وطنا اليوم في اربد ” في هذا الوقت من كل عام ” الشمال يتزين بحبات الزيتون ويتعطر برائحة الزيت المعصور

19 أكتوبر 2020
وطنا اليوم في اربد ” في هذا الوقت من كل عام ” الشمال يتزين بحبات الزيتون ويتعطر برائحة الزيت المعصور

وطنا اليوم – لوزان عبيدات – بدأ موسم قطف الزيتون وبدأت تتبعثر حبات الزيتون في كل عام لترسم لوحة مزينه بأرقى الأشكال والألوان هكذا هي شجرة الزيتون معطاءة لها طقوسها الخاصة التي لا يمكن تكراراها ولا مع اي شجرة اخرى ، فهي تعطي العطر في جميع اشكالها سواء وهي حبوب خضراء او سوداء وحتى عند عصرها ليصبح الزيت يباهي لون الشمس المنسطع في اعلى دراجات حرارتها ، قال تعالى ” يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ” فعظمتها كبيرة وطقوسها غريبة ايادي تتكاتف وجهد مضاعف يجعل العمل له لذته الخاصة عند الجلوس تحت الشجرة واحتساء الشاي بالقرب من الشجرة المباركة .

ولأن وطنا اليوم حريصه على ان يعيش جميع اجواء ومواقف واختبارات الشعب الأردني تابعت الزميلة لوزان عبيدات مجرى تقطيف حبات الزيتون اي الحصاد وفي لغة فلاحية بحته ” الفراط ” اول بأول والتقت بعض مزارعي الزيتون، لنرى و نعيش اجمل الطقوس وليأكل اشهى المأكولات الشمالية والمغطسة بالزيت الموقد من غير نار ولإستنشاق رائحة الغصن وهي ترتاد يمينا ويسارا استعداد لقطف اطفالها الصغار بعد حملهم لعدة أشهر .

قال السيد فلاح أحمد الحتاملة:

وهو صاحب لمزرعة زيتون يوجد بداخلها 400 شجرة قد تم زراعتها منذ اكثر من ثلاثين عام ان هذه المزرعة توفر دخلا كاملا للعائلة من خلال اعطاءها لشخص اخر يريد ضمانها بالكامل مقابل مبلغ مادي قد يكون كبير وقد يكون قليل على حسب حمولة الشجرة اي ” توزن الشجرة بالعين المجردة من خلال نظرة واحده ” قد يكون أمر صعب ومعقد على الأشخاص ولكنها من أكثر العمليات سهولة للمتخصصين في هذا المجال .

وتابع الحتاملة ان ضمان هذه المزرعة يكون بالمعادلة التاليه وهي ” شجرة زيتون + حمل زائد وفير = مبلغ مالي كبير ” اي ان المحصول يكون لصاحب الضمان فقط دون ان يتم اعطاء صاحب المزرعه اي شيئ الا اذا اراد شراء القليل من محصولة ، تأتي حركة الضمان لتجنب الجهد الكبير على صاحبي المزارع من عمليات قطف و تجميع وعصر فهذه جميعها عمليات صعبه وتحتاج الكثير من الوقت ومن الصحة .

 

فيما قال السيد يوسف موسى الخالد لوطنا اليوم: انه لم يقوم يوما من الأيام بتضمين ارضه و شجره لانها تعطيه القوة والحماس عند قطفة ومن ثم العوده عليه بالربح الوفير والكبير ، وعند سؤاله عن طقوس قطف الزيتون اجاب ان للزيتون رائحة ومتعه خاصه لا تكون الا لفتره محدود فالشعور عن الانتهاء من اول شجرة يعطي حماس وقوه للبدء بالشجرة الثانية والشعور عن الانتهاء من اخر شجرة يعطي الفرح والأبتسامه الكبيرة للانتقال الى العصر واحضار الزيت الأصلي وعند اخذه بالتنك الحديد يصبح هنالك اخر شعور وهو راحة القلب والجيب هكذا وصفة الفلاح المزارع .

وأشار السيد سلميان عبدالله الرفاعي ان قطف الزيتون يشبة رحلة قصيرة جميلة ذو تعب مستمر ولكن من نوع اخر ، فتجهيز المعدات ” الشراشف والشوالات و العصي و سخانات الشاي والقهوه وصواني المكموره والكباب ” جميعها تعطي شعور لا يكون وصفه ابدا ، اما الأحاديث وعند التقاء العصا بالعصا على نفس الشجرة تعطي ذكريات قديمة للغاية ولكنها تسطر اجمل القصص والتي تبدأ بزراعة الشجرة وتنتهي بقطفها بعد أول شتوه .

و وصف علي عقالي البطاينه ان شجرة الزيتون كالزوجة ان داريتها و تعبت عليها تجد محصولها كبير اي رضاها ضخم و عظيم ، وان اهملتها ولم تقم برعايتها واعطاها حقها لا تعطيك المحصول الكبير والوفير بل قد تخيب ضنك وتجعلك لا ترى حبة الزيتون الكبيرة المشبعه بل تصب سخطها وغضبها عليك وقد تستمر هذه العملية لسنوات حتى تقوم بالرضا عنك وارجاع محصولها وفير وكبير ، وتابع ان هذه السنه كانت صعبه كثيرا على المزارعين فلم تتركهم يعتنون بالأرض بالشكل الكافي لذلك قد يكون المحصول هذه السنه قليل وقد يرتفع سعر الزيت ليصل الى 150 دينار للتنكه الواحد مما يؤدي الى ضعف عمليات الشراء من قبل الأهالي والمواطنين .

هكذا هي الأشهر الأخيرة من كل سنه تنتهي بالقطف والحصاد والأحساس بلذة العطاء والجهد والتعب المستمر ، أهل الشمال لطقوسهم غرائب وعجائب ولمجالسهم ذكريات وحكايات جميعها سطرت على تراب ارضهم وعلى غصون اشجارهم لا تهمهم التكنولوجيا ولا اي وسيلة اخر بل لقطف الزيتون تكنولوجيا خاصه بهم اختروعها من مئات السنين ولم يتخلو عنها لحظة من اللحظات ، للعطاء هم عنوان .