كلام في المحظور حول تداعيات قرار الفصل

9 يونيو 2021
كلام في المحظور حول تداعيات قرار الفصل
مروان العمد
عقد مجلس النواب الاردني جلسة طارئة الاحد الموافق ٦ / ٦ /٢٠٢١ بناء على مذكرة نيابية موقعة من ١٠٩ نواب تطالب بفصل النائب اسامه العجارمه نتيجة ما قام به خلال الايام الماضية ، وعلى اثر اتخاذ المجلس قراراً سابقاً خلال جلسة طارئة ايضاً عقدت بتاري ٢٧ /٥ / ٢٠٢١ بتجميد عضويته لمدة سنة مع وقف مخصصاته خلالها عقاباً على الفاظ كان قد نطق بها خلال جلسة سابقة للمجلس اعتبرت ان بها مساساً في المجلس . وقد قرر المجلس الموافقة على فصله باغلبيه ١٠٨ صوتاً مقابل رفض ١١ صوتا وتغيب ١١ نائبا منهم النائب المطلوب فصلة . وبذلك فقد تحققت اغلبية الثلثين التي نص عليها الدستور لقيام مجلس النواب بفصل احد اعضائه . وانا هنا لن اكرر اسباب فصله وما فعله النائب المفصول مما استوجب ذلك الا بمقدار ما طُرح من مبررات القبول او الرفض من اعضاء مجلس النواب لهذا القرار . ومن المؤكد ان معظمنا ان لم يكن جميعنا قد تابع ما قام به النائب المفصول خلال الايام الماضية وماقاله من عبارات تهديد ووعيد وتطاوله على جلالة الملك وعلى الدولة والشعب الاردني والسلم المجتمعي والتشجيع على العنف واطلاق النار على قوات الامن مما يشكل جرائم امن دولة . بالاضافة لتحريض العشائر الاردنية للانضمام اليه وتحرير عمان من العملاء ، وما في ذلك من خطورة وضع الاردن على شفير هاوية الحرب الاهلية . وقد وجد اعضاء مجلس النواب ان هذه الافعال اللاحقة تشكل جريمة اكبر بكثير من المخالفة التي تم تجميد عضويته من اجلها ، وانها تستحق عقوبة اكبر من عقوبة التوقيف لمدة سنة واحدة . وبما للمجلس من صلاحيات دستورية فقد عقد جلسته الطارئة وقرر بها فصل النائب المذكور دون النظر بقبول طلب استقالته ، كون الفعل الذي ارتكبه يستحق عقوبة الفصل وكونه لا يزال عضواً في المجلس بالرغم من قرار تجميد عضويته وبالرغم من طلبه الاستقالة طالما لم يتخذ قراراً بها .
. لكني سوف اتحدث عن آخرين وعن ما قالوه وما فعلوه ، والذين لم يقولوا ولم يفعلوا شياً والذين اعتب عليهم ذلك واحملهم مسؤولية ما وصلت اليه الامور .
ففي البداية انبرى الكثيرين من اصحاب الفكر والقلم والسياسيين والحزبيين والمعارضين الى تمجيد مواقف النائب المذكور ومدحها لدرجة تصويره بانه المنقذ والمخلص والبطل ، ونشر وسم كلنا اسامه تعبيراً عن التضامن معه ، مما زاد من اندفاعه وتهوره . وعندما كُشفت اوراقه وفقد بريقه ، تنصل الكثيرون من مواقفهم السابقة بحقه وقالوا انهم خدعوا به وكتبوا المقالات التي تنتقده وتتهجم عليه، فيما استمر آخرون بتبني مواقفه والدفاع عنها ، والى تحميل مجلس النواب مسؤولية التصعيد الذي حصل من حيث اتخاذ القرار الاول بالتجميد والقرار الثاني بالفصل . وذهب البعض الى حد المطالبة بحل المجلس لانه ارتكب هذه الجريمة وانتصر لجلالة الملك ، وحمى الاردن من الفتنة التي كان البعض ينسج خيوطها . فيما قال البعض انه كان على مجلس النواب والحكومة الذهاب الى مكان اعتصام النائب المفصول والتوصل معه الى تسوية للأزمة . وذهب بعضهم للقول انه كان على جلالة الملك ان يفعل ذلك بنفسه ، مما يعني شرعنة مثل هذه التصرفات مستقبلا ووضع النظام والدولة بوضع الضعيف الذي يستجدي كل الخارجين على النظام والقانون . وذهب بعضهم الى شيطنه وزارة الداخلية والاجهزة الامنية واتهامهم بالتعدي على حرية المواطنين بابداء رأيهم وقمعهم . والقول انه كان الاجدى بالدولة بدلاً من ان تحشد عناصر الاجهزة الامنية ومعداتهم وسياراتهم واسلحتهم التي اشتريت باموال الشعب لتقمع المواطنين الآمنين ، أن تحشدهم على الحدود لمحاربة اسرائيل . متجاهلين ان الدولة التي لا تحمي امنها الداخلي لا يمكن لها ان تحمي امنها الخارجي . وذهب البعض الى المطالبة بفصل جميع قادة الاجهزة الامنية لانها تصدت للفتنة وحمت الاردن من عواقبها . وهذا البعض طالما يعبر عن حقده على هذه الاجهزة وقادتها من خلال تكرار طلب اقالتهم او تقديم استقالاتهم بمناسبة او غير مناسبة . فيما اختارت بقية هذه الفئة الصمت في انتظار حدث آخر يقومون من خلاله بشحذ اقلامهم وكتابة معلقاتهم للهجوم على الحكومة و الدولة و النظام .
وعندما طلب النائب المفصول البيعة ، هرع الى مضاربه البعض من المواطنين الذين صدقوا في البداية انه المنقذ والمخلص وتأملوا على يديه ان تحل جميع مشاكلهم من فقر وبطالة واحساس بالتهميش ، مما جعلهم يتعلقون بحبال الهواء من اجل الخلاص من هذا الوضع . وعندما اكتشفوا حقيقته انفض معظمهم من حوله وبقي البعض القليل . كما التف حوله مجموعات من الحراك الشعبي والعشائري المطالب بالاصلاح ومحاربة الفساد ، ظناً منهم انه يملك مصباح علاء ألدين الذي سوف يقلب حياتهم راسا على عقب ويلبي لهم جميع مطالبهم مع ان المشروع الوحيد الذي طرحه ان هذا زمن عجرمة ، وانه هو الذي سيقودها ، وان الذي لا يخضعون له من هذه العشيرة مصيره قطع الرأس . ومعظم هؤلاء ايضا انفضوا من حوله بعد معرفة حقيقة امره الا تلك المجموعات التي اصبح حقدها على الاردن ونظامه واستقراره تجعلها مستعدة للتحالف مع الشيطان من اجل زعزعة استقراره ، فتكالبوا على مضاربه واعلنوا ولائهم له وبايعوه قائدا وقدموا له الهديا باسم عشائرهم من سيوف ومصاحف وغيرها ، بالرغم من انهم لا يمثلون عشائرهم ولم تكلفهم بذلك . وانا سوف اشير الى اثنان منهم الاول الذي تحدث باسم عشيرته واعلن تمرده على الدولة والنظام ، وان العشائر احق بالحكم وطالب بالقضاء على كل المجنسين والذين في عرفه الذين لا ينتمون للعشائر الاردنية ، مع انه معروف ان الغالبية العظمى من ابناء عشيرته والتي هى من اهم وانبل عشائرنا لا توافقه الرأي وتعارضه . اما الثاني فهو من تحدث بسم عشائر احدى مدننا الاردنية التي نعتز بها ، والذي سبق واثناء ان كان رئيساً لبلديتها ان أتهم قوات الدرك والاجهزة الامنية بانهم صهاينة ، وذلك عندما قاموا بحملة لالقاء القبض على بعض الخارجين على القانون . بالاضافة الى بعض انصاره من دائرته الانتخابية وبعض اصحاب السوابق ومتعاطي المخدرات وتجارها ، والذين تقاطروا من اماكن مختلفة الى مضاربه .
كل ذلك جعله يصدق انه يستحق القالب الذي وضع نفسه فيه ، فزاد من حدة خطابة ووجه انصاره الى القيام باعمال الفوضى والى تعبئه بنادقهم وقيامهم باطلاق النار على رجال الامن مما ادى الى اصابة بعضهم .
اما عتبي الحقيقي فهو على فرسان الكلمة سواء في اجهزة الاعلام المرئي والمسموع واصحاب المواقع الاخبارية وناشريها والناشطين على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي والذين يمثلون جانب الموالاة ، حيث ان كثيراً منهم التزموا الصمت عندما اصبح الصمت جريمة ، وبحجة عدم رغبتهم بتصعيد الامور ، في حين ان ذلك يعود الى خشيتهم على انفسهم من الخوض بهذا الموضوع لحساسيته وخاصة لربطه بالعشائر والعشائرية ، وفي انتظار ما سوف تسفر عنه الاحداث لكي يكتبوا مع اتجاه الريح . ودون انكار ان هناك من اختار التحدث بكل جرأة ، وقام بادانة ما حصل من لحظة حدوثه ، وطالب الدولة والاجهزة الامنية بالتدخل للقضاء على مشعلي الفتنة والضرب على ايديهم بعنف .
وعتبي ايضاً على تلك المجموعة من اعضاء مجلس النواب الافاضل ، التي اعلنت اصطفافها الى جانبه ورفضت قرار تحويله الى اللجنة القانونية ، ثم رفضت قرار المجلس بتجميد عضويته . وهاجموا هذا القرار وقالوا انه مخالف للقواعد الدستورية والنصوص القانونية وانه لا يعدوا عن كونه قراراً ادارياً قابلاً للطعن امام القضاء الاداري . وانا هنا لن اناقشهم برأيهم ، فقد كفاني خبراء القانون الدستوري واساتذته عن ذلك . وعندما اخذ النائب المفصول يدعوا للتحشد حوله ، وقف بعض النواب الى جواره وقاموا بالدفاع عنه بالرغم من كل اعماله واقواله وتصرفاته الغير قانونية والتي ادانها الجميع وتردد بعضهم على مضاربه . وعند التصويت على فصله من المجلس عادوا للطعن بدستورية وشرعية وقانونية الدعوة والجلسة وقالوا ان الجلسة عليها ان تبحث في قبول استقالته فقط . وبعد الجلسة تحدث بعضهم وبرروا مواقفهم باسباب اجرائية لكنهم لم ينسوا ان يدافعوا عنه حيث تحدث احدهم عن عدم قانونية كل الاجراءات المتخذة بحقه من غير ان يستنكر احدهم قوله انه كان يرغب بأن يضع المسدس برأس جلالة الملك اثناء وجوده تحت القبة وغيرها من العبارات . ودون الاقرار بأن ما كان يقوم به يهدف الى الوقيعة بين مكونات الشعب الاردني . بل ان احدهم قال ان قرار فصل النائب اسامه العجارمه سيترتب عليه بموجب الدستور ان يحل محله المحامي رمزي العجارمه وان هذا الامر سيحدث فتنة بين ابناء القبيلة الواحدة ، وكأني به يريد ان يكمل رسالة النائب المفصول في زرع بزور الفتنة في الاردن وان تجنبها كان يقتضي عدم فصل هذا النائب لكي لا يحل ابن عشيرته محله . لقد كان الاولى بهم ان يدينوا كل ما قاله وفعله النائب المفصول وان يصوتوا الى جانب فصله لنقدم للعالم رسالة موحدة باننا نقف ضد محاولات زرع الفتنه بيننا ، وضد التهديد بالفوضى والقتل وقطع الرقاب والارهاب ، وضد توجية عبارات التهديد لجلالة الملك ، او على الاقل الامتناع عن التصويت ، لأن تصويتهم برفض الفصل وقبلها برفض تجميد العضوية هو اعلان من قبلهم بموافقتهم على كل ما قاله وفعله وطالب به .
اما بالنسبة للنواب العشرة الذين تخلفوا عن الحضور واذا كان تغيبهم بعذر فعذرهم معهم . اما اذا كان للتهرب من اتخاذ قرار فحكمهم حكم من رفض الفصل .
وأخيراً فقد تم وئد هذه الفتنة كما تم وئد فتن اخرى حيكت على هذا البلد .وكما انه سيتم حياكة فتن اخرى عليه لاضعاف مواقفه الرافضة لصفقة القرن ومخرجاتها . وان ذلك يتطلب من جميع الاردنيين الانتباه والحذر والاهم من ذلك ازالة اسباب وقوع بعض المواطنين ضحايا مثيري الفتن وهذا يتطلب قول الكثير من الكلام المحظور .