بقلم : عوني الرجوب
حين نكتب عن الرجال الكبار، لا نُفرط في الحبر، بل نكتفي بصدق التجربة ونُبل الوفاء… واليوم أكتب عن أخي وصديقي الصدوق والجار العزيز
الباشا الدكتور أنور الطراونة، وقد ترفّع إلى رتبة لواء في جهاز الأمن العام، لا لأن الترفيع أضاف له مجدًا، بل لأنه استحقّه عن كفاءة نادرة، وسيرة نقية، ومسيرة ناصعة البياض.
هذا الرجل شهادتي فيه مجروحة، لا لأنني صديق، بل لأنني شاهد على خُلقه قبل عمله، وعلى إنسانيته قبل رتبته.
رجلٌ دمث الأخلاق، واسع الصدر، رقيق القلب، طيب المعشر، حسن الاستقبال، سريع الاستجابة، متواضع في حضوره كأنما لا يحمل على كتفيه إلا ابتسامة المحبة لا أثقال الرتب. ومع كل هذا، لا يُفرّط بصرامة الواجب، ولا يُساوم على شرف المهنة.
رأيت فيه من القيم ما لا يُحصى، فهو في كل موقعٍ تولاه، يحمل الطابع الأخلاقي والديني الذي يُلهم الثقة، ويزرع الطمأنينة، ويعكس صورة الأمن في أنقى تجلياته، لا كسلطة فوق الناس، بل كقلبٍ معهم، يَسهر من أجلهم، ويحتوي آلامهم، ويصغي لنبضهم.
لم أجده يومًا إلا كما عهده الناس: وفيًّا بوعده، صادقًا في تعامله، نزيهًا في رأيه، مُنصِفًا في قراراته، عادلًا في مواقفه.
هو من القلة الذين تشعر معهم أن المؤسسة الأمنية بيتك، وأنك بين إخوتك، وأن العدل ليس حلمًا بل ممارسة يومية.
وقد كانت إحالته إلى التقاعد مفاجئة للكثير من محبيه، لكنها – في نظرنا – ليست نهاية، بل بداية لموقعٍ آخر يليق بقامته، ومقامه، وتأثيره الحقيقي بين الناس.
نعم، لمثله تُرفع القبعات، ولأمثاله تُفتح أبواب الدولة، فهم من يزرعون الثقة في مؤسساتها، وهم من يبقون الجسور موصولة بين الشعب والمسؤول.
أسأل الله أن يُوفقه إلى موقع متقدّم أكثر نفوذًا وأثرًا، فهو جدير بأن يُستثمر حضوره في إحدى مؤسسات الدولة السيادية أو الإدارية، ليظل الناس على تواصل معه، وليبقى الأمل حاضرًا بأن المخلصين لا يُنسَون، بل يُعاد الاعتبار لهم من بوابة جديدة.
ومسك الختام..
للباشا الدكتور أنور أقول:
كنتَ في الميدان قدوة… فكن بعده ركيزة، وليكتب الله لك منازلَ عليا في الدنيا والآخرة، ويجعل إخلاصك وجهدك ذخراً لوطنك،