوجودي بأمريكا أصر علي أن أزوره في ولاية (أوهايو) وبالفعل لبّيت الدعوة وكلي شوق لرؤية الأخ والصديق والحبيب القديم، وأثناء سفري مدة عشر ساعات بالسيارة بين ولاية (ساوث كارولينا) وولاية (أوهايو) راودتني أفكار حول صديقي وأخي علي الوخيان هل مازال يحمل نفس الطباع من الكرم والشهامة وخفة الظل وطيب المعشر، أم أن حياة المهجر غيرت تلك الطباع خصوصا انه يعيش في أمريكا منذ أكثر من عشرين عاما وأنا أقول في نفسي لابد لهذه السنين الطويلة أن تكون قد غيرت في الطباع الإنسانية وهذا شيء طبيعي لان الانسان يجبل ويتوطن حسب البيئة التي يعيش فيها خصوصا عندما تكون زهرة شبابه قضاها في الغربة، لكن تذكرت أن المعادن الثمينة لا تتغير بمرور الزمان بل تزداد لمعاناً وبريقاً ويزداد ثمنها وقيمتها، هكذا هُم الأردنيين معادن نفسية لا يتغيروا بتغير الأزمان والأحوال والأماكن لأنهم أصحاب حضارة إنسانية خلدها لهم التاريخ…. 

وعند وصولي الى بيته وجدته بنفس الضحكة وصوته الجهوري وبشهامته الأردنية التي عهدتها فيه منذ كانا طلابا على مقاعد الدراسة… وهو يفتح ضراعيه ويقول (أهلا وسهلا بصديق العمر … نورت بيتي وأمريكا) بهذه الكلمات البسيطة والمفعمة بالحب والشوق والصدق كان اللقاء بعد عمر طويل. 

وكعادة الأردنيين في الأردن للضيف طقوس لابد منها فجمع صديقي علي الوخيان أعز أصدقائه من مختلف مدن (أوهايو) ليرحب بي وكأنه يقول لي الكل فرحان بقدومك حتى الذين لم يعرفوك. وكان بين الحضور محمد البكيرات (أبو ادم) وعادل الوخيان (أبو شهم) وآخرين لم أتمكن من حفظ أسمائهم كوني قضيت كامل مدة إقامتي مع هؤلاء الصديقين بالإضافة للمعزب الرائع علي الوخيان (أبو بلال) 

سهرنا تلك الليلة بعد تناول العشاء بمعية الحضور واستحضرنا الذكريات وشجون الماضي خصوصا أنا والمعزب أبو بلال … وبعد ذلك استئذانت الحضور لأني كنت متعب فتم استضافتي في شقة أخي عادل الوخيان (أبو شهم) طوال مدة إقامتي والتي استمرت تقريبا أسبوعا كان فيها نعم الأخ والرفيق سهل إقامتي عنده بشكل أراحني بشكل كبير فجزاه الله عني كل خير.

وفي الأيام التالية ليومي الأول في (أوهايو) وجدت المعازيب وعلى رأسهم أبو بلال قد اعدوا برنامجا مسبقا لزيارتي حتى استطيع أن ازور أهم معالم ولاية (أوهايو) التي خبروها طوال عشرين عاما. 

وكان رفيق دربنا في كل الزيارات والجولات السياحية الأخ والصديق الذي شعرت أني اعرفه منذ زمن بعيد (أبو ادم) فقد كان نعم الرفيق والذي كان يجيبني عن أي استفسار أو ملاحظة بخبرته وحرصه الأردني ولم يتوانى عن تقديم أية مساعدة اطلبها صغيرةً كانت أم كبيرة، فله مني كل الشكر والتقدير.

ولابد لي أن أعرج على النجاحات التي حققها كثير من الأردنيين في أمريكا، وكم كنت اشعر بالفرح والفخر عندما كنت أتنقل بين مدن (أوهايو) ويشير رفاقي الى المحلات والمحطات والمطاعم التي يمتلكها الأردنيون بجهود ذاتية وتعب ومشقة وسهر جعلني افتخر وأقول في نفسي فعلا لو توفرت للأردنيين الفرص فإنهم سوف يبدعون وينجزون. وكما ذكر لي أبو بلال وأبو ادم فإن أبرز ما يميز الأردنيين خصوصا والعرب عموما بأمريكا النشاط والعمل والمثابرة لساعات طويلة.

أما ما يخص  معازيبي (أبو بلال وأبو ادم وأبو شهم) الذين اطلعت عن كثب على أعمالهم الخاصة في أمريكا، فهم بحق يرفعون الرأس وترفع لهم القبعات فقد اجتهدوا وثابروا وأنجزوا وامتلكوا محلات تجارية ومحطات وقود وأوضاعهم المعيشية والمالية الحمدلله أفضل بكثير من مواطنين أمريكان وعرب. وهذا بفضل الله أولا ومن ثم بفضل اجتهادهم وإيمانهم بأن العمل عبادة وأنهم رجال يستطيعون عمل المعجزات، فكونوا اسر وعائلات وأبنائهم رغم أنهم من مواليد أمريكا إلا أن الحس العربي العروبي وجدته فيهم فهم يتحدثون اللغة العربية ويوقرون ويحترمون أهلهم وذويهم وكبيرهم وصغيرهم بنفس عاداتنا وتقاليدنا الأردنية ذات العلامة الفارقة في طبائع الأردنيين.. 

هؤلاء هم الأردنيون الذين سيبقون شموع ونجوم تتلألأ في كل سماء وفوق كل أرض يطئونها حاملين معهم الإرث الحضاري والثقافي والهوية العربية الأردنية ليقولوا للعالم نحن الأردنيين أصحاب مبادئ وأخلاق وقيم نترجمها بسلوكياتنا الإنسانية والحضارية مع الآخرين ….

ولاية أوهايو الأمريكية

06\07\2021