وطنا اليوم:يبدو أن مسالة تطوير النظام الانتخابي الأردني بحيث تشمل توفير غطاء قانوني أو آلية ولو مستقبلا لمشاركة قطاع واسع جدا من الاردنيين العاملين او المقيمين في الخارج في عملية سياسية وتنموية ووطنية اصبحت تحظى بقدر ملموس من الاهتمام بالنسبة لأعضاء في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية حيث سبق لآلاف الاردنيين المغتربين في الخارج وفي عدة لقاءات ومؤتمرات ان طالبوا بالسماح لهم بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية التي تخص بلادهم.
وهو أمر لم يكن متاحا منذ التحول الديمقراطي في البلاد عام 1989 ولسبيين على الارجح كما يقدر الخبراء واعضاء البرلمان انفسهم وهما أولا – عدم توفر غطاء قانوني ودستوري لمسالة تطوير نظام الاقتراع عن بعد.
وثانيا – وجود خلفيات سياسية وأسباب لها علاقة بحسابات بعض الدول المجاورة والتي يوجد فيها كثافة ديمغرافية من الاردنيين بسبب المصالح الاقتصادية ومخاوف بعض الدول من انتقال عدوى الانتخابات والديمقراطية بصفة عامة.
تلك أسباب تبدو قديمة لكنها صمدت لثلاثة عقود على الاقل والفرصة تغيرت حتى في بعض دول الجوار مما منح بعض اعضاء لجنة الحوار الملكية خصوصا عندما يتعلّق الأمر بملف قانون الانتخاب فرصة لوضع مسالة تصويت المغتربين مرحليا على طاولة البحث هذه المرة وفي عمق مجالسات العصف الذهني بعدما نص خطاب التكليف الملكي للرئيس سمير الرفاعي واعضاء اللجنة وبوضوح على مبدأ تعزيز مشاركة الأردنيين في العمل السياسي والانتخابي.
فكرة تصويت المغتربين اصبحت مطروحة ويهجس بها ويتحدث عنها بعض أعضاء للجنة الفرعية في اللجنة الملكية المعنية بملف الانتخابات.
ويعتبرها كثيرون الآن من مقاييس تلك الخطوات الاصلاحية الممكنة وقليلة الكلفة والتي من الصعب الاختلاف عليها إذا ما تقرّر المضي قدمًا بخطة التحديث التي أمر بها الملك عبد الله الثاني شخصيا.
وهنا تحديدا كان عضو لجنة الحوار الملكية محمد صقر أول من علق الجرس وتلقى إسنادا من عدة زملاء له في اللجنة بصورة منهجية تؤدي إلى توثيق إقتراحات وطنية بخصوص تصويت المغتربين وعلى اساس توسيع قاعدة المشاركة الشعبية.
صقر وفي عدة مداخلات موثقة داخل اللجنة الملكية تحدّث عن مخزن استراتيجي ووطني تميز دوما بالشغف بالمشاركة السياسية وعن كتلة تصويت كبيرة من خيرة الأردنيين لم يعد من اللائق أن تبقى خارج صناديق الاقتراع وهم شرائح المغتربين داعيا الى توفير ضمانات تسمح لهم بالمشاركة في الانتخابات المقبلة ترشيحا واقتراعا ومعتبرا أن تمكين المغترب الاردني من المشاركة السياسية في بلاده قرار يتطلب الجرأة بدون تعقيدات ويضاعف المكاسب الاقتصادية والاجتماعية والاستثمارية أيضا فالمغتربون احتياط استراتيجي كما قدر.
وفي عدّة نقاشات لها علاقة بحوار قانون الانتخاب دعم أعضاء آخرون في اللجنة لتفكير بخطة تحفيزية تشرك عدة شرائح بقيت بعيدة عن الاقتراع بما في ذلك المغتربين وحتى أبناء المؤسسة العسكرية كما اقترح عضو اللجنة محمد الحجوج.
وتصويت المغتربين أيضا خطوة الاتجاه السليم برأي عدّة أعضاء آخرون في اللجنة من بينهم نقيب المهندسين أحمد سمارة الزعبي وخبير الانتخابات الاكثر ديناميكية جميل النمري وحتى المغتربين من أعضاء اللجنة لا يُمانعون مثل هذا الخيار الآن.
ويبدو أن ملف تصويت المغتربين دخل حيّز النقاش ورئيس لجنة الانتخابات الفرعية خالد البكار لا يعارض ذلك والنيّة قد تتجه الى صيغة متوازنة ومعتدلة تخفف من الحساسيات والحسابات السياسية ولا تؤدي إلى أي احراج وهي صيغة قد تدفع باتجاه التوصية ولو في الاطار العام بتوفير ملاذ قانوني للمغترب الأردني للمشاركة ضمن ظروف ومعايير تسمح بذلك في هذه المرحلة على الأقل.