لا زالت الكرامة رمحا اردنيا خارقا للمدعين والمفترين حقائق في مواجهة الافتراء

24 يونيو 2021
لا زالت الكرامة رمحا اردنيا خارقا للمدعين والمفترين حقائق في مواجهة الافتراء

بقلم/بكر خازر المجالي
كانت اجواء ما قبل معركة الكرامة في 21 آذار 1968 هي اجواء الانكسار والاحباط بعد هزيمة حزيران ، واراد العدو استكمال نصره باحتلال غور الاردن وصولا الى المرتفعات لتأمين جبهة واسعة وصنع منطقة عازلة على غرار جنوب لبنان فيما بعد ،
استعد الجيش العربي الاردني جيدا للتصدي للهجوم المعادي ، واستند الى العلم والمعرفة وتقدير الموقف ، وكان يقينا ان حجة وجود فدائيين في شرق بلدة الكرامة بعدد لا يتجاوز كحد اقصى 300 عنصر باسلحة خفيفة جدا هي حجة مصطنعة وواهية ، والا لمذا لم يقصف العدو مواقعهم بالطائرات والمدفعية ويمكنه مسحهم عن وجه الارض في قصف لا يزيد عن 15 دقيقة؟؟؟
وايضا اذا كان الهدف الفدائيين فلماذا كانت هذه الجبهة الطويلة بطول 100 كلم تقريبا وبمساحة اكثر من 1200 كلم مربع ؟؟ ولماذا هذا الحشد الضخم من القوات على المحاور الثلاثة الرئيسية وعلى المحور الرابع الجنوبي ؟
استعداد الجنود الاردنيين وتصميمهم على الاستشهاد وتحقيق النصر هو الهدف لكل جندي اردني ، وخاضوا معركة الشرف والانتصار .
خلال اعدادي لموسوعة معارك الكرامة في الفترة بين عامي 93 و95 قابلت المرحوم معالي الفريق عامر خماش في منزله في الشميساني ،وكان رئيس اركان الجيش عام 1968 ، وقال لي : ارسلت العميد “:::: ” وذكر اسمه الى الفدائيين لينسق معهم قبل المعركة بثلاثة ايام ، وقال لي ان الفدائيين رفضوا التعاون معه بل هددوه ، وقالوا له ان العدو قادم الينا وهذه معركتنا ، وقائد اخر للفدائيين صرح بانه سيجعلمن الكرامة “هانوي جديدة ” يقضي فيها علي المعتدين .
وقال لي الفريق خماش رحمه الله : ثم ذهبت بنفسي اليهم وقلت لهم ان اسلحتكم خفيفة ولا تصلح لمقاومة الدبابات والمجنزرات ،ولكن يمكن ان نوفر لكم التغطية الكاملة للدخول خلف خطوط العدو وتتعاملوا مع السيارات الخفيفة مثل تنكات الوقود والمياه وسيارات الذخيرة ، ولكنهم ايضا رفضوا ، فقرر رئيس الاركان تخصيص سرية مشاة ترابط امام مواقعهم من جهة الغرب لحمايتهم من اي هجوم اسرائيلي ، وقد التقيت مع قائد السرية وهو من بلدة سما السرحان . ولكن العدو انزل قوات محمولة جوا من جهة الشرق واقتحم كل مواقعه وقام بتصفيتهم دون اية مقاومة وتمكن البعض من الهرب واللجوء الى مسجد الكرامة فقام العدو بقصف المسجد وتدميره وهو المسجد الذي بقيت مأذنته واقفة في مكانها .
ومن ثم وفي منزل او هي مضافة في بلدة الكرامة عام 1994 التقيت مع مجموعة من اهل البلدة بحضور المختار اسماعيل المحسيري وجميعهم شهود عيان على المعركة ، وتحدثوا بشفافية وحماس ، وقال لي من رافق ياسر عرفات مع بدء المعركة وهم يتسلقون جبال حمرة عيرا ويرقا كيف كان ياسر عرفات ينصحهم ويقول لهم ” دو وشكم للسما حتى تشوفوا قذائف الطائرات لتتجنبوها ” ( اي اجعلوا نظركم للسماء وتراقبوا الطائرات وتتبعوا اتجاه الصواريخ ) .
لا يعرف السكان اين ذهبت القيادات الاخرى للفدائيين ، بل رووا لي قصة انه بالقرب من قاعدة فدائية شرق البلدة كان هناك سجن لهم ، وفيه سجين وهناك حارس عليه ، وقالوا له العدو قريب وسيأتي الى هنا فاترك انت والسجين المكان ، ورفض وجاءت القوات المعادية وقتلت الحارس والسجين .
وفي زيارة للميدان مع ضابط الهندسة النقيب المرحوم محمد حكم الروسان الذي حضر صباح اليوم التالي للمعركة لتطهير الميدان ، وطفت واياه كل المواقع التي كان فيها الفدائيين وهي ثلاثة ” منطقة الماتورات وبصة لاحم وبصة الفرس ” ووصف لي كيف وجد الفدائيين قتلى رحمهم الله ولا يبدو ان احدا منهم قد تمكن من استخدام سلاحه ، بل الذي جرى هو اعدام لهم ،ونقول بحق هم شهداء وضحية عدم التنسيق وتخلي قادتهم عنهم .
والتقيت احد سكان بلدة ظهرة الرمل شمال بلدة الكرامة بقليل ، اسمه محمد ابو دية والذي كان مع اغنامه في اسفل حمرة عيرا ويرقا بالقرب من بصة لاحم ووصف لي كيف هبط العدو وحاصروا الفدائيين وعددهم حوالي 18 ويبدو انهم استسلموا ولكن العدو قام بتصفيتهم جميعا وكان هو يراقب الوضع وقال لي كانت زوجتي معي في ” خربوش صغير ” وخشيت ان اقتل ولكنهم تركونا .
الكل يعرف ان المرحوم العقيد غازي عربيات مدير الاستخبارات العسكرية قد التقط عددا من قيادات الفدائيين الهاربين من ميدان المعركة وعلى راسهم ياسر عرفات عند عين حزير في وادي شعيب ، ونقلهم الى عمان وطلبوا الذهاب الى منطقة جبل الحسين ، وفي اليوم التالي اعلن هؤلاء انتصارهم في معركة لم يشاهدوها .
تصفية العمل الفدائي
الواقع ان العمل الفدائي قد تم تصفيته تماما في معركة الكرامة ، ولكن لا احد يقبل منا كأردنيين ان نطلق خبرا او اعلانا حول هذه الحقيقة ، فنحن مع اخواننا الفدائيين مهما كانت النتيجة ، والاهم ان الشهيد وصفي التل هو قد اقترح ان يتم اعفاء اي مواطن من التجنيد الالزامي وقتها اذا التحق بالمنظمات الفدائية ، ومن ثم سمعنا المرحوم الحسين طيب الله ثراه حين قال اصبح شعبنا كله فدائيين وانا الفدائي الاول ، وادى هذا التوجه الى خلق تنظيمات فدائية بسرعة ، حتى نفوت على العدو انتصاره او انه قد قام بتصفية الفدائيين .
معركة الكرامة الشرسة بكل تفاصيلها هي معركة الجندي الاردني وهو صانع انتصارها ولم يشاركه احد ، ومن يدعي اي مشاركة كانت انما هذا محض افتراء ،
وفي تتبع الاحداث بعد الكرامة فقد سمعت السيد احمد جبريل في برنامج الجزيرة شاهد على العصر حين قال بالحرف الواحد ” نحن لم نقاتل في معركة الكرامة ” وايضا اعترف نايف حواتمة بذلك في مقابلة اخرى وقال لا علاقة لنا في معركة الكرامة ” وفي كتاب ابو اياد صلاح خلف في كتابه فلسطيني يبحث عن هوية تحدث بشكل درامي عن وجوده في معركة الكرامة حاملا مسدسه ولم يطلق طلقة واحدة وكان يتنقل مستترا خلف الصخور .
ولكن وحسب اقوال احد القادة الفلسطينيين الكبار : بعد احداث ايلول وخروجنا من الاردن وانتقالنا الى لبنان كنا نريد ان نحتفل بالثورة الفلسطينية ، ولم يكن امامنا الا ان نعلن انتصارنا مع بطولاتنا في معركة الكرامة ،ليكون لدينا قصة وقد جنينا من ورائها اموالا طائلة ، ومن جهة اخرى هو للانتقام من “النظام الاردني ” الذي هزمهم وطردهم اثر حرب ايلول واخرجهم من الاردن .
هناك تفصيلات عديدة ومن المراجع الهامة هي جريدة الاقصى العسكرية التي كانت تنشر تقارير وتحقيقات عديدة بعد الكرامة مباشرة . اضافة للدراسات الميدانية والمقابلات والبرامج الاذاعية والتلفزيونية .
حقائق عديدة دامغة لمعركة جيش مقابل جيش وفي مساحة شاسعة ، وصادفت بعض الكتب التي تناولت معركة الكرامة من وجهة نظر الفدائيين ، وبدت المعركة وكأن من قاتل فيها هو سوبر مان اوغرندايزر ونسخ من جيمس بوند ..
ولكن هناك امرين هامين :
اولهما : كان صمتنا طويلا ويظهر اننا ضعفاء في رواية الحقيقة : والسؤال الى متى ؟؟
ثانيهما : ان الحديث عن حقائق تاريخ معركة الكرامة لا يمس اصول العلاقات والاخوة الاردنية الفلسطينية التي هي ارفع من الافتراء وتجيير النصر لغير اصحابه .
رحم الله شهداء جيشنا العربي الاردني في كل واجباتهم القتالية والامنية ،وعاش الاردن قويا منيعا بقيادته الهاشمية وجنده الميامين .