د. عادل يعقوب الشمايله
حركةُ حماس ليست دولة. ولا تمثل أغلبية الشعب الفلسطيني، وإنما تُمَثلُ اقليةً ايدولوجية من الشعب الفلسطيني. هذه حقيقةٌ قاطعةٌ.
الشعبُ الفلسطيني بمجملهِ، طالبَ الدولَ العربيةَ بالاعترافِ بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثلٍ شرعيٍ ووحيدٍ للشعب الفلسطيني. وبالتوازي طالبَ الحكومةَ الاردنيةَ بالتخلي عن الضفة الغربية لصالح منظمة التحرير الفلسطيني لتشكل مع قطاعِ غزةَ نواة الدولة الفلسطينية.
نزولاً عندَ ارادة وتصميم الشعب الفلسطيني وضغوط الدول العربية استجابت الحكومةُ الأردنيةُ.
من جهتها، رفضت حماس الانضواءَ تحتَ المظلةِ الجامعةِ للعملِ الفلسطيني المتمثل بمنظمة التحرير الفلسطينية، وآثرت قبولَ عقدِ المقاولة الذي عرضتهُ عليها كَلٌّ من قطر ونتنياهو.
وهكذا ارتضت حركةُ حماس لنفسها أن تكونَ شريكاً فاعلاً في تنفيذ استراتيجية نتنياهو الهادفة لشرخ الشعب الفلسطيني وتعميقِ ذلك الشرخ لمنعِ اقامة الدولة الفلسطينية. وحتى ارد على من اختار العباطة منهجاً ودفن الرأس بالرمال عقيدةً اقول ان ما صدر عن مسؤولين اسرائيليين عشرات المرات وقادةٍ قطريين يؤكد ذلك. وإلا ما معنى التصريحات المتكررة عن مسؤولين قطريين عن أن وجود قادة حماس في قطر قد تمَّ بناءاً على طلب اسرائيلي امريكي؟ ولماذا كانت اسرائيل تقبلُ استلامَ الاموالِ القطرية المعبأة في صناديق التي تهبط بها الطائرات في مطار بن غورين وتسلمها على مر السنين لقادة حماس لو كانت اسرائيل تخشى من حماس؟
ايضاً، حركةُ حماس ملتزمةٌ بخدمةِ مشروع اردوغان التوسعي الساعي لاستعادة هيمنة تركيا على اكبر مساحة ممكنة من الوطن العربي. بهذا الالتزام والولاء الأيدولوجي، تجاهلت حركةُ حماس التاريخَ المظلم والظالم للدولةِ العثمانية وأن تلك الدولة كانت قد تخلت عن حماية فلسطين وأنَّ من الثابت أنها سمحت او تغاضت عن موجات الهجرة الى فلسطين واقامة عدد من المستوطنات التي كانت رأس جسر لنشوء باقي المستوطنات خلال الاحتلال البريطاني العدواني الصليبي الذي تحول الى دولة الاحتلال الباغي.
وكبرهان على اخلاص حماس لاردوغان ومشروعه فقد تآمرت على مصر وشنت هجماتٍ شرسةٍ وغادرةٍ على الشرطة والجيش المصري وقتلت العشرات منهم وكانت تًمَهدُ لاستقدام وانتشار داعش في سيناء ثم باقي مصر.
تناست حركةُ حماس أنَّ الجيش المصري كانَ قد قدمَ اكثرَ من مائة الف شهيد في المعارك التي خاضها مع الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين. أي عشرة اضعاف ما قدمهُ الشعب الفلسطيني منذ بداية الهجمة الصهيونية الى ما قبل السابع من اكتوبر. بينما لم تقدم السلطة العثمانية على مدى خمسمائة عام ولا دولة تركيا شهيداً واحداً من اجل فلسطين.
وفي الإطارِ نفسهِ اعتقدت حركةُ حماس انَّ ذاكرةَ الجيش المصري ضعيفةٌ وجاحدةٌ كذاكرتها تنسى المعروف والفضل. ولم تلحظ أنَّ ذاكرةً الجيشِ المصري تُشبهُ ذاكرةَ النحل يلدغُ كُلَّ من يقتربُ من خليتهِ، وأنهُ لا ينسى من تآمر عليه ومن اعتدى عليه. ولذلك فإنَّ منَ الغباءِ ان يَظُنَّ الغادرُ انْ يَهِبَّ الجيشُ المصري الذي تعرض للجحود والغدر لنجدة من غدرَ بهِ وكفرَ بفضلهِ.
ونظراً لأنَّ حركةَ حماس ليست دولةً، ولا تمثلُ أغلبيةَ الشعبِ الفلسطيني، وأنها حركةٌ غيرُ مسؤولة، وأنَّ اجِندتها هي جزءٌ من اجندات دولٍ اجنبيةٍ تطمعُ في الأرضِ العربيةِ، وتتآمرُ على مستقبلِ العرب، وأنها تهاجمُ من خلال مؤيديها وذبابها الالكتروني كافةَ الأنظمةِ العربيةِ، فإنَّ معاركَ حماس ليست معاركَ الدول العربية. وينبني على هذه الحقيقة فإنَّ حماس ليست جديرةً بأن تحظى بصفةِ الحليفِ ولا الشريك للدول العربية.
الخلاصة: برهنَ سلاحُ حماس أنهُ لم ولن يكونَ سلاحَ الشعبِ الفلسطيني ولا سلاحَ الدول العربيةِ، بل مصدرَ نقمةٍ وقتلٍ وتدمير وغدرٍ وإيذاءٍ للشعب الفلسطيني ولباقي الدول العربية.
لذلك فإنَّ حركةَ حماس امام خيارين، الاول: التوجهُ الى سادتها في طهران وانقرة للدفاع عنها وانقاذها وتحمل مسؤوليةَ ما تسببت به للشعب الفلسطيني من ويلات. الخيار الثاني البديل: تسليم سلاحها للسلطة الفلسطينية والرحيل الى خارج غزة الى تركيا او طهران، وازالة بلائها عن شعب غزة المظلوم.