الإحباط يسود أوساط الكوادر الصحية بعد احتفالات الانتخابات

13 نوفمبر 2020
الإحباط يسود أوساط الكوادر الصحية بعد احتفالات الانتخابات

وطنا اليوم:سادت حالة من الإحباط الشديد بين الكوادر الصحية في المملكة، بعد مشاهد التجمعات والاحتفالات التي رافقت العملية الانتخابية والفرز التي جرت في المملكة على مدار اليومين الماضيين.
وعبر أطباء عن شعورهم بالصدمة من قيام فئات بضرب الدعوات المتكررة للتباعد الجسدي والالتزام بارتداء الكمامات بعرض الحائط، معتبرين أن ما جرى هو طعنة في ظهر الأطباء والكوادر الصحية وعدم اكتراث جماعي بتضحياتهم وتضحيات المواطنين الملتزمين بالحظر الشامل.
ولفتوا، في تصريحات إلى أن الحكومة لم تتشدد لمنعهم من التجمع منذ البداية، قائلين إن أثر هذه التجمعات سيظهر خلال الأيام المقبلة عبر ارتفاع حاد بالإصابات والوفيات وبقاء المملكة تحت رحمة فيروس كورونا الذي بدأ يفتك بأرواح العشرات من الأردنيين خلال الأسابيع الماضية.
وفي هذا الصدد، أكدت أخصائية التخدير والعناية الحثيثة في مستشفى البشير الحكومي، عضو مجلس نقابة الأطباء الأسبق، الدكتورة مها فاخوري، أنه “بالرغم من أصوات الأطباء التي علت مطالبة بتأجيل الانتخابات النيابية للعلم التام بأن النظام الصحي في المملكة هو المتضرر الأكبر من إجرائها في ظل جائحة كورونا، إلا أن ذلك لم يحدث”.
وأضافت “بتنا نفقد يومياً أرواحا عزيزة، وفقدنا لليوم 10 زملاء ممن أطاح بهم الوباء”.
ولفتت فاخوري إلى أن “ما جرى بعد إعلان النتائج من خروقات للحظر فشلت الحكومة بالتعامل معه والسيطرة الآنية على الغاضبين من جهة، والمحتفلين من جهةٍ ثانية، هو كارثة وبائية ستعصف بالأردنيين جميعا خلال الاسابيع المقبلة”.
وقالت، إن “الجسم الطبي الأردني يحمل كل مسؤول مسؤولية الإصابات التي ستسجل في الفترة المقبلة”، مشيرة إلى أن “المستشفيات ممتلئة تقريبا ومرضى كورونا في الحالات الحرجة قد يحتاجون للبقاء في وحدات العناية الحثيثة من 14 يوما إلى 30 يوما، مع معاناة كبيرة في نقص الكوادر الطبية والأسرة”.
وأوضحت فاخوري، “أرجو ألا نفقد المزيد من الأرواح والتي كان يمكن إنقاذها لو لم يصم المسؤولون آذانهم عن صرخات أصحاب الاختصاص”، مبينة أنه لا أحد من الأطباء يجد مبرر واحد مقنع لما حدث من خروقات.
وأضافت، “طبعاً الحكومة ستلقي باللوم على المواطن، ولكن المنطق يقول إن هذه الحكومة فشلت فشلاً ذريعاً في أولى مهامها وإنها قامرت بأمننا الصحي”.
بدوره، قال أخصائي جراحة العظام في مستشفى الأمير حمزة، الدكتور مظفر الجلامدة، إن الحكومة المسؤولية الاساسية لما سيحدث من ارتفاع في عدد الاصابات وتفاقم الوضع الوبائي نحو الأسوأ في الوطن بسبب موعد الانتخابات وتوقيتها أولاً، وعدم الاستجابة لنداءات الأطباء بالتأجيل والتريث فيها.
وأكد أن “الحكومة تتحمل مسؤولية عدم تطبيق قانون الدفاع في الحظر الشامل بالصورة المعروفة والذي كانت الغاية منه منع هذه التجمعات والاحتفالات والتواجد في المقرات بهذه الاعداد والتي سيكون لها أثر واضح بتضخم الوضع الوبائي خلال الأيام المقبلة وزيادة الضغط بشكل كبير وغير متدرج على القطاع الصحي المحلي”.
ولفت إلى أنه “وبعد المشاهد المؤلمة التي رآها الأردنيون في الانتخابات وما رافقها من اختلاط كبير، فإن الكوادر الطبية تشعر بضياع جهودها وعدم تقديرها وزيادة أعباء العمل عليها وإهدار وقتها في التوعية والعلاج والعمل خلال الشهور السابقة”.
وبين الجلامدة أن “التزام معظم المواطنين بإجراءات التباعد والوقاية، بدده عدد ليس بقليل من المحتفلين وغير الملتزمين وخلطوا الحابل بالنابل”، منوها إلى أنه مما يدعو للشك ان عددا كبيرا من المصابين قد خالط هذه الجموع حيث ان 20 % من المواطنين مصابون وستظهر الإصابات الجديدة بأعداد كبيرة خلال الأيام المقبلة مع الأسف”.
وفي السياق ذاته، تساءل أخصائي التخدير والعناية الحثيثة في مستشفى الأمير حمزة، الدكتور أحمد العطي، “هل سيصمد القطاع الطبي الأردني؟”، لافتا إلى ان “النتائج الحقيقية للعرس الديمقراطي (الانتخابات النيابية) في المملكة ستبدأ بالظهور بعد أيام قليلة، ألا وهي نتائج الاختلاط الكارثي وتجاهل أبسط أعمدة وقواعد السلامة العامة وهي لبس الكمامة والتباعد الاجتماعي”.
وقال إنه وكطبيب اخصائي في التخدير والعناية الحثيثة، يعمل في مستشفى الامير حمزة من شهر آذار (مارس) الماضي بداية الجائحة في الاردن مع مرضى كورونا الذين هم في حالات حرجة، صُعق من مشاهد الاختلاط الأخيرة وتساءل في ذهنه عن مدى قدرة النظام الصحي الأردني بالصمود.
وأوضح أن “المشكلة الحقيقية ليست في ازدياد الاعداد الاجمالية للاصابات اليومية بل في عدد المصابين الذين سيكونون بحاجة للتدخل الطبي داخل المستشفى وفي عدد الاسرة المتاحة حاليا وفي عدد اجهزة التنفس الاصطناعي او الاجهزة الداعمة للتنفس”.
وشدد العطي على أنه وزملاءه من الأطباء صعقوا بعد أن شاهدوا المواطنين يتجمهرون خلال احتفالاتهم بنتائج الانتخابات، مبينا أن إحباطا شديدا خيم على الجسم الطبي والتمريضي من تصرفات فئات في المجتمع ضربت كل الجهود المبذولة بعرض الحائط منذ بدايه الجائحة.
وتأكيدا على حالة الاحباط التي أصابت الكوادر الطبية بعد انتشار مقاطع الفيديو الخاصة بإطلاق النار والاحتفالات التي تلت نتائج الانتخابات، أكد مسؤول ملف كورونا في وزارة الصحة، الدكتور وائل هياجنة، أن ما حصل من تجمعات خلال الفترة الماضية، سواء من تجمعات خلال الانتخابات أو قبلها في المطاعم والمولات والأسواق، تعد بمثابة وسيلة ناجعة جدا لنشر الفيروس بين الناس والمجتمعات المحلية.
وأوضح هياجنة في تصريح لـ”الغد”، أنه إذا كان الأردن قبل شهر بحاجة للتقليل من التجمعات، فإن الوضع حاليا أصبح بحاجة طارئة إلى منع هذه التجمعات بأي شكل من الأشكال.
وبين أن الفيروس أصبح منتشرا بين الناس، بحيث أصبحت النتائج الإيجابية للإصابات تقدر بمعدل 22 إصابة من كل 100 مواطن، إضافة إلى أن الجسم الطبي في المملكة بات مرهقا جراء عدد الحالات التي تدخل يوميا إلى المستشفيات والتي بحاجة إلى عناية حثيثة وأجهزة تنفس وغرف عزل.
وشدد هياجنة، على أنه إذا تم إرهاق الجسم الصحي فستكون الحكومة مضطرة إلى اللجوء إلى إجراءات جذرية، داعيا المواطن الذي وصفه بـ”الذكي”، أن يلتزم بالأيام القليلة المقبلة بالامتناع عن التجمعات ولبس الكمامة والتباعد الجسدي واستهدام المعقمات وحماية نفسه وعائلته وأقربائه الكبار في السن.
ووجه هياجنة شكره للكوادر الصحية التي تعمل ليل نهار في مكافحة الوباء، مبينا أنهم قدموا حياتهم وأهلهم ووقتهم، وأصيب الكثير منهم حتى يحموا المواطن والوطن.
ولفت إلى أن الجسم الطبي الأردني، يهدف إلى حماية المواطن فقط، داعيا المواطنين إلى أن اتباعهم لأساليب الوقاية هو خير شكر للكوادر الطبية.
وحول أعداد المتعافين في المملكة وتأثير ذلك على تصنيف الأردن وبائيا في العالم، بين هياجنة ان الوزارة ستقوم خلال الأيام القليلة المقبلة بإعلان عدد كبير من المواطنين المتعافين من الوباء، متوقعا أن هذا العدد ضخم يتعدى عشرات الآلاف، بعد أن قامت كوادر الوزارة بالتواصل معهم هاتفيا وبطرق أخرى.