وطنا اليوم-تحذيرات الباحث الاقتصادي عامر الشوبكي حول قانون الكهرباء لعام 2025 لا تبدو مجرد موقف عابر، بل تعكس خطورة ما يحمله القانون من تبعات اقتصادية واجتماعية مباشرة على المواطنين. فالقانون الذي دخل حيز التنفيذ لم يأتِ بإصلاحات حقيقية بقدر ما جاء منحازًا لشركات توزيع الكهرباء، إذ يمنحها امتيازات احتكارية وأرباحًا مضمونة، ويضع المواطن في مواجهة مباشرة مع فواتير أعلى دون أي ضمان لتحسين الخدمة أو معالجة الفاقد الكهربائي.
ورغم ما يروج له المسؤولون من أن القانون لا يتضمن رفعًا للأسعار، إلا أن نصوصه تكشف بوضوح أنه يفتح الباب لرفع الفواتير تدريجيًا عبر إزالة الدعم البيني وتثبيت عائد مضمون للشركات، ما يجعل المواطن هو الممول الإجباري لهذه الامتيازات. والأخطر أن النصوص التي تحدثت عن “التخزين لتخفيض الفاتورة” جاءت محاطة بالقيود والتراخيص المعقدة والعقوبات، الأمر الذي يجعل الفكرة وهمية وغير قابلة للتطبيق عمليًا، لتتحول من حل بديل إلى عبء إضافي.
ومن أبرز النقاط المثيرة للجدل في القانون إلزام المواطن بالحصول على براءة ذمة من شركة الكهرباء عند أي تنازل أو نقل ملكية عقار، وهو أمر غير مسبوق يتيح لشركات خاصة التدخل في شؤون الملكية العقارية، ما قد يفتح الباب للتعطيل والأخطاء ويضع المواطن تحت رحمة قرارات الشركات. هذه الصيغة تضعف الثقة وتكرّس تغوّل الشركات على حساب حقوق الأفراد.
إن ما يجري لا يخدم الاقتصاد الوطني ولا يعزز العدالة الاجتماعية، بل يقيّد مبادرات المواطنين في توليد وتخزين الطاقة ويغلق باب المنافسة، بما يتناقض مع أهداف التحديث الاقتصادي التي يفترض أن تسعى إلى تعزيز التنافسية وجذب الاستثمار. لذلك، فإن ما طرحه الشوبكي يستوجب إعادة نظر جذرية في القانون وربطه بالأداء لا بالامتياز، ووضع تشريعات عادلة تفتح المجال للمنافسة الشفافة وتحمي المواطن والاقتصاد معًا. استمرار تطبيق القانون بصورته الحالية يشكل خطرًا على ثقة المواطن بالدولة وعلى استقرار الاقتصاد، وهو ما يجعل الدعوة لمراجعته ضرورة وطنية عاجلة.