تدهورالحريات الصحفية في الأردن .. وماذا بعد ؟

5 يونيو 2021
تدهورالحريات الصحفية في الأردن .. وماذا بعد ؟

محمد المحاسنة _ وطنا اليوم

على امتداد التاريخ البشري كان مفهوم الحرية قضية لها قيمة عظمى في حياة الأفراد والجماعات على السواء. وقد كان الإنسان ولم يزل ينظر إليها على أنها مطلب أساسي يجب الحصول عليه مثلها مثل الطعام والمسكن، فالحرية مرتبطة ارتباطا كبيرا بالنشاط الإنساني، إذ أن النظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لأي مجتمع من المجتمعات تكون نتيجة حتمية للتفاعل بين العوامل المرتبطة بالبيئة والحضارة ماضيا وحاضرا. فالنضال من أجل الحرية نضال قديم قدم التاريخ تقوم به الجماعات والأفراد ضد أوساطهم السياسية.
وهنا يطرح تساؤل رئيسي حول الحرية هل تؤخذ بالمعنى المطلق ان للحرية قيود وشروط ومحددات ؟
المتطلع لواقع الحريات الصحفية في العالم يرى ان للحرية مسؤولية اخلاقية وقانونية ولها ابعاد مختلفة ولعل هذه الايعاد تتمثل في القوانين المنظمة للعمل الاعلامي كما هي قوانين المطبوعات والنشر وقوانين المرئي والمسموع وقانون حق المؤلف وقوانين النشر الالكتروني .
ولايخفى على احد ان تقدم الصحافة وحريات العمل الاعلامي تشكل في كل دول العالم مؤشرا كبيرا على اتجاه الدول نحو التطور الديمقراطي والحضاري ومؤشرا على مدى تقدم الدول في هذا المجال.
ومن المؤسف اكثر ان الاعوام السابقة والماضية سجلت نسب كبيرة من الوفيات والقتل في اعداد الصحفيين لا بل والملاحقات التي استهدفت حياة معظم الصحفيين وذلك لعدم اتاحة المجال والمعلومات لهم خلال تغطياتهم الصحفية المختلفة .
فالغاية القصوى من كفاح الإنسانية هي امتلاك الحرية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من قدرة الإنسان على تحقيق الذات البشرية ، عبر سيطرة البشر على حاضرهم ، ومستقبلهم ، وعلى ما يدور حولهم في الطبيعة .

وهذه الحرية لا تأتى إلا من خلال تمكن الإنسان من الحصول على المعلومات اللازمة لمعرفة حاضره ، ومستقبله ، وما يدور لا سيما في العصر الحديث الذي أصبحت فيه وسائل الاتصال تشهد خلاله تطورا كبيرا ؛ حيث يمكن الحصول على المعلومات عبر أكثر من أسلوب ، وطريقة سواء من خلال الإنترنت ، أو من خلال الصحف ، أو الرسائل الخلوية القصيرة ، فضلا عن انتشار الفضائيات ، ومحطات التلفزة التي تنقل الأخبار ، والمعلومات بصورة سريعة ، وسريعة جدا ، وهو ما يشير إلى عدم الجدوى من حجب المعلومات. .

إذن فحق الحصول على المعلومات هو حق إنساني بالدرجة الأولى ، كما أنه يعبر عن مدنية المجتمعات ، وحضاريتها ، واحترام عقلية الفرد ، ومنهجية تفكيره ، وإشراكه في الأدوار ، والمسؤوليات ، وتحمله لمسؤولياته تجاه مجتمعه ، وقضاياه المختلفة ، فالمعلومة يجب أن تكون متاحة ، ومتوفرة لكل من يطلبها وهذا يعني ان وفرة المعلومات تمكن صاحبها من القدرة على النشر . .

وبالتالي فإن عدم إشراك المواطن والحجر على عقله يحوله إلى آلة أو كائن لا يعقل ، وهو ما ينذر بانهيار الدولة لأن المواطن يعد مكونا رئيسيا لها فمجموع المواطنين يكونون الشعب إلى جانب الأرض ، والسيادة التي تتحقق الدولة بتحققها ، أو بتوافرها مجتمعة .

وبالنتيجة فإن حق الحصول على المعلومات الذي يصفه بعض الكتاب بأكسجين الديموقراطية ، وتداولها يعد جزءا رئيسيا من عمليات الإصلاح الذي يقوم على المساءلة ، والحقوق المدنية ، والواجبات الإنسانية المتصلة بالتعليم ، والصحة ، والعمل ، والمسكن .

 

يقول الانجليزي “شريدان” : “” انه خير لنا ان نكون دون برلمان من أن نكون بلا حرية صحافة “”
مما يدل ذلك على ان عالم الصحافة فضاء رحب واسع الافاق .
ومما يدل على حرية الاعتقاد والراي ما جاء في القران الكريم …….
قال الله تعالى (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ). -سوره الكافرون
وقال تعالى :((وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)) – سورة البقرة آية {283} يعتبر المسلمون أن الإسلام قد أكد بوضوح على حرية التعبير،وذلك من خلال القرآن وسنة النبي محمد، وهذا من خلال حرية التعبير من منظور إسلامي وعلماني.

أن حالة الحريات الصحفية في الأردن، أصبحت “في تراجع مستمر تؤ كد الحكومة باستمرر أنها “ملتزمة بتعزيز نهج الانفتاح والتواصل مع مختلف وسائل الإعلام، وتوفير البيئة الملائمة للحريّات الإعلاميّة المسؤولة”.
ان الحريات الصحفيه الاردنية في تدهور نظرا الى العديد من التحديات والصعوبات التي تواجه الاعلامين والصحافه بشكل عام .
منــذ انطالقــة الحيــاة الديمقراطيــة فــي األأردن عــام 1989وحتــى الان، مــا تــزال التشــريعات والقوانيــن المتعلقــة بحريــة التعبيـر واالاعلام ، محـل جـدل وشـد وجـذب، تحت مظلـة عنوان رئيسـي وهـو: هـل القوانيـن والتشـريعات المحليـة فـي الاردن رافعــة لحريــة التعبيــر والاعلام أم مقيــدة لحريــة التعبيــر؟.
يرى أعلاميون أن حالة الحريات الصحفية في الأردن “في تراجع”، والمطلوب تعديل التشريعات الناظمة للعمل الصحفي بما يتناسب والحاجة إلى وجود صحافة أردنية حرة”.
قال امين سر نقاية الصحفيين الاستاذ علي فريحات ان حالة الحريات مؤخرا شهدت تراجعا نسبيا بعض الشي في عدد من المفاصل المحلية مؤكدا على دعم كل الجهود التي تصب في خانة الحريات المسؤولة ضمن القوانين والانظمة المرعية .
وقال المستشار الاعلامي السابق لاتحاد الجامعات العربية الدكتور حسن محاسنه ان الحريات تشكل مسالة نسبية في العديد من الدول تبعا للانظمة السياسية فكلما احترم النظام السياسي الحريات الصحفية كلما كانت الديمقراطية تعيش ضمن اجواء صحية اساسها الشفافية والمصداقية واحترام الراي والراي الاخر .
واشاد بالتجربة الاردنية على صعيد الدول العربية في تعزيز الحريات والمماراسات الديمقراطية من خلال تاسيين عدد من الموسسات مثل المركز الوطني لحقوق الانسان والهيئة المسقلة للانتخاب والمحكمة الدستورية واصدار العديد من القوانين مثل قانون حق الحصول على المعلومات الذي تتفرد به الاردن على مستوى الوطن العربي .
كما اشاد الدكتور محاسنة بحالة الحريات في لبنان وفي الكويت كذلك .
هذا وقد بين الدستور الاردني واوضح العديد من المواد التي دعت وضمنت حرية الصحافة في المادة الثالثة والرابعة لكن الذي يحدث في تدهور حالة الحريات هو التطبيق وليس العلم النظري .
أن الحكومات المتعاقبة كانت تلجأ لسن تشريعات هدفها ضبط واقع الإعلام، على الرغم من وجود مواد صريحة وواضحة في الدستور الأردني لحماية حرية التعبير والإعلام ووسائل الإعلام من خلال المادة ( 3 )التي نصها :
“الصحافة والطباعة حرتان، وحرية الرأي مكفولة لكل أردني وله أن يعرب عن رأيه بحرية بالقول والكتابة والتصوير والرسم وغيرها من وسائل التعبير والإعلام.”
المادة 4:
“تمارس الصحافة مهمتها بحرية في تقديم الأخبار والمعلومات والتعليقات وتسهم في نشر الفكر والثقافة والعلوم في حدود القانون وفي إطار الحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة واحترام حرية الحياة الخاصة للآخرين وحرمتها”.
كما تكفل الدولة حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام ضمن حدود القانون، ولا يجوز تعطيل الصحف ووسائل الإعلام ولا إلغاء ترخيصها إلا بأمر قضائي وفق أحكام القانون، لكن تزاحم التشريعات الخاصة بالعمل الصحافي في السنوات الأخيرة خالف كل هذه النصوص الدستورية .
فمنذ إقرار قانون المطبوعات والنشر عام 1993، تلجأ الحكومات الأردنية إلى إقرار تعديلات وقوانين متلاحقة، ما تسبب في إغلاق 13 صحيفة أسبوعية عام 1997، حين وضعت شروطاً مالية تعجيزية لتأسيس الصحف، ورفعت رأسمال تأسيسها إلى أرقام فلكية، وبعد سنوات تكرر المشهد بفرض الترخيص المسبق على المواقع الإلكترونية، وكان سبباً في إغلاق ما يقارب 173 موقعاً إلكترونياً عام 2012.
اثار صدور تقرير الحريات الصحفية وثبات الأردن على ترتيبه الـ 130 في مؤشر حرية الصحافة، وفقا لتقرير منظمة “مراسلون بلا حدود” ، وذلك ضمن 180 دولة ويرى التقرير أن بعض وسائل الإعلام الأردني “تخضع لمراقبة، وتهتم بمراعاة معايير وخطوط تضعها السلطات وينتقد التقرير قانون الجرائم الإلكترونية “الذي يجيز مقاضاة الصحفيين، وقد يؤدي إلى توقيفهم قبل إجراء محاكمة.
كما قال الصحفي يحيى شقير رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحفيين، أن الأردن حافظ على مرتبته في الثلث الأخير من التقرير الذي أصدرته منظمة مراسلون بلاحدود الفرنسية ليس بالمرتبة الجيدة، كما انه في تقرير سابق لبيت الحرية الأمريكي قال أن الأردن “غير حره”.
حيث هذا التقرير لم يسرأي من الصحفيين الأردنيين حيث أكدوا إن حرية الصحافة في الأردن يجب ان تكون ذات مساحة اكبر من التي عليها حاليا.