الكشف عن تسريب عقارات للمستوطنين بالقدس وعائلات فلسطينية تتبرأ

8 أبريل 2021
الكشف عن تسريب عقارات للمستوطنين بالقدس وعائلات فلسطينية تتبرأ

وطنا اليوم:استيقظ أهالي الحارة الوسطى في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى فجر اليوم الخميس على أصوات طرق ولحام، وأحاديث باللغة العبرية، ليتبيّن لهم أن تسريبا من العيار الثقيل حدث بين بيوتهم المتلاصقة، فقد سُربت 3 بنايات سكنية وقطعة أرض لمجموعة “عطيرت كوهنيم” الاستيطانية.
طلعت الشمس لتكشف عن إطلالة المباني المُسرّبة، التي تقع في مرتفع مطل على جنوب المسجد الأقصى، وعلى حارات سلوان وبيوتها، والتي رفعت عليها رايات الاحتلال ونصبت كاميرات المراقبة فوقها فور الاستيلاء عليها.
نيّة مبيتة
استغل الاحتلال ساعات الفجر وتحديدا الثانية فجرا، ليجلب نحو مئة مستوطن ويوفر لهم الحماية لتثبيت غرفتين سكنيتين ودرجا جاهزا في قطعة الأرض المسربة التي تبلغ مساحتها (400 متر مربع) ثم فتح مدخل جديد لإحدى البنايات المسربة، علما بأن أيا من البنايات السكنية كانت غير مأهولة بواقع 4 شقق لكل منها.
وفي حديث مع جواد صيام مدير مركز معلومات وادي حلوة، الذي وثق الاستيلاء فجرا، أن اثنتين من البنايات المتلاصقات تعود لعائلة مقدسية تقول إنها باعتها قبل 4 أشهر لفلسطينييْن ولا علم لها بتسريبها، وأنها اشترطت ضمن اتفاقية البيع مراجعة العائلة في أي عملية بيع مستقبلية وعدم البيع للمستوطنين، وذات التبرير قدمه مالكو قطعة الأرض المسربة أيضا.
أما البناية الثالثة فتعود إلى مقدسيّ لم يكن فيها لحظة الاستيلاء، وتقول عائلته إنها لم تلتق به منذ عام 2008، مشيرة إلى أنه معروف بصيته السيئ. ويضيف صيام أن محاميا فلسطينيا كان ضليعا في عمليات التسريب تلك، ولم تكن المرة الأولى التي يتورط بها في صفقات مشبوهة.
وبحسب ما نقل الموقع الفلسطيني فقد، صدر، الخميس، عن آل الرشق في رام الله، بيان براءة، من عبد الله مروان الرشق؛ وذلك لما قام به من تسريب عقار تعود ملكيته له للاحتلال الإسرائيلي.
وقال العائلة في بيانها: “إن مجلس عائلة الرشق ممثلا بجميع أبناء العائلة يستنكر ويشجب ويندد بما قام به المدعو عبد الله مروان الرشق من تسريب عقار تعود ملكيته له في منطقة سلوان رأس العمود (بطن الهوى) لليهود.”
وأضاف البيان: “أننا لنعلم أن هذا الضرب من البيانات لا يقدم ولا يؤخر في مثل هذه الجرائم التي يندى لها الجبين، ولكنه الموقف الذي يوجبه علينا الدين والانتماء لطهارة هذه البلاد المقدسة من إعلان البراءة من المدعو عبد الله مروان الرشق أمام الله ورسوله وكل مسلم غيور على أرضه وعرضه. “
وأردفت العائلة، “أننا كمجلس عائلة الرشق نعلنها للجميع لا علاقة لنا بالمذكور، لا من قريب ولا من بعيد وأنه يتحمل جريمته لوحده”، مؤكدين وبالنيابة عن جميع أبناء عائلة الرشق أنهم يضهون أصواتهم مع الاصوات الشريفة في الوقت التي تمر فيه سلوان والقدس بوضع حرج أمام الهجمة الاستيطانية صباح مساء.
وأكدت عائلة الرشق أن هذا البيان هو بيان براءة من عبد الله مروان الرشق.

تورط شخصيات فلسطينية
كما أكد صيام أن “بعض الشخصيات المتورطة في عملية التسريب تلك موجودة في قوائم انتخابية فلسطينية حالية” وأن “على لجنة الانتخابات التأكد وفحص المرشحين بدقة”.
وأضاف “لا أحد بريء في هذه الصفقة، سلوان منطقة مكتظة كالمخيم، ومن يدفع لشراء بيوتها مبالغ كبيرة يجب أن يُشك في أمره، حسب اتفاقية البيع. فسعر الأرض وصل إلى 290 ألف دولار، والبناية الواحدة 450 ألفا، ولا أعتقد أنها المبالغ الحقيقية، وعلى الرغم من ذلك فإنها تجاوز قيمة العقار المفترضة”.

“القدس مش للبيع”
بعد انتشار الخبر، سادت الفلسطينيين وأهل سلوان موجة من الغضب تجاه عملية التسريب، وغرد نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي على وسم #القدس_مش_للبيع، الذي استغرب بيع أحدهم لبناية تطل على المسجد الأقصى، مطالبين بتوقيع أشد العقوبات على المسربين.
كما أصدرت 3 عائلات مقدسية (الأسماء محفوظة) إعلانات براءة من أبنائها الواردة أسماؤهم في صفقات التسريب، وتشابهت الإعلانات في صيغتها التي قالت “… نعلم أن تلك البيانات لا تقدم ولا تؤخر في مثل هذه الجرائم، ولكنه الموقف الذي يوجبه علينا الدين والانتماء من إعلان للبراءة.. وأن أي تساهل أو تبرير في هذه المواقف يعد جريمة أكبر لأنه سيكون سببا في تشجيع تسريب عقارات أخرى.. ونرفع الغطاء العائلي والشرعي والعشائري عن المتورطين، ويشمل الأمر جميع المتعاونين معهم أو يشاركونهم في الأفراح والأتراح”.

البائع خارج عن الملّة
أما خطيب المسجد الأقصى ورئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس الشيخ عكرمة صبري فأكد على فتوى صدرت عام 1935، من علماء فلسطين قاطبة، وأيدتها المرجعيات الدينية في العالم الإسلامي من مصر والعراق والهند والمغرب، تنص على أن “الذي يسرب بيته أو يسمسر عليه يكون خارجا عن الملة، وحينما يتوفى لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم، ودمه يكون مهدورا ويجب مقاطعته”.
ورغم طلاقته في الحديث للإعلام، ارتجف صوت عضو لجنة الدفاع عن أراضي سلوان فخري أبو دياب، عند حديثه عن التسريب، قائلا إن السماسرة يستغلون حاجة بعض المقدسيين المالية، وأن ما حدث وصمة عار ونقطة سوداء رغم صغرها.
وأضاف أبو دياب “ما حدث لا يعبر عن أهالي سلوان البالغ تعدادهم 59 ألف نسمة، 40% من البؤر الاستيطانية في سلوان تم تسريبها عن طريق معدومي الضمير، أما البقية فاستولى الاحتلال عليها عن طريق التزوير أو قانون أملاك الغائبين”.
وتابع ” العقارات المسربة أمست نقطة ضعف في خاصرة سلوان المطلة على بطن الهوى وحي البستان، يجب أن تكون هناك مؤسسات أو أياد بيضاء دينية ووطنية تشرف على عمليات البيع ولا تمر إلا من خلالها، لتنقذ المواطنين من مستنقع الابتزاز، وتتقصى عن طالب العقار”.

حامية الأقصى تحت الاستهداف
“سلوان هي الحامية الجنوبية للمسجد الأقصى ونواة القدس الأولى، وخرج منها الكثير من الأسرى والشهداء”.. هكذا يدافع الناشط رمزي العباسي عن مسقط رأسه سلوان، مستهجنا عبر حديثه هذه الهجمة التي تواجهها في ظل تهديد حي البستان فيها بهدم مئة بيت من بيوته، وطرد عائلة سمرين، ومصادرة وادي الربابة، وتفريغ بطن الهوا ووادي حلوة.
وحسب خبير الخرائط والاستيطان خليل تفكجي فإن 40 عقارا سكنيا مملوكا لفلسطينيين في سلوان استولى عليه الاحتلال بطريقة أو بأخرى، منها طريقة الشراء المباشر أو التسريب، وتتركز أغلبها في منطقة وادي حلوة التي يعتبرها الاحتلال جزءا من “الحوض المقدس”.