بقلم الدكتور محمد الهواوشة
قبل أيام، أعلن ولي العهد تفعيل خدمة العلم من جديد، في خطوة توصف بالجرأة والإصرار على إعادة الانضباط الوطني وتعزيز الروح العسكرية لدى الشباب الأردني. لا شك أن هذا القرار يحمل في جوهره رسالة سياسية – أمنية واضحة: الأردن يستعد لمرحلة جديدة، عنوانها “الاستعداد لما هو قادم”.
المنطقة تغلي على صفيح ساخن. نتنياهو لا يخفي مشروعه التوسعي، وقد حصل – بوضوح – على الضوء الأخضر من إدارة ترامب لتكبير إسرائيل وتوسيع نفوذها شرقاً، والساحة السورية الجنوبية واحدة من أبرز الأهداف المعلنة والمسكوت عنها. وإذا كانت جنوب سوريا في خطر، فالأردن بالضرورة في عين العاصفة.
خدمة العلم ليست مجرد تدريب عسكري قصير أو تحشيد شبابي؛ بل هي رسالة أن الأردن بدأ يدرك أن التهديدات لم تعد نظرية. الحدود الشمالية باتت مسرحاً محتملاً لتغيرات جيوسياسية قد تقلب المعادلات. وإذا ما نجحت إسرائيل في فرض أمر واقع جديد في سوريا، فإن الأردن سيكون أمام تحدٍّ وجودي، لا أمني فقط.
لقد كانت الحاجة ملحّة منذ سنوات إلى مثل هذه الخطوة، لكن القرار جاء اليوم بجرأة ووضوح ليغلق ثغرة طال انتظار معالجتها. إعادة خدمة العلم خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها بحاجة لاستراتيجية شاملة:
تسليح وتدريب حقيقي للشباب.
رفع منسوب الوعي الوطني والسياسي.
بناء جبهة داخلية متماسكة اقتصادياً واجتماعياً.
لا يكفي أن نعيد الشباب إلى المعسكرات لشهر أو اثنين؛ المطلوب إعادة صياغة عقلية كاملة تؤمن أن الأردن مستهدف، وأن التهديد هذه المرة ليس عابراً.
إن تفعيل خدمة العلم قد يكون الشرارة الأولى لإعادة بناء الهوية الوطنية على قاعدة الدفاع عن الدولة. لكن يبقى التحدي الأكبر: هل نحن مستعدون لقراءة الخطر كما هو، ومواجهته بخطط جريئة توازي جرأة الأعداء؟